زياد الرحباني على الميادين: لا نملك بوقاً والفاتح الجولاني ‘ع شو فاتح’؟- سليم البيك
بدأت القصة بحوار مع زياد الرحباني، ابن السيدة فيروز، على موقع مغمور تابع لحزب الله اسمه ‘العهد’، قال فيه ان السيدة فيروز تحب السيد حسن، الأمين العام للحزب/الميليشيا.
تلقّفته صحيفة تابعة هي كذلك للحزب ذاته بطريقة أو بأخرى هي ‘الأخبار’ اللبنانية من خلال بعض أكثر الكتّاب تفذلكاً في لبنان والمشرق العربي. وانتشرت في مواقع الإعلام الجديد، آراء لمثقفين ومحبين، منتقدين ومؤيدين لتفوّهات ابن فيروز.
إلى هنا لم تكتمل شلّة الممانعة. مَن طبعاً غير قناة ‘الميادين’ سينطّ متلقّفاً التفوّهات وما أثير حولها مزيّنين ما قاله زياد ومنتشين لخبر هم بحاجة له، مستدعين زياد في مقابلة لنصف ساعة كان لا بدّ أن يجريها شخصياً سامي كليب مدير الأخبار منحّياً قارئة النشرة على جنب قليلاً ومقاطعاً نشرتها.
منذ فترة لم يعد من المجدي أخذ كلام زياد على محمل الجد، هو يضيع كثيراً في أجوبته، يتفشكل بنفسه أثناء الكلام، ولعلها طريقته في الالتفاف على السؤال، كما جرى في المقابلة الأخيرة مع كليب، وكما يجري في أي مقابلة معه، وهذا (عن جد) من بين ما يراه مريدوه إحدى تجليات ‘عبقريته’. ولا نعرف فعلاً مدى صحة ما قاله عن أمه فيروز، التي لم يحصل أن صرّحت بموقف سياسي.
المقابلة التي لم يقل فيها زياد إلا ما ينسجم مع مرحلته الأخيرة. ليقسّم المختصون مراحل زياد الفنية والنفسية كما يرونها، لكني ألمس بوضوح مرحلته الأخيرة، منذ بدأ كتابة الطلاسم لجريدة الأخبار (كنتُ، لخيبتي، معجباً ببعضها)، منذ توقف عن الإبداع مسرحياً وتكرار ذاته موسيقياً، منذ اعتبر نفسه كاتباً وصحافياً ولا يظهر (على الميادين) إلا والقلم بيده، منذ صار يتكلم في السياسة كمحلل يجهد ليكون جدياً لا كساخر تتلاشى أهمية مدى صحة ومنطقية وأخلاقية ما يقوله طالما أنه يضحكنا، وبأسلوبه الكلبيّ (Cynicism)، وأخيراً منذ صار، كما يبدو، الناطق الإعلامي الشيوعي باسم حزب الله والوكيل الدعائي للحزب الأصفر بين اليساريين العرب بالمجمل، ومنذ بدأ يتوه عن أفكاره أثناء تكلّمه ويتفشكل بها.
مشكلتي ليست مع فيروز، وإن كانت فعلاً تحب أمين عام حزب الله، فهذا شأن أخلاقي قبل أن يكون سياسياً، خاص بها، وهي حرة في من تحب ومن تكره.
أما المشكلة فهي حركة الوَلْدنة التي قام بها ابنها زياد، ولدنة قد تكون فيروز وبّخته عليها، طالما قرّرت أن تحتفظ برأيها السياسي لنفسها حفاظاً على مُحبي صوتها وأغانيها وعلى اسمها بالتأكيد، ولأنها تدرك فداحة ذلك طبعاً، وهو تصرف عاقل على الأقل.
ما فعله زياد هو الانتهازية التي استغلت اسم فيروز لصالح جماعة سياسية يكتب هو في صحفها ويحاور مواقعها ويكثر بطلاته على تلفزيوناتها، هو استغلال زياد لاسم أمه (الذي أحبّ) في صالح جماعته، وهو، فوق ذلك، إثارة يستحضرها زياد ليذكّرنا بأنه ما زال هنا ويستطيع التنكيت بعدما فرغت قريحته من موسيقى ومسرح ونكت، فصار يحلّل في السياسة لكن دون استعادة لـ ‘حاج تحلل وحياتك تسلملي تحليلاتك’، من زياد القديم (الذي أحببت).
هل يعرف رفيقنا الشيوعي أن مريديه ما زالوا يسمعون قديمه وأنه يعيش فيهم بفضل قديمه وأن لا هوية إبداعية لزياد الحالي عندهم؟ على الأغلب يعرف ولذلك يلجأ لاسم فيروز بين فترة وأخرى، ويكثر الحديث عنها في حواراته، لأن ليس لديه ما يحكيه عن نفسه، ليس لديه من جديد، غير تحليلاته ودعايته للميليشيا.
‘الميادين’، قنّاصة الفرص، تجري حواراً مع زياد وتنشره على موقعها بعنوان ‘زياد الرحباني: من يهاجم نصرالله وفيروز يدافع عن إسرائيل’، هو بالمناسبة منطق كل هذه الجماعة: لستَ معنا فأنت مع إسرائيل. وهو منطق المفلسين.
في المقابلة عينها يقول رفيقنا المتوَلدن انه لو كان مكان النظام السوري لفعل ما يفعله اليوم، وهو ما نتوقعه منه على كل حال وهو القائل في مقابلة قديمة مع جيزيل خوري مبرّراً قتل معبوده ستالين للملايين، ليقتلهم إن كان لا بد أن يبني اشتراكيته، يقتلهم، ما الحاجة لهم وما الذي يفعلونه في هذه الحياة. هو زياد نفسه الذي ظهر في إحدى مسرحياته في لبنان مرتدياً بزّة عسكرية نازية بطاقيتها المعروفة، حسب أحد الصحافيين. هو بالضبط زياد نفسه الذي قال عن منتقديه في المقابلة عينها على ‘الميادين’: أسوأ ما في هذه القصة أن هؤلاء الناس موجودون، لا ما يقولون لأنهم يمكن أن يلحسوا (يسحبوا) تصريحهم في اليوم التالي، لكنهم باقون ويمكن لهم أن يقومون بتصريحات غيرها’، هنا تحديداً يتنهّد سامي كليب (sigh) مؤكداً: صحيح.
العقلية ذاتها إذن، أولاً الإلغاء والاغتيال السياسي والاتهام بالعمالة وما يجر ذلك من اغتيال فعلي مُحرّض عليه، عبر اتهام المنتقدين بأنهم مع إسرائيل، وثانياً التصريح علناً بضرورة هذا الاغتيال (السياسي والفعلي) واستنكار أن المنتقد صاحب الكلمة المكتوبة على صحيفة أو صفحة فيسبوك، أنه ما زال حياً، موجوداً.
همّ زياد الأساسي وعبارته الأولى في اللقاء تلمّح إلى أن هؤلاء (الموجودين) لم يتم (بعد!) اغتيالهم على طريقة حزب الله/النظام السوري في اغتيال شيوعيين ويساريين أصحاب كلمة ورأي كحسين مروة ومهدي عامل وجورج حاوي وسمير قصير، وهؤلاء من أجمل مفكري وكتّاب وقادة اليسار العربي، ولا على طريقة ستالين/الأسد في التطهير العرقي لجماعات إنسانية كاملة. ثم يؤكد الإعلام الشريك بهذا المنطق: صحيح.
لن أطيل في الموضوع أكثر، لكني أخيراً أعتب على زياد، الذي قال في المقابلة عينها ‘لا نملك بوقاً لنرد على هؤلاء، مشكلة’، أعتب عليه وهو القائل على ‘الميادين’ أنه لا يملك بوقاً. مش حلوة بحق البوق أن تقول ذلك في عقر داره، يا رفيق.
الفاتح الجولاني وتيسير علوني
لم أعرف من أين أتى تيسير علوني في مقابلته على قناة ‘الجزيرة’ مع قائد جبهة النصرة أبو محمد الجولاني بتسمية ‘الفاتح’، التي بدأ بها المقابلة وأنهاها بها. ما الذي فتحه أبو محمد هذا؟!
يا أخي لو حرّر سوريا من نظام الأسد ثم احتلها هو وجبهته لـ ‘بلعتها’، لكنه وجبهته لم يزد سوريا وثورتها إلا خراباً يأتي على خراب الأس
وهذه التسمية، إن كانت بطلب من أبو محمد المتواري، فالأمر مفهوم، أما إن كانت مبادرة من علوني، فهنا شيء مستهجن.
هذه المقابلة سبق صحافي ممتاز، لكن الخبر السيئ في الموضوع أن جبهة النصرة أساءت و’داعش’ للثورة السورية وللمجتمع السوري بالقدر الذي يثير شماتة عريضة للأسد بهذه الثورة وهذا المجتمع.
من سيقابل الجهاديين على ‘الاتجاه المعاكس′؟
مساء اليوم (الثلاثاء) سيتناول ‘الاتجاه المعاكس′ مسألة المقاتلين الجهاديين المتطرفين في سوريا ودورهم، مهما كان رأينا بهم، في الثورة وفي الحرب التي يشنها النظام عليها.
لأن البرنامج من بين الأكثر متابعة عربياً، وبالتالي تأثيراً، سأكتب هنا متمنياً أن لا يظهر الجهاديون فيه كأنهم يواجهون النظام، عبر ضيفين أحدهم مؤيد للجماعات هذه وآخر مؤيد للنظام، فيفهم المشاهد أن هذه الجماعات في صف الثورة ومواجِهة للنظام.
الحقيقة أن هذه الجماعات الجهادية طرف ثالث تقاتل كلاً من الثوار والنظام، وحسب مصالحها الخاصة وأولوياتها الغرائبية، تريد حكماً يسمونه شرعياً بخلاف ما يريده كل من الثوار والنظام، كل على حدة. هي تعتقل النشطاء المدنيين كما يعتقلهم النظام، تقتل السوريين كما يفعل النظام (أحكي من ناحية المبدأ، أما من ناحية النسبة، فالجماعات هذه تحتاج أضعاف ما احتاجه النظام من زمن لارتكاب ما ارتكبه من جرائم بحق السوريين والفلسطينيين في ثلاث سنوات فقط).
مسألة اختيار الضيفين هنا مسألة أساسية تحدّد عند كثير من المشاهدين قطبين يظهران كأنهما متناقضين، وليس ذلك ببعيد عن سياسة القناة عينها. ليست المسألة بهذه البساطة التي يمكن أن يعرضها برنامج تلفزيوني لملايين المشاهدين في أقل من ساعة، وخاصة برنامج يتقصد الإثارة والتهييج.
كاتب فلسطيني