من حلب إلى الموصل، ما هو مصير الشرق الأوسط – عمر الأسعد

Article  •  Publié sur Souria Houria le 4 juillet 2014

Photo_عمر الأسعد
من حلب إلى الموصل، ما هو مصير الشرق الأوسط

ندوة مع جان بيير فيليو وعمار عبد ربه

استضافت جمعية سوريا حرية في ندوتها الشهرية الثالثة الكاتب والمؤرخ الفرنسي جان بيير فيليو والمصور الصحفي السوري عمار عبد ربه، في لقاء مفتوح حمل عنوان « من حلب إلى الموصل، ما هو مصير الشرق الأوسط »، أدار الندوة الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك.

تحدث جان بيير فيليو، _ وهو المؤرخ والاستاذ في المدرسة العليا للعلوم السياسية في باريس، وصاحب كتابي « الشرق الأوسط الجديد، الشعوب في زمن الثورة السورية » و »أكتب لكم من حلب في قلب الثورة السورية » ، صدر الكتابان عام 2013._    منطلقاً من بعض تفاصيل رحلته إلى مدينة حلب السورية والتي شاركه فيها صديقه المصور الصحفي السوري عمار عبد ربه، وعنها أصدر كتابه لاحقاً، ذاكراً تفاصيل المشهد بين النظام والثورة في المدينة، معتبراً أن المدينة كان يمكن لها أن تقدم نموذجاً للمناطق التي خرجت من سيطرة النظام، من خلال ما لاحظه فيها من اندفاع المجموعات المدنية لتنظيم حياة الناس، وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين ، في الفترة الأولى لتحرير أجزاء واسعة من المدينة وريفها، وذلك قبل أن تشتد حملات القصف العنيف عليها من قبل النظام، ومن ثم تراجع قوى الجيش الحر العسكرية لصالح المجموعات المتطرفة، والتي كان تعدادها بالمئات القليلة في فترة زيارته لمدينة حلب.

واستطرد فيليو شارحاً الأهمية الاستراتيجية لموقع حلب الجغرافي والسياسي في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، ليصل إلى اعتبار أحداثها كفيلة لتكون مؤشراً وبوصلة لمجريات المنطقة بالكامل في المستقبل.

كذلك قدم فيليو رؤيته التحليلية لظاهرة الجماعات السلفية الجهادية الموجودة في سوريا وعلى رأسها الدولة الإسلامية في العراق والشام « داعش » وجبهة النصرة، وهو واحد من أهم المشتغلين في موضوع الجهادية المعاصرة وظاهرة القاعدة وانشقاقاتها منذ عام 2000، وكان أصدر كتاباً بعنوان « القصة الحقيقية للقاعدة » في عام 2011، واعتبر فيليو أن تمدد الدولة الإسلامية في العراق والشام خرق حدود « سايكس بيكو » المتعارف عليها بين دول المشرق العربي، مؤكداً على أن الجماعات الجهادية استفادت من العنف الذي أنزلته الأنظمة بالمجتمعات وبالتحديد في سوريا والعراق، منوهاً لوجود علاقة تربط بين تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام والقيادات السابقة في الجيش العراقي الذي حلته الولايات المتحدة الأمريكية بعد احتلال العراق عام 2003، أو حتى القيادات البعثية التي تعرضت للملاحقة بعد صدور قرار اجتثاث البعث، كذلك نوه لوجود الاختراقات الأمنية في جسد التظيمات الجهادية الفاعلة في المنطقة.

ويرى فيليو أن الجماعات الجهادية وانتشارها أثرت على وضع الثورة السورية وصورتها وأحقية دعمها من قبل الراي العام العالمي.

من جهة أخرى أكد فيليو أن الثورة السورية وما يترتب عليها من نتائج وأجواء الصراع التي تحتدم في سوريا ترسم خريطة منطقة الشرق الأوسط، وهذا واحد من عوامل الاهتمام المتصاعد بها، وانقسام المحاور اتجاهها بين داعمي النظام وبين من يدعم الثورة.

كذلك نوه لأهمية المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة الأميريكية وذلك لثلاثة نقاط أساسية وهي الممرات الاستراتيجية، وموارد النفط، ووجود إسرائيل بوصفها حليف الولايات المتحدة في المنطقة، معتبراً أن الاهتمام وحتى التدخل الأميريكي في شؤون المنطقة استند دائماً لهذه الاعتبارات مذكراً بحرب الخليج ومؤتمر مدريد للسلام، منوهاً إلى الخلل الحاصل في السياسة الأميركية اتجاه الشرق الاوسط في عهد الإدارة الحالية.

كذلك استعرض فيليو جانباً من علاقات النظام السوري الدولية سواء بالنظام الروسي منوهاً إلى التشابه الكبير بين بناء المخابرات السوفيتية « كي جي بي » وما تعرفه سوريا من أجهزة مخابرات بوليسية، وهو ما انعكس على تعامل الجيش والأمن السوري مع المنتفضين والمدن الثائرة كما تعامل الروس مع مدينة غروزني، إلى ذلك ذكر فيليو أيضاً بالعلاقات بين النظام السوري وإسرائيل والتي شكلت الحرب الأهلية في لبنان مسرحاً أساسياً لاختبارها.

وتحدث عن نشوء جيل جديد من الجهاديين ومتبني فكر القاعدة ما بعد حرب العراق 2003، والذين يستفيدون اليوم من تنامي الصراع السني الشيعي في المنطقة، ملاحظاً أن العراق شكل أرضاً خصبة لنمو هذه الجماعات خاصة في المرحلة التي تلت الاحتلال والاضطرابات التي نجمت عن تخبط الآداء السياسي والإداري في العراق، إضافة إلى شعور فئات اجتماعية واسعة بالمظلومية مما ساهم في تنمية العنف وانفلاته وهو ما يحصد نتائجه العراق وسوريا اليوم من خلال انتشار المجموعات الجهادية المتطرفة، التي استفادت من أجواء الصراع السني الشيعي وتنامي الخطاب المتطرف لدى الجهتين، واستدعائه لأساطير ورموز دينية تاريخية من أجل إظهار أحقيته ومظلوميته وشرعيته، مستغلاً كل هذا لتحقيق التوسع الجغرافي المطلوب لبناء قاعدة وجود في المنطقة.

بدوره المصور الصحفي السوري عمار عبد ربه والذي عاد حديثاً من آخر رحلاته إلى مدينة حلب السورية، استعرض أمام الجمهور مجموعة من الصور التي التقطها في زيارته الأخيرة للمدينة، عارضاً حجم الدمار الهائل في بعض الأحياء، وصوراً لتجربة الدفاع المدني الذي تأسس في الأحياء التي خرجت عن سيطرة النظام في المدينة، كذلك عرض صوراً لتجربة الأمن الوطني كجهاز بديل لشرطة النظام، وفي صور متفرقة قدم نموذجاً عن مظاهر الحياة في المدينة، حيث يظهر الدمار في البيوت والعمارات، كذلك الأطفال يلعبون بجانب المقابر، وقيادات لمجموعات مسلحة مقاتلة في المدينة، كذلك استعرض تجربة المراكز الطبية التي تاسست بعد خروج المنطقة من سيطرة النظام، واستعرض كذلك الفروق الاجتماعية بين حلب التي تسيطر عليها كتائب ذات طابع إسلامي وبين منطقة كوباني التي تسيطر عليها قوات كردية.

بعد هذا استمع كل من فيليو وعبد ربه لمجموعة من الاسئلة والمداخلات التي قدمها الحضور والتي تمحورت حول الحركات الأصولية في المنطقة وتدخلها في الثورة السورية سواء إلى جانب النظام مثل حزب الله وبقية القوى الشيعية المتطرفة، أو في الجانب الآخر مثل داعش والنصرة وغيرها من القوى الجهادية المتطرفة، كذلك كان هناك أسئلة عن صعوبة العمل الصحفي والتصوير خصوصاً في مناطق الصراع أو المناطق التي يسود فيها نمط حياة اجتماعي محافظ.

يذكر أن الندوات الدورية التي تنظمها سوريا حرية ويديرها الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك ستتوقف خلال شهري تموز وآب المقبلين على أن تستأنف انطلاقتها في أيلول المقبل.

 عمر الأسعد