المبتهجون بالتطبيع التركي-الإسرائيلي – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 4 juillet 2016

manar-rashwaniلا يحتاج الأمر أي عناء لاستنتاج أن الأكثر ابتهاجاً وسعادة بإعادة تطبيع العلاقات التركية-الإسرائيلية، ولو إلى حين، هو فريق « الممانعة والمقاومة » وأنصاره؛ لسببين رئيسين.
السبب الأول يبدو بدهياً حتماً. إذ إنه منذ التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، إلى جانب إيران ومليشياتها الطائفية متعددة الجنسيات، حماية لبشار الأسد، صار هذا الفريق في وضع حرج (كما يُفترض على الأقل)؛ بحكم تهاوي ذرائعه ومبرراته لما يرتكبه من جرائم بحق الشعب السوري، في ظل التنسيق الروسي-الإسرائيلي الحميم بشأن العمليات العسكرية في سورية، وأبعد منها بالضرورة.
لذلك، فرغم أن العلاقات التركية-الإسرائيلية قديمة قدم قيام إسرائيل تقريباً، فهي تعود إلى العام 1949؛ واستمرار هذه العلاقات منذئذ بلا انقطاع وعلانية على الصعد كافة، حتى بعد الهجوم الإسرائيلي على سفينة مرمرة في العام 2010، الذي أدى إلى تجميد العلاقات الدبلوماسية والتعاون العسكري والأمني، لكن ليس التبادل الاقتصادي؛ رغم ذلك، سعى « الممانعون المقاومون » إلى تصوير إعادة تطبيع العلاقات التركية-الإسرائيلية على أنه بمثابة اعتراف بإسرائيل للمرة الأولى، يرقى لهزيمة لتركيا، ولاسيما رئيسها رجب طيب أردوغان!
وقد كان ضرورياً في هذا السياق إعمال المعايير المزدوجة، بالتغاضي عن الاعتذار الإسرائيلي عن الهجوم على سفينة مرمرة، ودفع تعويضات لذوي الضحايا الأتراك الذين قضوا عليها، مع عدم تردد فريق « المقاومة » ذاته، بالمقابل، في تصوير اعتذار الرئيس أردوغان لنظيره الروسي فلاديمير بوتين عن إسقاط الطائرة الروسية التي خرقت الأجواء التركية قرب الحدود السورية، على أنه هزيمة تركية أخرى!
هكذا، تكون المحصلة أن أقصى ما صار يسعى إليه « الممانعون المقاومون » من إنجاز ونصر، هو القول: « ما حدا أحسن من حدا… الجميع مطبعون متعاملون مع إسرائيل »!
إلا أن السبب الأهم لابتهاج « المقاومين الممانعين »، وليس في الأمر أي غرابة أبداً، فهو استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، نتيجة عدم تضمن بنود تطبيع العلاقات التركية-الإسرائيلية إنهاء لهذا الحصار، كما كان يشترط الأتراك سابقاً. وهنا لم يكن كافياً أبداً القول بـ »فشل » تركي، بل كان لا بد من المضي خطوة أخرى بادعاء تفريط تركيا بالغزيين! ولعل مثل هذا القول محق من أي فريق كان إلا محور « المقاومة والممانعة »؛ لا لأنه ينسق مع إسرائيل اليوم عبر روسيا، بل أيضا لأن إيران التي تتزعم هذا المحور، وتتباهى بإلحاق أربع عواصم عربية بها (بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء)، ترسل قواتها ومليشياتها إلى كل مكان سوى فلسطين التي باسمها تقتل العرب. وقائد « فيلق القدس » قاسم سليماني، يظهر في غير مكان عربي، إلا القدس؛ مع احتمالية أن يكون قد زارها إبان مفاوضات « إيران-غيت » للحصول على السلاح الإسرائيلي خلال الحرب مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي.
وسعادة « المقاومين الممانعين » باستمرار حصار غزة ينسجم تماماً مع سياسة هذا الفريق تاريخياً. إذ كان المطلوب دوماً استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان، واستمرار الفظائع الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، فقط لتبرير الفساد والاستبداد باسم التحرير الذي لم يأت ولن يأتي طبعاً على يد هؤلاء. وحتى هذه اللحظة، ومع العلاقات الاستثنائية الروسية-الإسرائيلية، لا يبادر « الممانعون المقاومون » إلى الطلب من موسكو التدخل ولو بالحد الأدنى لتحسين حياة الفلسطينيين.
مرة أخرى، يؤكد « المقاومون الممانعون » أن فلسطين والفلسطينيين ليسوا سوى ذريعة يستخدمونها لمصالحهم؛ يكفي شاهداً أوضاع الفلسطينيين في لبنان الذي تسيطر عليه إيران عبر حزب الله « المقاوم الممانع ». بل ويقوم الحزب وحلفاؤه اليوم بتجييش اللبنانيين ضد اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في لبنان بشكل غير مسبوق، رغم أن حزب الله ما دخل سورية، كما يقول حسن نصرالله، إلا بحثاً عن الطريق إلى فلسطين!