أين ستنتهي الثورة في سورية؟ – د. محمد حسين المومني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 18 septembre 2011

لا أدري كم منّا يستطيع تحمل رؤية مشاهد التعذيب والتنكيل بالشعب السوري الأعزل! ولا أدري أي مروءة بقيت في نظام سياسي يجبر مواطنيه على الإقرار بأن « لا إله إلا رئيسه »، ويدوس على كرامات الرجال، وينكل بالأطفال، ويرهب الآمنين في بيوتهم! كيف يفكر من يرتكب هذه الفظائع، وماذا يعتقدون أنهم سيجنون؟ هل سيقتلون الملايين من أبناء الشعب السوري التي انتفضت لكرامتها، وسطرت أروع الأمثلة في البطولة والتضحية والرجولة؟ ألا يدرك هؤلاء أنهم كلما قتلوا شخصا خرج ثأرا لدمه العشرات إن لم يكن المئات؟ ألا يخشى هؤلاء من قهر الرجال.. خاصة أولئك السوريين الذين صرخوا بأعلى صوتهم: « المنيّة ولا الدنية »! المفجع أن من يقتل ويذبح وينكّل، يفعل ذلك وهو يعتقد أنه يقوم بفعل وطني شريف، وأنه يحارب مرتزقة وعملاء خارجين عن القانون لأنهم يتظاهرون مطالبين بالحرية والكرامة، وكأنه قد تعرض لعملية غسل دماغ كامل

أكثر السيناريوهات تفاؤلا باستمرار الحكم على ما هو عليه في سورية تتحدث عن أوقات ومُدد لا عن بقاء وديمومة. ويكاد يجمع كافة المحللين المحايدين أن النهاية ستكون غير سارة ودموية لنظام سياسي حوّل مدارسه إلى معتقلات تهان فيها كرامة الرجال. مثالا ليبيا واليمن يدللان بوضوح على استحالة استمرار الوضع في سورية على ما هو عليه، وأن الانهيار قادم لا محالة، والخيار الوحيد المتبقي أمام الحكام السياسيين هو تأمين مخرج سياسي وأمني آمن لهم ولعائلاتهم؛ فالشعب الذي خرج بالملايين يعلم تماما أنه إذا عاد واستكان فسيقضى عليه واحدا واحدا، لذلك فلا عودة بالنسبة له إلا مع انهيار آلة القمع والقتل
تسريع وقف القتل الذي يتعرض له الشعب السوري هو ما يجب الحديث عنه في هذه المرحلة، والذي قد يتأتى من خلال دور دولي أو عربي جمعي لا فردي. وقد رأينا للآن تحركا عربيا خجولا باتجاه اقتراح مخرج للأزمة، ولكن العرب معنيون بأكثر من ذلك؛ فهم مطالبون على الأقل بتقديم دعم معنوي لمطالب الشعب السوري على غرار ذلك التركي.. دعم معنوي ليس خارجا عن المألوف، بل ملتزم بمنظومة الأخلاق السياسية والاجتماعية التي تحترمها الدول العربية -على قصورها- والتي لا يبدو صناع القرار في سورية يعرفون أي شيء عنها
أما الموقف الدولي فهو أكثر ترددا، لأن سورية ليست ليبيا وإنما أشبه بالعراق. ولهذا، فالأرجح أن تدخلا مباشرا أمر مستبعد، ولكن ما يمكن عمله هو أولا قيادة جهد لعزل وتعرية الموقف الروسي المشين تجاه الأحداث في سورية، وبالتزامن مساعدة المعارضة السورية على التوحد والتنظيم والتخطيط لتصبح كينونة على غرار المجلس الانتقالي الليبي.
استمرار ما يحدث في سورية سيؤجج الإقليم ويزيد من نسبة التوتر فيه. وشجاعة الثورة السورية قدمت الكثير من المعنويات للراغبين بالثورة والتحرر، رغم أنها أيضا أخافت البعض من الفوضى التي قد تترتب عليها. الثورة لن تنتهي إلا بسورية جديدة حرة وديمقراطية؛ وعليه فدول الإقليم والعالم معنية بإيقاف مأساة الشعب السوري والاستعداد لمرحلة ما بعد الثورة

Source : http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef/article/26909.html
Date : 15/9/2011