الشعب لا يريد الديمقراطية – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 2 février 2014

الغد-ليست الديمقراطية اليوم إلا فوضى، يخبرنا أنصار أنظمة الاستبداد؛ ليبقى الموت ببطء وبصمت أفضل في ظل هكذا أنظمة، على الموت السريع غالباً، و »الفضائحي » أمام شاشات التلفزة، بسبب الفوضى. أما إن لم تكن كذلك، فتظل الديمقراطية مطية الإسلاميين، كما يخبرنا أعداء هؤلاء؛ فلن يكون البديل عن استبداد العلمانيين « الجميل الأنيق »، إلا استبداد ظلامي متخلف. وطالما تساوى قدر الامتهان والموت؛ فإنه يظل أفضل أيضاً للإنسان العربي، بمنطق هؤلاء، أن يكون آخر ما يراه جلادا علمانيا حداثيا/ حليق الذقن، بدلاً من جلاد متخلف كث الشعر!طبعاً، تتم التغطية على حقيقة هذا الخطاب من قبل أصحابه، بالزعم أنه رغم كل المخاطر السابقة، فإن هكذا حديث لا يعني الخلاف على الديمقراطية « الحقة! » أبداً، بل الخلاف هو على توقيتها الذي لم يحن بعد، بغض النظر عما إذا كان المسؤول عن ذلك هو ذات أنظمة الاستبداد الجديرة الآن بالتبجيل باسم الاستقرار الذي ليس أكثر من مرادف للموت البطيء والمستور!والحقيقة أن تأجيل « شكليات » الديمقراطية قد تكون نقطة تلاق لا خلاف حولها لدى الجميع، إنما فقط لأجل صيانة وتعزيز جوهر الديمقراطية ذاتها.وبنظرة إلى كل مؤشرات الديمقراطية؛ وفي مقدمتها الانتخابات، تتأكد الحقيقة البدهية بأن الديمقراطية ككل، لم توجد إلا لغاية واحدة وحيدة، هي احترام حقوق الإنسان؛ وأن كل مؤشر آخر هو محض « أداة » لا أكثر، لتحقيق هذه الغاية.هنا، إذن، يبدو ممكناً تأجيل الانتخابات فعلاً، وهي التي سيستفيد منها الإسلاميون « الثيوقراطيون »، تماماً كما أساء استخدامها الحكام المستبدون العلمانيون في السابق، أفراداً أو طغماً، لتصوير الاستبداد مطلباً شعبياً.لكن إذا كان الشعب لا يريد، فعلاً، الديمقراطية الانتخابية الجوفاء، إلا أنه يريد حتماً التمتع بحقوق الإنسان. هل يمكن الاختلاف بهذا الشأن؟ هل يمكن الاختلاف على حق الإنسان في الحياة الكريمة ضمن سيادة القانون؟ وقبل ذلك، هل يمكن الاختلاف على حق الإنسان في سلامة جسده من التعذيب؟ هل ثمة خلاف على ضرورة استئصال الفساد؟يُفترض أن يكون مطلب احترام حقوق الإنسان هو أولى أولويات أعداء الإسلاميين وليس سواهم، وهم الذين طالما تباكوا بأن الجهل وحده (مرة أخرى، بغض النظر عمن رعاه طوال عقود ماضية!) هو الذي يزيد فرص فوز الظلاميين في كل انتخابات على حساب التنويريين. لكن هل هذا هو المطلب الذي يقدمه هؤلاء فعلاً، بديلاً من ديمقراطية الفوضى والثيوقراطية القادمة؟ حتماً لا، يكفي مثالاً موقف « التنويريين! » في سورية الأسد، أباً وابناً؛ وليبيا القذافي؛ ومصر ما بعد حسني مبارك، والقائمة تطول.وهكذا موقف متنكر لأبسط حقوق الإنسان، لا يحتمل إلا أحد تفسيرين: إما أن هؤلاء مع الأنظمة الاستبدادية حتى النهاية، بحكم التوافق المصلحي الفاسد، أو الأيديولوجي اللاإنساني؛ أو أن هؤلاء قد فقدوا أي إيمان بذواتهم، فلا يستطيعون كسب ثقة الشعب؛ أكان جاهلاً أم كان حائزاً على أعلى الدرجات العلمية في أرقى العلوم، وبما يجعل هذا الشعب في المحصلة عدواً مستحقاً للإبادة!باسم تحرير فلسطين، وفزاعة إسرائيل ضيعنا استبداداً كل فلسطين!! وباسم الدول والأوطان، وفزاعة الإسلاميين، تصر ذات الفئة على تضييع كل العالم العربي، بلا استثناء. ومع هكذا « وطنيين »، من يحتاج إلى أعداء؟