لقاء سوريا حرية « الثورة السورية بعد ثلاث سنوات » عمر الأسعد

Article  •  Publié sur Souria Houria le 9 juin 2014

Photo_عمر الأسعد

الثورة السورية بعد ثلاث سنوات
حوار مع فرنسوا بورجا

عمر الأسعد
ضمن سلسلة نشاطاتها الدورية استضافت جمعية سوريا حرية في ندوتها الشهرية يوم الأحد 1/حزيران 2014، الكاتب والباحث الفرنسي فرانسوا بورجا، وهو واحد من أهم الباحثين المهتمين بتاريخ العالم العربي المعاصر، وكان شغل عدة مناصب في مؤسسات فكرية وبحثية منها توليه إدارة المعهد الفرنسي للشرق الأدنى بين عامي 2008/ 2013
أدار الندوة الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك، مستعرضاً عنوانها « الانتفاضة السورية بعد ثلاث سنوات » على ضوء الكتاب الذي حرره وجمعه بورجا بعنوان  » pas de printemps pour la Syrie » أو « لا ربيع لسوريا »، وهو كتاب يتضمن 28 مقالة لعدد من الكتاب والصحفيين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط، كان بورجا عمل على جمعها وتحريرها مضيفاً إليها مجموعة من الحوارات/الشهادات مع ناشطين وصحفيين، إضافة إلى ترجمة لبعض أغاني الثورة وشعاراتها في محاولة لتقديم صورة عن الثورة السورية ومآلاتها

استهل مردم بيك أسئلته منطلقاً من عنوان الكتاب « لا ربيع لسوريا » متسائلاً « لماذا لا ربيع لسوريا؟ » ، محاولاً استيضاح رأي الكاتب ودلالة هذا العنوان، وهنا أكد بورجا أن اختيار هذا العنوان هو للدلالة عن اختلاف الوضع في سوريا عنه في بقية دول الربيع العربي، وذلك استناداً لوضعها وموقعها ضمن الإقليم « الشرق الأوسط »، إضافة لاختلاف بنيتها وتركيبتها الديموغرافية وهي واحدة من الأمور التي استغلها النظام منذ اللحظة الأولى في مواجهة الثورة من خلال ترويجه لفكرة حمايته للأقليات، معززاً دعايته هذه بعد ظهور السلفية الجهادية التي تهدد الثورة اليوم، مشيراً إلى العلاقة القوية بين النظام وعناصر من هذه التنظيمات خاصة وأن أسماء كثيرة من قياداتها كانت معتقلة في سجونه، إضافة إلى خبرته الواسعة في التعامل معها من خلال علاقة طويلة جمعت النظام والتنظيمات الجهادية التي سهل عبورها إلى العراق بعد عام 2003 ولبنان ، كذلك وفي مجمل استعراضه لاختلاف الوضع السوري ضمن الخارطة الاقليمية للشرق الأوسط أشار بورجا إلى الضغوطات التي مارسها النظام على دول الاقليم في محاولته لتصدير أزمته للخارج مستغلاً علاقته ببعض التظيمات الكردية في تركيا، وبمجموعات من داخل الطائفة العلوية قدمت له التأييد والدعم أيضاً

استطرد بورجا ليقدم صورة أيضاً عن وضع المعارضة السورية المفككة وصورتها خاصة بعد دخول التنظيمات الجهادية على خط الصراع القائم مع نظام الأسد، مؤكداً أن محاولات الدعم والتضامن مع سوريا اصطدمت بالشكل الذي قدمته المعارضة عن نفسها وعن الوضع في سوريا، ما ترك أثراً سلبياً على الرأي العام العالمي اتجاه ثورة السوريين

بعد هذا قدم بورجا تحليلاً حول وضع التنظيمات الجهادية وهو صاحب كتابين سابقين في الشأن الإسلامي أحدهما كان محوره فكر تنظيم القاعدة، بدأ بورجا بإيضاح الصورة للتنظيمات الجهادية بناء على المعلومات التحليلية المتواترة في الفترة الأخيرة عن وضع هذه التنظيمات في سوريا، مؤكداً أن أسماء قيادية كبيرة اليوم على الساحة السورية لقيادات جهادية وإسلامية كان نظام الأسد أخرجها من سجونه إبان الثورة، وذلك ليترك لها حرية النشاط الجهادي ما سيسهل عليه مواجهتها بالعنف تحت يافطة محاربة الإرهاب، وبهذا لم يخف اعتقاده بوجود الارتباطات الأمنية بين بعض هذه التنظيمات الجهادية وجهات استخباراتية إقليمية أو تابعة للنظام السوري، منوهاً بدور جهاديين قادمين من أوروبا إلى سوريا اليوم، محاولاً تشخيص الأسباب لتي تدفع مواطناً أوروبياً للالتحاق بالجهاديين بأزمة الهوية والتهميش التي يلقاها هؤلاء في مجتمعاتهم الجديدة خاصة وأن غالبيتهم الساحقة من المهاجرين أو أبناء المهاجرين القادمين لأوروبا

كذلك شرح بورجا وجهة نظره في الفوارق ما بين التنظيمين الجهاديين الأبرز على الساحة السورية اليوم وهما « الدولة الإسلامية في العراق والشام » داعش وجبهة النصرة، مؤكداً أن داعش تحوي أكثر من 78 جنسية ضمن صفوفها والفارق الاساسي بينها وبين النصرة هو تغليبها العناصر الجهادية غير السورية على العناصر السورية، كذلك تأكيدها على أولوية إقامة الدولة الإسلامية وجعلها هدف سابق لإسقاط النظام، ويؤكد بورجا أن احتمالية وجود الاختراقات الأمنية في جسد هذا التنظيم هي أعلى منها في جبهة النصرة، كذلك نوه بفوارق من حيث طبيعة العمليات التي ينفذها التنظيمين وتوقيت إعلانهما وشكل تواجدهما الجغرافي وطبيعة ارتباطاتهما سواء ضمن الخارطة السورية أو مع القوى الداعمة والممولة خارجها

إلى هذا حاول بورجا أن يقدم إضاءة على مجموعة من النقاط منها العلاقة بين التنظيمات والأحزاب العلمانية والتجربة السياسية للإسلاميين في سوريا مدعماً هذا بشواهد تاريخية حول أحداث حماة 1982 ومحاولاً تقديم أمثلة موازية إيجابياً وسلبياً بعد تجربتي مصر والتي انتهت بإسقاط حكم الأخوان المسلمين هناك، بينما استطاعت حركة النهصة بقيادة راشد الغنوشي أن تتجاوز مراحل هامة من أزمتها في تونس، داعياً ما أسماه « نادي 3 بالمئة النخبوي التحرري العلماني » إلى ضرورة التلاقي مع إسلاميين، منوهاً لأهمية التحالف ما بين العلمانية المعتدلة والاسلامية المعتدلة لإحداث تغيير عميق ومستدام لأن الإسلام سيكون ممراً إجبارياً بمرحاة التحرر من الاضطهاد وتشكل الهوية في المنطقة

بعدها أجاب بورجا على مجموعة من الأسئلة التي طرحها الجمهور والتي تركزت حول الدور التركي خلال الثورة السورية ومدة تأثير تجربته على المنطقة، ومسؤولية السوريين بشكل عام والأحزاب والتجمعات العلمانية عن الثورة والعلاقة بينهم وبين القوى الإسلامية الموجودة، خاصة في ظل عدم استغناء بعض هذه القوى عن مبدأ الحاكمية
وهنا أوضح بورجا أنه من الطبيعي أن يكون الاهتمام التركي بالشأن السوري عميقاً وذلك كونه يؤثر عليها داخلياً من خلال عدة مستويات سواء على الصعيد السياسي أو الديمغرافي أو حتى الاقتصادي وغيرها، كذلك نوه إلى حملات العنف والاعتقال التعسفي التي تعرضت لها قوى ديمقراطية وعلمانية في الساحة السورية، وتغييب النظام لمجموعة كبيرة من النشطاء والمعارضين المحسوبين على صفوف الديمقراطيين، مؤكداً على أهمية فتح قنوات التواصل بين علمانيين وإسلاميين وهذا ما أمكن حصوله في مختلف دول الربيع العربي منوهاً إلى بيانات الأخوان المسلمين في سوريا والتي تحدثت عن قبول بالدولة المدنية والعملية الديمقراطية

يذكر أن هذه الندوات تنظمها جمعية سوريا حرية بشكل شهري، ويشرف عليها ويديرها الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك، وكانت الندوة الأولى استضافت الصحافية السورية هالة قضماني والروائية السورية روزا ياسين حسن والكاتب اللبناني زياد ماجد، فيما ستعقد الندوة الثالثة يوم الأحد 29 حزيران/ يونيو 2014