داريا .. وما تبقى لنا في سورية – مانيا الخطيب

Article  •  Publié sur Souria Houria le 30 août 2016

لا بد أن واحداً من أقسى المشاهد التي ستبقى خالدة في وجداننا هو، خروج نشامى داريا بعد أن وقفوا في وجه العالم بأجمعه و قاتلوا لسنوات عصيبة، على بعد بضعة كيلومترات من مقر العصابة الحاكمة في دمشق.

بعضاً من الغربان الذين يقعون على وقع الخراب بدؤوا بتوزيع نعوات الثورة السورية، وكأن إخراج بضعة مقاتلين أشداء وفرسان سوريين اضطروا بشرف لأن يتعاملوا مع الواقع الأليم لأنه لم يعد أمامهم من خيارات، كاف لأن توقف حركة التاريخ.

المشكلة أننا بعد هذه السنوات الملحمية في سورية، لا زال هنالك هوة كبيرة جداً بين ما قدمه أهالي سورية من تضحيات تفوق الوصف، وما قدمه شباب سورية من ثورة سلمية رفيعة المستوى وضعت العالم حقاً في حيرة من أمره، وفكر في كيف يمكنه اختراقها والتشويش عليها ومحاولة تفكيكها، وما قدمته المقاومة العشبية في مواجهة حرب الإبادة الممنهجة، من كفاح حتى الرمق الأخير
وبين تحويل كل هذه المنجزات إلى حيز السياسة ضمن كوادر سورية تجيد ترتيب بيتها الداخلي وتجيد وضع المصلحة الوطنية السورية فوق أي اعتبار حزبي أو فئوي أو مصلحي، وتتخلص من عقدها النفسية المزمنة.

أما الجيل الذي تمرد على واقعه، وقام بالثورة، فإنه لم يتمكن حتى اليوم من تنظيم نفسه وترتيب أموره بشكل كاف لتحويل الملحمة السورية إلى انجازات سياسية.
انني أتحدث من واقع تجربة طويلة وكثيفة في هذا الميدان، ماشهدته من سوء الأداء للقوى الرسمية التي تزعم العمل لصالح الثورة، وما رأيته من رداءة التنسيق، وضعف التنظيم، والأخطاء السياسة الكبيرة التي تفسرها تصرفات الأنانية والانتهازية، والوصولية، وحب الظهور تكاد تقضي على أهم الانجازات البطولية التي حققها أهل سورية وتفقد إيمان الناس بما خرجوا من أجله.

تصرفات وأفعال مجللة بالخزي والعار مقابل تضحيات جليلة لأهالي سورية
ما تبقى لنا هو أن نعلن النفير العام لنجمع جهودنا لتغليب المصلحة السورية العليا على أي أمر آخر، ونرتب وننظم أمرنا ونضبط إيقاع تصرفاتنا ووعمل كوادرنا .. ونبني على انجازات أهلنا سواء من

بقي منهم في الداخل أم من هم في الجاليات السورية المنتشرة في أنحاء المعمورة.
كل التقاطعات الدولية والاقليمية لا يمكنها أن تصل إلى أي حل بدوننا، بدون السوريين ليس هناك من أي حل، وبدون أن نعيد تعريف سوريتنا وصياغة عمل متين مشترك ستبقى الساحة خاوية للاستثمار في الفراغ.

مانيا الخطيب
هلسنكي

28.8.2016