فلسطينيو سوريا – زياد ماجد
تتضاعف يوماً بعد يوم معاناة الفلسطينيين السوريين، ويظهرون أكثر فأكثر كفئة هي من الأكثر تعرّضاً لإجرام النظام الأسدي ومن الأكثر استضعافاً قانونياً في دول الجوار السوري، وفي مطارات وسفارات العالم أجمع.
ويكفي النظر الى ما حلّ بالمخيّمات الفلسطينية السورية منذ انطلاق الثورة من خراب وتنكيل وصل الى ذروته مع حصار مخيّم اليرموك وتجويعه لمعرفة حجم الحقد الذي يعتمر النظام الأسدي ضدّ الفلسطينيين. فأعداد القتلى والجرحى بينهم صارت بالآلاف، وأخبار المقتولين منهم تحت التعذيب في السجون والمعتقلات صارت الأكثر وروداً في الآونة الأخيرةً، وقد قُتل سبعة شبّان في سجون دمشق في الأيام العشرة الماضية وحدها. كما أن حجم الدمار الذي لحق بالوحدات السكنية في المخيّمات يُظهر أن النظام يريد جعل عودة المهجّرين إليها، بنسيجها العمراني السابق، مستحيلة.
وما يجعل أوضاع الفلسطينيين السوريين فوق ذلك أكثر مأساوية هو ما يمكن أن يتعرّضوا له من تضييق إن هم حاولوا الخروج من الأراضي السورية نحو دول الجوار. ذلك أنهم أشخاص « غير مرغوب بهم » لدى السلطات، إن في لبنان أو في الأردن والعراق. كما أن محاولاتهم الحصول على تأشيرات دخول الى عواصم عربية أو غربية غالباً ما تنتهي الى رفض يفرض عليهم السعي للتكيّف مع أوضاع بائسة وجدوا أنفسهم فيها ظانّين أنها ستكون مؤقّتة.
وليس من قبيل المبالغة القول إن القيادات الفلسطينية، في السلطة ومنظّمة التحرير كما في الفصائل المختلفة، تتحمّل قسطاً من المسؤولية المعنوية تجاه مأساة فلسطينيّي سوريا. فالصمت المشين ثم المواقف المتلعثمة والمتردّدة المتّخذة منذ أواسط العام 2012 جعلت الفلسطينيين السوريين أسهل استهدافاً. وتركهم في حصارهم أو تهجيرهم أو اعتقالهم بلا دعم ومساعدة وتحريك إعلامي وقانوني لقضاياهم جعلهم أكثر انكشافاً أمام الانتهاكات التي لاحقتهم ولَو بأشكال أُخرى ونسب متفاوتة الى أغلب الدول التي لجأوا إليها.
بهذا، يمكن اليوم اعتبار ما يجري للفلسطينيين السوريين نكبة ثانية، هي أقسى من الأولى التي تعرّض لها أجدادهم. وهم إذ يعانون آثارها وتداعياتها المستمرّة، يُواجَهون بالصمت أو بالإجراءات القاسية المكمّلة جريمة قتلهم وحصارهم وتشريدهم داخل سوريا.
هل بعد كلّ ذلك ثمّة ما يمكن فعله؟
ربّما يكون في استمرار الحديث عن الموضوع والضغط على الإعلام والمحافل الحقوقية لإثارته وللتعامل مع ملفّات المعتقلين في سوريا والموقوفين في دول التهجير الجديد عنصر إجابة أوّلية على السؤال. وربّما في بعض المبادرات المدنية الداعمة اجتماعياً للاجئين عنصر إجابة ثانٍ. ذلك ان رفض التعتيم والتجاهل كما السعي للتخفيف من المعاناة الإنسانية يبدوان اليوم أفضل المُتاح.
لكن كلّ هذا يبقى بالطبع مرحليّاً. فالحل لفلسطينيّي سوريا هو نفسه الحلّ للسوريّين، وهو يبدأ بوقف العمليّات العسكرية ورفع الحصار وإطلاق المعتقلين، وينتهي بطيّ صفحة النظام الذي قتل باسم فلسطين مئات الألوف من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين…