سورية: هدنة لأي تسوية؟ – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 20 septembre 2016

لن تعدم روسيا الذرائع لتبرير هجوم مليشيات نظام بشار الأسد، أمس، على حي جوبر الدمشقي وسواه، بما قد يؤدي إلى انهيار الهدنة تماماً بعد manar-rashwaniأيام قليلة على بدئها.
لكن الأهم بشأن تطورات الهدنة، هو انتشار قوات روسية، بدلاً من المليشيات الإيرانية ومليشيات الأسد، على طريق الكاستيلو في حلب. ورغم أن الذريعة المعلنة لهذه الخطوة هي تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى الأحياء المحاصرة من المدينة، فإن النتيجة العملية المؤكدة هي تثبيت الحصار من هذا الجانب، والذي يعد الخاصرة الرخوة للإيرانيين والأسد، في مسعاهم للسيطرة على حلب.
وإذ قيل، وإن لم يتأكد الأمر، إن قوات خاصة روسية شاركت، إضافة إلى الغطاء الجوي الروسي، في معارك إعادة فرض الحصار على الأحياء الشرقية لحلب عبر الراموسة، فإن التواجد الروسي العلني على « الكاستيلو » يأتي حتماً ضمن ترتيبات مع الجانب الأميركي بموجب اتفاق الهدنة الأخير بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف. وهو ما بات مؤكداً فعلاً، ناهيك عن إصرار الولايات المتحدة على عدم الإفصاح عن تفاصيل هذا الاتفاق حتى لحلفائها الغربيين، مثل فرنسا التي تطالب بذلك. ومن ثم، ستكون أي محاولة لفك الحصار عن حلب في حال انهيار الهدنة تماماً، هجوما على قوات روسية، بما يبرر لموسكو معاودة سياسة الأرض المحروقة في المدينة وسواها، كما تفعل منذ تدخلها العسكري المباشر.
إزاء ذلك يكون السؤال المطروح هو عن دوافع القبول الأميركي، ضمن اتفاق الهدنة، بالحضور الروسي على الأرض. وإذا كان محتملاً أن الولايات المتحدة تأمل أو تريد توريط الروس أكثر في سورية، فإن من الممكن أيضاً، وبما لا يتعارض مع فرضية الأولى، أن حصار حلب صار مطلباً أميركياً بقدر ما أنه مطلب روسي، وذلك ضمن توافق الطرفين على « تسوية » سياسية ما للصراع، يتوجب فرضها قسراً على أطراف الصراع، لاسيما المعارضة، من خلال رفع التكلفة الإنسانية للحصار الروسي الإيراني لحلب، متضافراً مع استمرار عمليات الإبادة التي تتم عسكرياً منذ أمد بعيد، لاسيما وأن المساعدات لم تدخل مدينة حلب منذ بدء الهدنة، بقرار نظام الأسد كما تؤكد الأمم المتحدة. كذلك، يبدو أن روسيا تدفع باتجاه إجبار المعارضة على إنهاء الهدنة، على نحو ما حصل بالهجوم على جوبر ومناطق أخرى أمس. ولا يغير بهذه النتيجة شيئا ادعاء عدم قدرة موسكو على إلزام مليشيات الأسد وإيران ببنود الهدنة.
وفي سياق الحديث عن « تسوية »، فإنه يجب تذكر التصريحات المتفائلة بشدة للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، بالتزامن مع إعلان اتفاق الهدنة، بقوله إن « تاريخ 21 أيلول (سبتمبر) سيكون يوما مهما في التسوية السورية.. وحان الوقت لمنح العملية السياسية في سورية دفعة جديدة ».
كما علينا تذكر حقيقة أن الموقف الأميركي والروسي ليسا مختلفين أبداً بشأن ضرورة الحفاظ على نظام الأسد، وإن اختلفا ربما بشأن مصير بشار الأسد شخصياً. فهكذا نظام خدم مصالح واشنطن كما موسكو طوال عقود. ويخدم أميركا أكثر بعد أن دمر مقدرات سورية وشعبها، وصار بقاؤه رهنا بمشيئة الأطراف الدولية والإقليمية.