حزب الله والتكفيريون وأمن إسرائيل-منار الرشواني
لم تعد تأويلاً واستنتاجاً يحتملان الصواب والخطأ، حقيقة أن خطابات وتصريحات أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، باتت منذ أمد طويل، وعلى كثرتها، موجهة فقط لأنصاره من الطائفة الشيعية في لبنان، تبريراً لدعم نظام بشار الأسد. وهو لذلك لا يبالي بالتضحية بكل صدق ومصداقية، وبالتالي شعبية، بناها طوال سنوات على المستوى العربي وحتى الإسلامي.
أحدث الأدلة على ذلك تصريح نصرالله الذي نقلته صحيفة « السفير » اللبنانية يوم الثلاثاء الماضي، بأن « النصر سيكون حليف حزبه في المعركة ضد التكفيريين كما كان ضد إسرائيل ». فالأدق أن الهزيمة ستكون مصير حزب الله كما كانت مصير إسرائيل. والسبب بشديد بساطة ووضوح، هو أن « التكفيريين » الذين يتعهد حزب الله بمجابهتهم والنصر عليهم، كما تشهد الوقائع على الأرض، ليسوا إلا السوريين جميعاً؛ بالمعنى الحرفي للكلمة.
هنا لا بأس من العودة إلى واحد فقط من الأسئلة البدهية الأولى، وهو: كم عدد المعتقلين الذين تدخّل حزب الله طوال تاريخه لإطلاق سراحهم من زنازين نظام الأسد، قبل الثورة وبعدها؟ حتماً يعرف نصرالله أنه باستثناء معتقلي « القاعدة » في صدنايا، فقد أضاف الأسد، بفضل حزب الله، مئات آلاف المعتقلين والمفقودين (عدا عن مئات آلاف القتلى) من المواطنين السوريين، بينهم معارضون سياسيون تماماً؛ علويون ومسيحيون، كما مسلمون.
والحقيقة أن حزب الله (وإيران)، لا يستعدي، قتلاً واستباحة حقوق وكرامة، معارضي الأسد وحدهم من كل انتماء؛ بل هو يفعل ذلك أيضاً مع « الموالين » الذين يقدمون شبابهم، قبل قوت يومهم، لحماية النظام. وذلك حين يقرر هذا الأخير، بحماية الحزب وإيران، أن إعادة إعمار سورية في الوقت الحالي، بأموال السوريين المنهوبة فساداً على امتداد عقود، تكون بافتتاح مدينة ملاهي في دمشق و »مول » في طرطوس! فتنقل التقارير الصحفية، وصحف الموالين على مواقع التواصل الاجتماعي، أن جزءاً كبيراً من السوريين القاطنين في مناطق « الموالاة »، يؤمونها، مكتفين فقط بالنظر إلى ما فيها، كونهم لا يملكون المال، ناهيك عن القدرة النفسية، على الاستمتاع بها!
هكذا، يكون مفهوماً تماماً، إذ صار كل الشعب السوري « تكفيريين »، لماذا نقص عدد هذا الشعب فعلاً، على يد مقاتلي حزب الله وسواه من المليشيات الشيعية العراقية والأفغانية، فيما زاد عدد أنصار ومقاتلي التنظيمات التكفيرية فعلاً، من مثل « داعش » وسواه. كما لماذا صارت هذه التنظيمات أكثر قرباً للبنان، نقيضاً لذريعة حزب الله الأولى (بعد حماية المراقد طبعاً) بضرورة التدخل في سورية لمواجهة تلك التنظيمات في مهدها.
أما لماذا كل هذا القتل والدمار؟ فهو سؤال تجيب عنه إيران على لسان نائب وزير خارجيتها، حسين أمير
عبد اللهيان، قبل أيام. وذلك حين حذر صراحة من أن « سقوط نظام بشار الأسد من شأنه أن يقضي على أمن إسرائيل ». فربط هذا السقوط بصعود تنظيم « داعش »، كما فعل عبداللهيان فعلاً، مؤداه صراحة حرص إيراني على « الكيان الصهيوني » الغاصب! ولا يغير شيئاً إسقاط هذا الربط، طالما أنه يعني أن إيران تعرض التضحية بـ »المقاومة والممانعة » لأجل بقاء الأسد. فهذه « المقاومة والممانعة » لم تكن إلا أداة (مؤقتة) لتحقيق مصالح إيران التي لأجلها وحدها يسفك دم السوريين والعراقيين واللبنانيين واليمنيين من كل طائفة، على يد بعضهم بعضا.