ثلاثة أسئلة ل فاروق مردم بيك، رئيس جمعيّة “سوريا حريّة” بمناسبة مرور خمس سنوات على التأسيس

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 juillet 2016

بعد خمس سنوات من توجّه واضح الأهداف وجهود كثيفة وعلاقات واسعة على ‪ كافة المستويات، ما هو تأثيركم في فرنسا إن كان على المستوى السيّاسي أم في الرأي العام؟

علينا أن نعترف أوّلاً  بأنّ جهودنا، وإن أسفرت عن بعض النجاحات في الميادين الإعلاميّة والثقافيّة والإنسانيّة، وعلى الرغم من شبكة العلاقات الواسعة نسبيّاً التي نسجناها، لم تُحقّق ما نتمنّاه من تأثيرٍ في الرأي العام العريض لأسبابٍ موضوعيّة سأشرحها فيما بعد. ربّما نجحنا في أمرين أعتبرهما مهميّن في الوقت الذي كثرت فيه دواعي الإحباط والتهاتر العقيم:الأوّل، هو الديمومة بفضل التمسّك بمُنطلقات الثورة، وتواتر النشاطات بصورةٍ منتظمة، وتنويعها، ومواكبة الأحداث الجارية، والانفتاح على جميع الجمعيّات والمُبادرات الديموقراطيّة، والاستقلاليّة التامّة عن أيّ جهةٍ حكوميّة أو غير حكوميّة من الناحيتين السياسيّة والماليّة.والثاني، هو المصداقيّة التي توفّرت لجمعيّتنا شيئاً فشيئاً في المجتمع المدني ومؤسساته وفي الأوساط الثقافيّة والصحافيّة.

ما سبب غياب التضامن الشعبي مع قضيتنا برأيكم؟

نفترض عادةً  أنّ الشعوب الأوروبيّة تتضامن عفويّاً مع جميع القضايا العادلة في العالم، وهو افتراضٌ خاطئ، وبالأخصّ في الظروف الراهنة بسبب طغيان الهموم السياسيّة والاقتصاديّة المحلّيّة على ما عداها. وهي اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى لا تُبالي بما يجري في العالم إلّا إذا كان يمسّ مصالحها المُباشرة، سلباً أو ايجاباً. والحال، أنّ الاهتمام بما جرى ويجري في سوريا ينحصر منذ سنتين بتدفّق اللاجئين، من جهةٍ أولى، ومن جهةٍ ثانية بالإرهاب الداعشي وغيره حتّى لو لم تكن دوافعه على صلةٍ بالأوضاع في سوريا.في بداية الثورة، في سياق “الربيع العربي”، كان الرأي العام الفرنسي مُتعاطفاً إلى حدٍّ ما مع الشعوب العربيّة، ومنها الشعب السوري، ولكنّ هذا التعاطف سرعان ما انحسر بسبب التطوّرات اللاحقة في ليبيا ومصر واليمن…أمّا فيما يتعلّق بسوريا، فمن المؤكّد أنّ بروز التنظيمات الجهاديّة بعد عسكرة الثورة حرمها حتّى من التعاطف الإنساني. ولمّا كان الناطقون الرسميّون باسم المُعارضة على ما رأيناه من الضحالة والتشرذم والتبعيّة، إلّا في حالاتٍ نادرة جدّاً، فقد تعذّر على الجُمهور فهم حقيقة الأوضاع، ونُظر إلى الثورة على أنّها فحسب صراعٌ بين المحورين الإقليميّين تمخّض عن حربٍ أهليّة طائفيّة.

يشهد واقعنا السوري منذ خمس سنوات غزارة كبيرة بالمبادرات الجماعيّة والفرديّة، قد تكون أقرب إلى التشرذم منه الى التنوع والاختصاص، مع غياب مظلّة جامعة، فهل في هذا نقطة ضعف أم قوّة برأيكم؟

هذه المُبادرات الجماعيّة والفرديّة، على حيويّتها وجدارتها في مُختلف الميادين، تعكس في تشرذمها واقع المُعارضة الوطنيّة الديموقراطيّة السوريّة، أعني غياب الفاعل السياسي القادر على توحيدها، أو على الأقل على التنسيق بينها، بغية تثميرها في الصراع مع النظام الأسدي، على الأرض وفي المحافل الدوليّة. ولا شكّ في أنّ هاتين الظاهرتين، الفراغ السياسي والتمزّق المُجتمعي، أوّلاً وآخراً، من آثار  الاستبداد الممتدّ منذ اكثر من خمسة عقود.