إدانة زوار الأسد! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 17 février 2013

باستعراض أسماء زائري بشار الأسد الذين وصفوا بـ »ناشطين سياسيين أردنيين »، الأسبوع الماضي، فقد كان يُفترض أن لا تكون الزيارة بحد ذاتها مثاراً للاهتمام. وهي في الواقع زيارة لم تستق أهميتها إلا مما تبعها من جدل وتبرؤ وإدانة شعبية ونقابية، لا يستحقها زوار الأسد أبداً.
فلماذا كل هذا الانفعال الشعبي إزاء مجموعة تصف نفسها بالقومية، لكنها لا تستطيع حتماً جمع بضع مئات في الأردن وحده تأييداً لبشار؛ وقد تغدو معجزة قدرتها على جمع بضعة آلاف من ملايين العرب، من المحيط إلى الخليج، تأييداً لمذابح النظام في دمشق؟
طبعاً يرد هؤلاء أن القضية ليست بشار ودكتاتورية الأسد، أباً وابناً، منذ أكثر من أربعة عقود، بل هي « المؤامرة الكونية » التي تريد الإجهاز على مكتسبات « سايكس-بيكو »، ويغفل عنها ملايين العرب الدهماء، فيما يعرف تفاصيلها تماماً شلة من القوميين النبهاء. لكن إن صدقنا ذلك، فيغدو السؤال الأول الآن: ماذا قدم هؤلاء من اقتراحات للأسد لمواجهة مؤامرة تدمر سورية التي باسم حمايتها يتحدثون؟ لا شيء، وإلا فهو اقتراح واحد وحيد: مطالبة الأسد بسفك مزيد من الدماء، وممارسة أشكال أبشع من التنكيل بحق السوريين، وإشاعة دمار أكبر مما أوقع على مدار قرابة عامين.
وليس في هذا التقدير أي مبالغة ولا افتراء. فالأسوأ بحق زوار الأسد افتراض أنهم يجهلون وجود معتقلين سياسيين سوريين وأردنيين وفلسطينيين وغيرهم، من شتى الأديان والطوائف والانتماءات الأيديولوجية؛ وهم مسيحيون ومسلمون، سنة وعلويون، موحدون وملحدون، معتقلون منذ سنوات قبل بدء « المؤامرة الكونية! ». ولأنهم يعرفون ذلك، فلماذا لم يطالب أولئك الزوار القوميون بإطلاق سراح واحد من هؤلاء المعتقلين « غير الإرهابيين »؟ هل ماتوا تحت التعذيب؟ أم إنهم تحولوا حتماً إلى إرهابيين سلفيين (حتى وإن كانوا أصلاً غير مسلمين أو ملحدين) من شدة ما عانوه في السجون على يد جلاديهم؟ أم لعل الأسد، بالمفهوم القومي، بات صاحب الولاية المطلقة في منح صكوك الآدمية لمن يريد؟!
فعلاً، لا يستحق أولئك الزوار إدانات شعبية من أي نوع، إذ يكفيهم أنهم زاروا الأسد طواعية معلنين تأييد مذابحه! وليس من شيء يخجل منه من أنكر إنسانية الإنسان وحقه في الحياة والكرامة.
مع ذلك، فإذا كان هناك من يتوجب عليه إدانة مؤيدي الأسد، فهم القوميون الحقيقيون. إذ لا يجب أن يواصل هؤلاء ارتكاب جريمة الانتحار بجعل مفهوم القومية العربية مرادفاً للاستبداد والفساد وتدمير الأوطان لأجل فرد. ألا يكفيهم حصاد سنوات البعث في سورية والعراق؟ وأهم من ذلك، ألا يكفيهم أن الغالبية الكاسحة من شعب فلسطين التي باسمها يدعون الشرعية وحتى يتاجرون، تؤيد ثورة الشعب السوري ضد النظام الدموي الفاسد في دمشق؛ أم أن الفلسطينيين أو غالبيتهم العظمى، شعبياً وفصائلياً، باتوا أيضاً مشاركين في المؤامرة الكونية الصهيونية-الأميركية؟!
هي أسئلة لا تنتظر إجابات، كما سؤال لماذا يكتسح الإسلاميون ويتقهقر القوميون حد الاضمحلال؟!

http://www.alghad.com/index.php/crew/152751.html