سلام كواكبي يكتب: السوريون.. من القوارب إلى النوادب

Article  •  Publié sur Souria Houria le 15 avril 2016

[L'entretien] Salam Kawakibi : « La base sociale de Daech en Syrie est très limitée »

تزوجها الأجنبي من دينها، وهو التقي، الورع، والباحث عن « سترها » من ذئاب المجتمع الجديد الذي أقامت فيه في البلد الجار لسوريا، والذي يمنع قانونه الحديث والمتطور تعدد الزوجات

كان هذا الشهم من المتزوجين، فاضطر إلى اللجوء إلى زواج غير رسمي « على سنة الله ورسوله » دون ترك أي أثر له في سجلات « الفسق والفجور » المدنية

قال لها، وهي الشابة الفاقدة لكل بارقة أمل، والتي تخلّى عنها أهلها بسبب حاجة اللجوء وخواء الحكمة، إنه يبحث عن الخلفة الصالحة، وزوجته لا تنجب. فالموروث المشوه، قد أقنعه، كما غالبية الذكور، أن عدم الإنجاب هو نقصٌ وعيبٌ لدى المرأة ليس إلا. وما أن أنجبت له الزوجة الثانية / الضحية الذكر الأول، احتفظ به وقام بإعادتها إلى بيت أهلها، كأي سلعة، بلا أي وازعٍ من ضمير ولا تعويضٍ من جيب ولا تأنيب نتيجة هذا الاغتصاب « الشرعي »

خُيّل لها أنها في بلد لديه قوانين. هددته باللجوء إلى المحاكم. فقال لها بأن زواجهما غير قانوني وبأنه لا يوجد لديها أي دليل ملموس تثبت من خلاله الواقعة، ولكنه شرعي دينياً ما دام وقع في حضور متعمم وكان فيه من شهد على « حسن النوايا »، وختم قائلاً : »بلّطي البحر »

آلاف من الحوادث كهذه تقع يومياً للسوريين اللاجئين في أرجاء الدول المجاورة، وتكون المرأة، كما في غالب التجارب التاريخية، ضحية مزدوجة لعسف النظام وقسوة اللجوء واستغلال الرخيص من النفوس لدى أقرانهم أو جيرانهم. وهنَّ مستضعفات نتيجة تقاطع عوامل متشعبة المكونات وموغلة في تقاليد مجتمع لم تساعد الثورة القائمة جزء هام منه في الثورة على مسارات مريضة أو منحرفة اجتماعياً وثقافياً واجتهادياً

أضحى السوري والسورية مادة للندب والشفقة في أفضل الحالات، ومواد للتمييز والاستغلال والشتم وتحميل مسؤولية موبقات الأيام في مشرق الأرض وغاربها في حالات أخرى. وعلينا أن لا ننسى دائماً أن السيد الأمين العام للأمم المتحدة، صاحب القلق الدائم، والذي لا يتوقف عن تكرار التعبير عن قلقه  وحزنه المترافق مع امتعاض بعض عضلات الوجه، على ما يلاقيه السوريون والسوريات من شظف في العيش وسوءٍ في المعاملة نتيجة « الحرب » القائمة في بلادهم. وهو في تعبيراته الزجلية هذه، يبتعد ابتعاداً قدسياً عن تحميل المسؤولية إلا لمن رحم ربي. يؤازره في القلق زعماء عرب وأوربيون وأميركيون كثر، لا يتوقفون عن الإشارة إلى قلقهم المشوب بالحزن المبلل ببعض من العبارات اللزجة المناسبة لكل زمان ومكان، والقابلة لالباس موقفهم في كل مقتلة


المرأة هي التي « تفتن » وكأننا بالرجال حيوانات جنسية تشتم رائحة الفتنة كما يشتم البعير رائحة الروث ليعرف موعد مرور أنثى القطيع. » – سلام كواكبي

وحتى لا يكون مشجب الآخرين، كالعادة، سهل التعليق عليه والتعلّق به، فمن الأجدر الإشارة إلى ضعف بنيوي في المجتمع السوري، والذي لا يمكن تحميل مسؤوليته فقط إلى عامل تعاقب عقود خمسة من الاستبداد والحكم الشمولي أو الدكتاتوري، بل أيضاً، وخصوصاً، إلى حمولة اجتماعية وثقافية قصّرت جميع نخب هذا المجتمع، المتعاقبة عليه والمعاقبة له، على التصدي لها، معتمدةً إما على الدوران حولها أو تجاوزها قفزاً عبر نصوصٍ شعاراتية فقيرة بالرسالة التكوينية لوعي جمعي ظمآن

فالتصرفات المفجعة حقاً، والتي تتعامل من خلالها بعض المجموعات مع المرأة، يجعلن من الصعب بمكان الاقتصار على تحميل الآخر شرور وعواقب الانتهاكات التي تتعرض لها من كل حدب وصوب. فهي الجانية بعرفهم حتى لو كانت الضحية بكل قوانين الدنيا وقواعد أخلاقيات الدين وغير الدين. هي التي « تفتن » وكأننا بالرجال حيوانات جنسية تشتم رائحة الفتنة كما يشتم البعير رائحة الروث ليعرف موعد مرور أنثى القطيع. هي العار وهي الشرف ويجب سترها ولو كان على حساب تطورها الذهني والجسدي. هي « الضلع القاصر » وهي نقطة ضعف العائلة. وتتعدد صفات الخذلان بكل أنواعها لتوصم بها المرأة، وتتعدد الممارسات الإجرامية بحقها والتي يتوزع مسؤوليتها الجاني المباشر والجناة الكثر غير المباشرين في محيطها العائلي والاجتماعي

الندب الكلامي مستمر على مصير السوريين والسوريات، وكما يُقال، فلا جمارك على الكلام. الانتهاكات مستمرة بحقهم ولا يسعهم إلا الهروب باتجاه الغرب الذي يقايضهم مع جيرانهم كسلع في مرحلة التصفيات الموسمية

السوريون والسوريات « يُبلّطون » البحر فعلاً ماخرين عبابه بقوارب « البالم » المهترئة. وقيعان المتوسط بدأت تتلون بألوان عيونهم الجميل المتطلعة إلى غدٍ أقل موتاً