عمر الأسعد – التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية: كثير من اللغط دون نتيجة؟

Article  •  Publié sur Souria Houria le 28 octobre 2014

Photo_عمر الأسعد

ضمن سلسة اللقاءات والندوات الشهرية التي تنظمها جمعية سوريا حرية، كان اللقاء الخامس على التوالي بعنوان « التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية: كثير من اللغط دون نتيجة؟ »، وفيه استضاف الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك الذي يدير الحوار، كل من الكاتب والباحث اللبناني الدكتور خطار أبو دياب وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس11، وله عدد من المؤلفات منها قاموس الشرق الأوسط الصادر عام 2011 ، والقاموس السياسي للإسلام الصادر عام 2009، والباحث السوري الدكتور سلام الكواكبي والذي يشغل منصب نائب مدير مبادرة الإصلاح العربي، كما شغل سابقاً منصب مدير المعهد الفرنسي في حلب، وهو أستاذ مشارك في جامعة باريس الأولى وباحث في العلوم السياسية في جامعة أمستردام

استهل مردم بيك الندوة مثيراً مجموعة من الأفكار والتساؤلات، حول طبيعة تدخل التحالف الدولي اليوم، وتطور التدخلات الدولية والإقليمية في مسار الثورة السورية، والتي بدأت مع الدعم غير المحدود للنظام الذي كان يتلقاه من إيران وحليفه حزب الله، ومن ثم مجموعة الدول التي ساندت المعارضة والفصائل المسلحة ومنها قطر والسعودية والدول الغربية، منوهاً إلى بدايات التلويح بالتدخل الدولي في سوريا والذي تزامن مع مجزرة الكيماوي، لكن المجتمع الدولي تراجع عن تنفيذ وعده بضرب النظام مقابل الحصول على الأسلحة الكيماوية، في المقابل أتى هذا التدخل اليوم من بوابة الحرب على الإرهاب والقضاء على تنظم الدولة الإسلامية المتطرف والذي يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وهنا يكمن التساؤل هل يمكن إيقاف تمدد تنظيم الدولة الإسلامية والحد منه بالضربات الجوية فقط؟

من جهته تحدث الدكتور خطار أبو دياب بداية مقدماً بترتيب زمني لأحداث الثورة منذ سقوط أول الشهداء وحتى اليوم، منوهاً لحجم الخسائر البشرية التي فقدتها سوريا خلال هذه المدة الزمنية وحجم المأساة التي وصفها بالتغريبة السورية، مؤكداً أن كل هذه الفظائع التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري كانت تقتضي التدخل الدولي، مذكراً بأول إعلان للرئيس الأميركي باراك أوباما في آب 2011 والذي تحدث فيه عن فقدان الأسد للشرعية، لكن هذا الإعلان لم يكن يتمتع بالفاعلية والجدية التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك على سبيل المثال بل لعبت العوامل الدولية والإقليمية في عدم تفعيل ما ذهب إليه أوباما، وأهم هذه العوامل الدعم الروسي والإيراني غير المحدود للنظام، مما ساهم في إعطاء القضية السورية بعداً دولياً وإقليمياً أشد عمقاً خاصة مع انفلات حالات العنف والتهجير، ومع إدراك خلفاء النظام الإقليميين أن التغير في الخارطة السورية سيشمل تغيراً بخارطة المنطقة عموماً قد لا يكون لصالحهم

وفي الانتقال إلى موضوع الجهاديين نوه الدكتور أبو دياب إلى علاقة كل من نظامي الأسد في سوريا ونوري المالكي في العراق بتغذية الحركات الجهادية، مذكراً بالهروب المنظم لهم من سجون العراق والتحاقهم بتنظيم الدولة الإسلامية، وشبه الوجود الجهادي في سوريا اليوم بشخصية راجح في أحد أفلام الرحابنة، مؤكداً أن سوريا اليوم تواجه شكلين من الحالة الجهادية وهو الجهادية المتمثلة بحزب الله والمجموعات الإيرانية والعراقية المتطرفة التي تقاتل إلى جانب النظام، والجهادية المتمثلة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وتنظيم خراسان وغيرها من المجموعات الجهادية النشطة في المنطقة، منوهاً إلى أن الجماعات المنضوية ضمن الجيش السوري الحر هي أول من واجه التنظيمات الجهادية في سوريا، وهي الجهات الواجب دعمها على الأرض مقابل هذا التطرف، وما يحول دون هذا عدم وجود استراتيجية للتعامل مع موضوع الجهاديين والدولة الإسلامية، من قبل المجموعة المعروفة بأصدقاء الشعب السوري، ورغبة الرئيس الاميركي أوباما في إنهاء صفحة التدخل الخارجي الأميركي في المنطقة بعد حروب أفغانستان والعراق، وبذلك لا يبدو أن هناك أفق واضح لعمل التحالف الدولي سوى بعض التصريحات الساعية بالعودة إلى بيان جنيف الأول كواحد من الحلول الممكنة ضمن هذه المرحلة رغم عدم ظهور أي جدية في الدفع باتجاه الحل

من جهته تحدث الدكتور الكواكبي عن الضجة التي تثار حول المنتج المسمى داعش مع تجاهل تام للقضية السورية ومآلات الثورة في سوريا، مركزاً على مجموعة من النقاط ومنها تخبط السياسات الغربية اتجاه الموضوع السوري وعدم وجود استراتيجية واضحة في التعامل معه، كذلك عدم توجيه الدعم الكافي للقوى الديمقراطية داخل المعارضة، وتركيز الإعلام الغربي على موضوع الجهاديين في تغافل تام عن الثورة والمأساة الإنسانية التي حلت بالشعب السوري، في بحث واضح من قبل الصحفيين عن الجهاديين وقصصهم ورغبة في إبرازهم على حساب ما يحصل في سوريا من أحداث، كذلك نوه الكواكبي إلى عدم تنظيم قوى المعارضة وعدم قدرتها على تحمل مسؤولياتها اتجاه الحدث بشكل عام، واستطرد موضحاً فيما يتعلق بموضوع التنظيمات الجهادية في سوريا أن النظام السوري عمل على تغذية هذه المجموعات ، وهو على علاقة بعدد كبير من القيادات منذ حرب العراق عام 2003، وفيما يخص الدولة الإسلامية في العراق والشام فهي ليست منتج الأيام الماضية بل إن وجودها بدأ في العراق منذ العام 2004، وهي مستقلة في التمويل منذ العام 2007، وكانت مجموعات جهادية بدأت تنشط في سوريا وبشكل علني في الفترة التي أعقبت حرب العراق في عدد من المناطق السورية ومنها مدينة حلب ما بين عامي 2003 و2006، كذلك في مدينة الباب مع الشيخ أبو القعقاع صاحب الشهرة الواسعة والذي انكشفت علاقته بالمخابرات السورية فيما بعد ومن ثم تم اغتياله في ظروف غامضة

كذلك نوه الكواكبي إلى أعداد الجهاديين التي هربت من سجون العراق والتحقت بالعمل الجهادي في سوريا، ما ساهم في ازدياد فاعلية هذه التنظيمات وإمدادها بعدد كبير من المقاتلين السابقين ومن ذوي الخبرة

إلى ذلك أشار الكواكبي إلى نشاط المجتمع السوري سواء في وجه النظام أو المجموعات المتطرفة وهو ما تغفله وسائل الإعلام بالتحديد الغربية منها، ونوه إلى عدم وجود استراتيجية غربية واضحة المعالم للتعامل مع الدولة الإسلامية في العراق والشام ومجموعات الجهاديين النشطة في سوريا من قبل المجتمع الدولي، رغم أن معالم هذه الاستراتيجية أصبحت تتضح في العراق لكنها إلى الآن غير واضحة المصير والأولويات والأهداف في سوريا، وربط هذا بعدم وجود أي نوع من أنواع التنسيق لا العسكري ولا السياسي مع أطراف المعارضة السورية من قبل دول التحالف، رغم كل ما يحكى عن الرغبة في تنظيم عمل المعارضة ومساعدتها بمبالغ مالية في الإعلام، هذه المعارضة التي اعتبرها الكواكبي في حديثه ورغم كل تعثر عملها انعكاس طبيعي للمجتمع السوري ومشاكله وأمراضه بعد ما يقارب الخمسين سنة من حكم نظام ديكتاتوري

بعد هذا رد كل من أبو دياب والكواكبي على مداخلات وأسئلة الحضور، والتي تناولت عدة مواضيع منها القدرات الإعلامية التي تتمتع بها المجموعات الجهادية، ومصادر تمويلها، وانعكاس السياسات الإقليمية والدولية على الوضع في سوريا، والسياسات الغربية اتجاه المنطقة ورغبة الولايات المتحدة في عدم التورط بالتدخل العسكري على الأرض والاكتفاء بإدارة الأزمة

يذكر أنه سبق المحاضرة تقديم أغنية للثنائي الموسيقي الفرنسي كاترين وفانسان بعنوان « نهضت سيدة دمشق » وهي أغنية مهداة للثورة السورية كتب كلماتها الباحث والكاتب الفرنسي جان بيير فيليو، وأعقب المحاضرة مجموعة من الأغاني التي قدمها الثنائي ومنها أغنيات للمدن السورية في نفس الصالة التي نظمت فيها الندوة، والتي عرضت على جدرانها أيضاً أعمال غرافيكية للفنان السوري فارس خاشوق

وتستمر الندوات الشهرية في الأحد الأخير من كل شهر، ليكون الموعد القادم في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014