أنا يا صديقة أميركي بعروبتي! – نادر رنتيسي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 23 août 2011

هي العروبَةُ اليومَ يا صديقتي « لعنَةٌ وعِقابُ »..؛ فأكادُ أخشى البكاءَ على ضفيرةِ امرأةٍ حمصيَّةٍ، قصَّها العسكريُّ المجرَّدُ من رتَبِ الآدميَّةِ، في بحثِهِ العبثيِّ عن زوج هتَفَ لله وسوريَّة، ثمَّ كسَرَ بأنفاسه الضلعَ الثالثَ من الولاءِ؛ أخشى يا صديقتي البكاءَ..، فالعروبة اليومَ مختزلةٌ ببَعْثٍ يبعثُ موتَهُ بالقتلِ، وبحاكمٍ قصَّاب
لو قلتُ يا صديقتي إنَّ الناسَ تموتُ هناك، أعلى الرأس العربيِّ، لأنَّهم فكَّروا بالوقوفِ على قدمين، خاليتين من الدم الفاسد، ظنَّوا طوالَ أربعين عاماً أنَّهما كسيحَتَان، ولأنَّهم تجرؤوا على شهقِ الهواءِ في الميادين العامة وقذفه بهتاف سليم اللغة لا لحْنَ فيه: »الشعبُ يريدُ إسقاطَ النِّظام »..؛ لصرتُ ليبراليا مُريباً، من « المهرولين » على عتبات السفارات الغربيَّةِ، أستجدي هِبات الاستعمار الناعم
لم تعد العروبة، يا صديقتي، واضحَةً كالشمس التي لم تغب عنها، فلا تعريفَ شافياً لها، سوى ما ورَدَ حافلاً بالمجاز في شعر نزار قباني. العروبة الآن لها « عرابون » جدد، يستحوذونَ على صكوكِها، تأتيهم بأظرف مغلفة من « جبل قاسيون » فيوزِّعونها أو يبيعونَها لمَنْ يقلِّدُ أصواتهم، كالطيور الغبيَّة؛ فلستُ عروبيا، يا صديقتي، وأكونُ مجرَّدا من صكوك « الثورجيين » إذا لم أصدِّق أنَّ الطفلة « علا الجبلاوي » كانت عضوا فاعلا في « الكتائب البرتقالية »
أنا يا صديقة أميركي بعروبتي، إنْ قلتُ بدافع وخز خفيف للضمير الإنسانيِّ إنَّ نظامَ البعث « فاشي »، وله أطراف « نازية » حادَّة وإنَّ رصيده من القتل مرَّةً واحدةً في حماة، يفوقُ كلَّ ما قتله في الحروب الخاسرة أو « المنتصرة »، من جنود إسرائيليين، بيده أو باليد الطويلة لـ »حزب الله »..؛ يا صديقتي إنْ زادَ الرقم قليلا بمن ماتوا عفوا وقصدا برصاص « التشبيح »..؛ فإنَّ الحروب العربية كلها تبدو تمارينَ وهميَّة على القتل
للذين لم يستحوا فقالوا كلَّ شيء، فأنا إنْ غضبتُ وكفرتُ بـ « الرسالة الخالدة » لما أستدلُّ على موت سيدة عجوز في « إدلب » بطقم أسنان مستقيم على الأرض، أكونُ مؤيِّدا لثورة « المهربين » وعصابات عكار وجماعات الاحتلال الأميركي في « الجزيرة » و »البو كمال »، ولديَّ ارتباط شديد المنفعة بمراكز التمويل الأجنبي المشبوهة..؛ يا صديقتي لا تصدِّقي أنَّني « متعبٌ بعروبتي » هو صبر المؤمنين حتى يتوبَ عباد الطغاة
يمسحونَ العارَ عن جبينه فلا يزولُ؛ هل سمعتِ يا صديقتي عن عار يمكنُ غسله بحبر أسود، فيصيرُ « بشار الأسد » ممانعاً (حتى وإنْ قطع التفاوض مع إسرائيل ثلاثة أشواط وتعطَّلَ لتمنّع الطرف الآخر) ومقاوماً ( بدلالة أنَّه ما يزالُ يحتفظ بحق الردِّ « في الوقت المناسب » على التحليق الإسرائيلي فوق قصره) وهو القائد المؤمنُ، العاقلُ، الضرورة (حتى وإنْ كان الوحيد الذي أسرف في إباحة المحظورات؛ فقتل نصف ألف في شهر رمضان)
سيموتُ « الأسد » يا صديقتي فلا حياةَ له خارجَ « الغابة ». ولن تظلَّ خلفه الأصوات التي تؤجِّرُ ضميرها ويساريَّتها لشيطان طويل اللسان يخشى على « سورية » من « المؤامرة » و »التدخل الأجنبيّ »؛ ونظام « الممانعة » و »المقاومة » هو الذي دسَّ أصابعه غير البريئة في كلِّ البلاد المجاورة، ويوما ما وقفَ « البعثُ » ضدَّ « البعثِ » في خندق ملوث بـ « حفر الباطن » في حرب أميركية مفتوحةٍ على الصفحة الأولى من « الرسالة الخالدة »
« مشتاق يا أهل الشام »، هي أيام أو مزيد من الشوق؛ فيا صديقتي هيِّئي مكاناً لقلبي بنبضه الفروسيِّ فـ »متعبٌ بشامي أنا »، وعشق دمشق « ذباح »، لن أطيلَ الشرح فـ « هل في العشق إيضاحُ »؛ أنا مشتاق فمنِّي الكأسُ ومنكِ الراحُ

الغد – الثلاثاء 23 اب 2011م