اصدقاء الشعب السوري، ايضا – احمد الشامي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 30 mars 2012

في اﻷول من نيسان المقبل سيعقد في اسطنبول مؤتمر أصدقاء سوريا الثاني الذي كان مقرراً في الثاني من ذات الشهر. لسبب نجهله تم تقديم موعد المؤتمر ليوافق ربما « كذبة نيسان » .نأمل أن لا يكون تشاؤمنا في محله وأن يكون هذا المجلس أفضل من سابقه التونسي
أصدقاء نظام اﻷسد من جهتهم لم يعقدوا مؤتمراً ، ربما لندرتهم ، فللنظام في دمشق أصدقاء كبار ثلاثة هم ٳيران وٳسرائيل وروسيا ولنسمهم « جبهة الشر » . هؤلاء يقومون بواجب الصداقة تجاه رجلهم في دمشق و »المزنوق » مع شعبه على أكمل وجه
القاسم المشترك بين أفراد هذه الجبهة هو كونهم أقرب للعصابات منهم ٳلى ان يكونوا دولاً محترمة وملتزمة بحقوق اﻹنسان وبالمعاهدات الدولية. ٳيران أحمدي نجاد نقلت الثورة الخمينية نهائياً من موقع الدعم للمستضعفين ٳلى موضع الدولة المارقة بجدارة. بدل أن تحسن ٳيران ظروف معيشة شعبها وأن ترسخ دولة المؤسسات قامت بالانخراط في معارك كولونيالية و امبريالية من أفغانستان ٳلى السودان مروراً بلبنان واليمن
الروس الذين ورثوا الاتحاد السوفيتي يتصرفون كقزم في حذاء عملاق ، لم يبق لهم من مزايا الدولة العظمى سوى سلاح بائر لا يصلح لغير القمع و »حق نقض  » هبط في أحضانهم في غفلة من التاريخ والمنطق ووضعوه في بازار مجلس اﻷمن برسم من يدفع أكثر. المافيا الروسية التي تغتال معارضيها وتسجن أحرارها بعدما مسحت غروزني عن الخارطة تخاف « أن يصل السنة للحكم في سوريا ! »
في تفسير الخطاب الروسي وبالمقارنة مع تاريخ روسيا الحديث نستنتج أن روسيا على لسان لافروف (الجدير بأن نسميه « حجة الموسكوف » ) تدعم حكما أقلوياً وطائفياً في سوريا…وفق هذا المنطق اﻷعوج يجوز لنا أن ندعم « جهود  » الشيشان ليس للاستقلال ولا للحكم الذاتي ، بل للوصول للحكم في كل روسيا الاتحادية
ٳسرائيل قلب جبهة الشر هذه وبامتياز فهي دولة تحكمها نفس النخبة منذ قيامها ونفس العقلية العنصرية الرافضة للحق وللآخر. ٳسرائيل خاضعة لسياسات تمليها قطعان المستوطنين والرغبة في قهر الآخر العربي وٳذلاله . ٳسرائيل دولة قائمة على التمييز وعلى قانون عنصري لا أخلاقي لا مثيل له في العالم وهي تتصرف كعصابة منذ قيامها
من الطبيعي أن تتفاهم هذه العصابات مع بعضها وأن تتعاون لما فيه خير زبانيتها ودوام قمعها للضعفاء ولمن رماهم حظهم البائس في براثنها. ككل العصابات تريد جبهة الشر هذه استمرار المستنقع الشرق أوسطي ﻷن « أعمالها  » لا تزدهر ٳلا في غياب القانون وحقوق اﻹنسان
فهمنا ٳذا لماذا لا يحتاج أصدقاء اﻷسد لا لمؤتمر ولا لتفاهمات فكلهم في الشر سواسية وعدوهم واحد ومعروف هو الحق والعدالة
أصدقاء الشعب السوري كثر لكن « لا بركة فيهم « . رغم ذلك من اﻷفضل الاصطفاف بين هؤلاء على قلة حيلتهم من التمترس وراء « حماة اﻷسد  » سيئي السمعة
نرجو الله أن لا يشارك الرئيس التونسي الفذ في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري هذا وأن لا يتحفنا بحضوره وبطروحاته البهلوانية ، بعدما « نجونا » من مشاركة هيئة التنسيق ومنسقها اﻷكثر من ممانع « المناع »
الدولة المضيفة تركيا تصر على أن تكون « أم الصبي  » دون أن يكون لها فضل لا في الحمل ولا في الولادة. الدور التركي يقتصر على الكلام المنمق و »استضافة  » معارضة فندقية ولاجئين محروسين بعناية كي لا يزعجوا الجار اﻷسدي الهصور. بالمحصلة يبدو الدور التركي سلبياً ، سبق لنا وأن شبهناه « بطبخة البحص « . تركيا اردوغان تريد أن تجني ثمار ثورة لم تساهم لا في صنعها ولا في دعمها ولكنها تريد أن تصب نتائجها حصرا في سلة حزب العدالة الاردوغاني
تركيا تبدو خائفة على نفسها وعلى مصالحها أكثر بكثير من مبالاتها بالدم السوري ومن رغبتها في رؤية دولة سورية مزدهرة. تركيا تخشى خطر « تقسيم » سوريا الذي سيصيب تركيا بالضرر أكثر من غيرها
تقسيم سوريا سوف يكون مؤلماً لكل السوريين ولكن هذا التقسيم هو بالذات « معادلة  » اﻷسد الذي ٳما أن يحكم سوريا كلها بعائلته وبالطائفة الكريمة وراءها أو يتجه ٳلى التقسيم وٳقامة دولة علوية في الساحل السوري تؤمن مصالح جبهة الشر في شرق المتوسط. ٳن اختار اﻷسد الاتجاه ٳلى التقسيم مستعيناً بآلته العسكرية الجبارة مع دعم روسي ٳيراني ومباركة ٳسرائيلية فلن يستطيع السوريون العزل فعل أي شيء سوى « الدعاء  » وانتظار الفرج
مشكلة تركيا هي أن سقوط النظام اﻷسدي سيؤدي ، في غياب تدخل خارجي أممي وفي غياب بديل داخلي قوي قادر على المحافظة على وحدة التراب السوري ، ٳلى حالة من التفكك الداخلي ستكون لها تداعياتها على المسألتين الكردية والعلوية في تركيا ذاتها. تخشى تركيا أن يستغل اﻷكراد السوريون فوضى ما بعد اﻷسد للتقارب مع ٳخوتهم في العراق طلباً للدعم والحماية مما يقوي موقف اﻷكراد عموماً في المنطقة ويهدد الوحدة الوطنية التركية
هناك وجه آخر لا يتم التطرق له عادة وهو المسألة العلوية في تركيا ، فالعلويون يشكلون أيضاً أقلية في تركيا والناطقون بالعربية منهم يتركزون في اسكندرون التي سوف تكون امتداداً للدولة العلوية العتيدة. قيام كيان علوي ولو غير معترف به دولياً على حدود اسكندرون وآخر كردي سوف يشكل صداعاً وألماً مزمنين لقادة أنقرة
تسليح المعارضة السورية وتقويتها سوف يضعف نظام الشبيحة في دمشق ويزيد مخاوف أنقرة التي لها كل المصلحة في ٳضعاف النظام و »تطعيمه » بعناصر ٳخوانية صديقة لاردوغان وحزبه وليس في ٳسقاط النظام. بالطبع أنقرة كغيرها من العواصم أدركت أن بشار « ليس على قد الحمل » وأن الرجل أرعن ولا يتصرف بمسؤولية. أنقرة لها مصلحة في « ٳصلاح  » النظام وربما تغيير بشار وليس في ٳسقاط النظام وقيام دولة حرة وديمقراطية حقة في سوريا
هذا يفسر الدعم التركي البارد للثورة والوصاية الخانقة لتركيا على المعارضة السورية التي ترتع في فنادق اسطنبول الفخمة و لا تبالي بتهميش البعد الكردي في الثورة. هذا العنصر الكردي المندمج في سوريا و الذي تلقى ضربة قاضية مع غياب الكردي التوافقي « مشعل التمو »
ٳذا كان الجار الشمالي صديقا غير موثوق به للشعب السوري فما هي حال الجيران في الجنوب؟
ٳسرائيل « لولا العيب والحياء  » لدخلت مباشرة في المعمعة ولساهمت بأريحيتها المعهودة في قتل السوريين الثائرين، لكن هذا سيكون هدية مسمومة للأسد لذا تكتفي ٳسرائيل بمنح غطاء دولي لنظام اﻷسد وبدعمه استخباراتيا وفي المحافل الدولية بشكل مستتر
اﻷردن الهاشمي هو « صديق  » للجميع فهو يريد أن يستفيد ويفيد ولا مانع لديه من أن يكون « رئة الشعب السوري في مواجهة العقوبات الظالمة والتي تضر بهذا الشعب « . تماماً كما كان اﻷردن الرئة الاقتصادية لنظام صدام طيلة حكم اﻷخير فللعرش الهاشمي خبرة في الموضوع. أما التدخل المباشر أو دعم الثورة السورية عسكريا للتحرر من الاحتلال اﻷسدي فهذا يناقض الحياد اﻷردني المشهود بين القاتل والضحية
يبقى اﻷخوة الخليجيون وهؤلاء قسمان، قطر والسعودية في جانب وباقي عرب النفط في جانب آخر. عرب اﻹمارات والكويت مشغولون بأمور عظام مثل البورصة والقرضاوي وعطلة الصيف المقبلة. قد يخطر ببالهم توجيه « الزكاة » هذا العام ٳلى اللاجئين السوريين في العراء، أما التعاطف مع الثورة السورية ودعمها فهذا لا محل له بين اهتماماتهم. الكويتيون على الخصوص والذين ذاقوا نعيم القمع على يد صدام يتصرفون على مبدأ « كش برا وبعيد  » ويا دار ما دخلك شر
ٳخوتنا في قطر والسعودية يحبون الشعب السوري لكنهم يكرهون ٳيران ويخشونها أكثر بكثير من محبتهم للشعب السوري وحريته. فوق ذلك فحب السعودية وقطر للشعب السوري هو « حب عذري » بالقول لا بالفعل. يكفي أن نتابع محطات العربية والجزيرة ﻹدراك هذا الواقع ومدى « لوعة » العشق العذري لدى اﻷحبة في قطر والسعودية العاجزين حتى عن استقبال المعارضة السورية وٳيوائها في فنادقهم الفخمة لكي لا تضطر هذه المعارضة لاستجداء الضيافة التركية ثقيلة الظل
هل تخاف السعودية من ٳيران وهي الدولة العربية اﻷغنى والمفترض أنها اﻷقوى وفي تصرفها ثروات هائلة وٳمكانات بشرية وعلاقات سياسية واسعة ؟ ما سر تمكن ٳيران من أن تصبح دولة نووية وأن تلعب بحرية على امتداد العالم العربي و تهيمن على مصير الملايين من العرب مباشرة وبشكل غير مباشر في حين يرتعد الخليج الغني والقوي خوفاً من دولة فقيرة ومحاصرة ؟
ثم أين الدعم الموعود من قبل ٳخوتنا في السعودية الذين لا يشاركون تركيا مخاوفها من الكيانات الكردية والعلوية والذين لهم مصلحة في وجود معارضة سورية قوية وقادرة على ضمان وحدة اﻷراضي السورية ؟
البعض يقول أن الدعم السعودي والقطري للثورة السورية مستتر (خوفاً من الفضيحة ؟). الواضح أن هذا الدعم سري للغاية ولكي تكتمل « سرية » هذا الدعم فهو غير موجود أصلاً على قول قادة الجيش السوري الحر
مع هكذا  » أصدقاء  » هل يحتاج الشعب السوري ٳلى أعداء ؟

مدونة – 3/29/2012

http://shamblog.elaphblog.com/posts.aspx?U=6849&A=109820