لماذا تزيد روسيا حضورها العسكري في سورية؟ تقرير خاص – (الإيكونوميست) ترجمة: علاء الدين أبو زينة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 28 septembre 2015

لماذا تزيد روسيا حضورها العسكري في سورية؟
تقرير خاص – (الإيكونوميست) ترجمة: علاء الدين أبو زينة

على مدى الأسابيع القليلة الماضية٬ عززت روسيا بقوة حضورها العسكري في سورية. وتقول التقارير الواردة من مسؤولين أميركيين (والتي تنفيها
السلطات الروسية) إن لروسيا الآن 28 طائرة مقاتلة منتشرة في قاعدة جوية بالقرب من مدينة اللاذقية على الساحل السوري. وتضم هذه الطائرات٬
وفق مصادر نقلت عنها صحيفة « نيويورك تايمز »٬ طائرات الهجوم الأرضي من طرازات (سو­24) و(سو­٬(25 والتي تعزز ما كان يعتقد بأنه
أربع طائرات روسية فقط كانت موجودة سابقاً في البلد٬ والتي كانت كلها مقاتلات مصممة للاشتباك الجوي٬ وليس للقتال الأرضي. ويبدو وجود طائرات
مقاتلة تحمل صواريخ جو­جو غريباً بشكل خاص٬ لأن أياً من الأعداء السوريين للرئيس السوري المحاصر بشار الأسد لا يمتلك قوات جوية؛ وبذلك٬
يبدو أن استخدامها الوحيد المتحمل سيكون ضد الطائرات التي تعود للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة٬ والتي تقوم حالياً بشن هجمات ضد قوات
مجموعة « الدولة الإسلامية ». ويقال إن الطائرات الروسية محمية بأنظمة مضادة للصواريخ٬ وهناك حديث أيضاً عن وجود طائرات استطلاع من دون
طيار هناك. كما تم رصد دبابات٬ وناقلات جنود مدرعة ومدافع هاوتزر في القاعدة العسكرية المذكورة.
في الوقت نفسه٬ تقوم روسيا بزيادة أعداد جنودها الذين ترسلهم إلى قاعدة. وتظهر استخبارات الأقمار الصناعية التي جمعها الأميركان صوراً لإفراغ
حمولات من المساكن الجاهزة التي يمكن أن تستوعب نحو 1000 إلى 2000 جندي. وكانت هناك تقارير في وسائل الإعلام الاجتماعية٬ والتي
تتحدث عن شعور (مفهوم) بالتردد بين صفوف هذه القوات٬ بسبب احتمال أن تكون هناك حاجة لاحقاً إلى مواجهة مقاتلي « الدولة الإسلامية ». وما تزال
الذكريات طازجة بعد في روسيا عن الخسائر التي منيت بها قواتها في أفغانستان٬ وسوف تضيف سمعة « داعش » المخيفة إلى شعور الجنود الروس
بالتردد إزاء التورط في حرب أخرى بعيداً عن الوطن.
لماذا تفعل روسيا ذلك الآن فقط؟ التفسيرات المختلفة٬ وسوف تتكون الإجابة من العديد من الأجزاء. وأحدها ببساطة٬ هو أن التطورات خلال الصيف
بدت وكأنها تشير إلى أن السيد الأسد بدأ يخسر حقاً. وكانت قوات « داعش »٬ مثلها مثل جماعات أخرى أقل تطرفاً من المعارضة٬ تدفع بحدود الدويلة
الصغيرة التي ما يزال يسيطر عليها (صغيرة بالمعنى الجغرافي٬ لكنها ما تزال تضم الجزء الأكبر من سكان سورية المتضائلين). وأصبح الخوف من
حدوث انهيار٬ أو انقلاب٬ والذي ربما يؤدي في أسوأ الأحوال إلى حرمان روسيا من قاعدتها البحرية في طرطوس٬ وهي المنشأة العسكرية الوحيدة التي
ما تزال تسيطر عليها خارج مناطق نفوذ الاتحاد السوفياتي السابق٬ محدقاً وحقيقياً. وتشير بعض التقارير إلى أن هناك عملاً يجري لتوسيع قاعدة
طرطوس العسكرية٬ بحيث تكون قادرة على استقبال أكبر السفن الروسية حجماً.
لكن الموقف السياسي والدبلوماسي لروسيا مهم بالمقدار نفسه. وهناك الكثير من التوقعات التي سادت حول حضور فلاديمير بوتين اجتماعات الجمعية
العامة للأمم المتحدة في نيويورك٬ حيث يتواجد هناك للمرة الأولى خلال عشر سنوات. وقد أمل أيضاً في عقد اجتماع منفرد وجهاً لوجه مع باراك
أوباما٬ وهو ما تقرر فعلاً. ومن المهم أن يكون بوتين قادراً على إظهار أمرين لكل من جمهوره المحلي وجمهوره الأجنبي على حد سواء. الأول٬ هو
أن روسيا تعارض تغيير النظام في سورية٬ وأنها سوف تدافع عن حلفائها. وربما يخرج السيد الأسد من السلطة في نهاية المطاف٬ كجزء من صفقة
تكون روسيا وسيطاً رئيسياً فيها٬ ولكن بوتين يريد أن يكون قادراً على إبرام هذه الصفقة٬ والتي يمكن أيضاً أن تناقش في اجتماعات نيويورك٬ من موقع
القوة٬ وليس من موقع الضعف. والأمر الثاني٬ هو التأكيد أن روسيا هي شريك حيوي لأميركا في الحرب ضد مجموعة « داعش » والإرهاب الجهادي
بوجه عام٬ والذي توجد لدى روسيا أسباب أكثر من أميركا للخوف منه. وسوف يؤكد مثل هذا التحالف على استمرار مكانة روسيا كقوة عظمى٬ ويساعد
على إعادتها إلى الحظيرة الدولية من البرد والعزلة٬ ويضع نهاية للمواجهة الطويلة بين روسيا وأميركا حول أوكرانيا.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
Why Russia is increasing its military presence in Syria

http://alghad.com/prints/89496