إسرائيل ومساحة التسوية « السورية »؟ -منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 18 avril 2016

manar-rashwaniوعد واحد أوفى به بشار الأسد على امتداد سنوات توليه الحكم؛ ذاك الذي قطعه مع اندلاع « الربيع العربي »: « الأسد.. أو نحرق البلد ». فكان أن أُحرقت سورية فعلاً؛ مادياً ومعنوياً. وهو ما يفسر تماماً، بعد كل القتل والتهجير والتدمير، أنه فيما يتفاوض « رسمياً »، في جنيف، وفدا المعارضة والأسد، فإن التسوية المطروحة، والتي يتوجب أن يصادق عليها هذان الوفدان، هي فقط تلك التي يعمل على التوافق عليها في الوقت ذاته وفدان آخران؛ أميركي وروسي، بالتنسيق مع حلفاء الطرفين الإقليميين، أو بإخضاعهم إن لزم الأمر.
إزاء تلك الحقيقة، يبدو غريباً تماماً الحضور الإسرائيلي المفاجئ بشأن ما يجري في سورية حالياً؛ بتأكيد حكومة بنيامين نتنياهو على أبدية الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية، وعقد مجلس الوزراء الإسرائيلي، بشكل غير مسبوق، جلسته الأسبوعية هناك يوم أمس.
فإذا كانت « سورية الأسد »، في ذروة قوتها ما قبل العام 2011، لم تشكل يوماً تهديداً لإسرائيل على صعيد استعادة هضبة الجولان المحتلة، فإن من يقرر مستقبل سورية اليوم ليسا سوى حليفين وثيقين لتل أبيب؛ الولايات المتحدة التي لم يبد أنه لم يعد لها من مصلحة في المنطقة إلا أمن إسرائيل، وروسيا التي نسقت وتنسق مع الدولة العبرية بمنتهى الأمانة منذ تدخلها عسكرياً بشكل مباشر لحماية الأسد، حد ضمان أمن الطائرة الإسرائيلية المغيرة على سورية، والتي أدت في واحدة منها إلى مقتل القيادي في حزب الله سمير القنطار، رغم أن الحزب وسواه من مليشيات إيرانية، تؤدي دور القوات البرية المكملة للعمليات العسكرية الجوية الروسية في سورية.
بالنتيجة، فإنه في حال افتراض أن التحرك الإسرائيلي الحالي هو تعبير عن قلق، يكون صحيحاً بالتالي أن خطة التسوية « السورية »، الأميركية-الروسية أساساً، هي أوسع في مساحة أهدافها من سورية ذاتها وإن حملت اسمها وحدها، بحيث تكون خطة إقليمية، تشمل بالإضافة إلى سورية، كلاً من العراق، وكردستان العراق، وكردستان سورية، والقضية الفلسطينية، على أقل تقدير. أي هي خطة/ صفقة تسعى إلى إنهاء (أو يظن أطرافها أنهم قادرون على إنهاء) كل ملفات الصراع، ولو على مراحل.
أما في حال عدم صحة الفرضية السابقة، فيكون ممكناً استنتاج أن حراك نتنياهو بشأن الجولان هو تعبير على رغبة إسرائيلية خالصة في توسيع رقعة « التسوية السورية »، بحيث تشمل إنهاء ملف الصراع « السوري-الإسرائيلي » ممثلاً باحتلال الجولان، عبر آلية يُتفق عليها مع مهندسَي مستقبل سورية، حليفي إسرائيل في الآن نفسه؛ الولايات المتحدة وروسيا.
يعزز السيناريو الأخير، أن مسؤولين ومعلقين إسرائيليين كانوا قد أعلنوا سابقاً وجوب اغتنام فرصة الحرب في سورية لانتزاع اعتراف دولي بـ »إسرائيلية الجولان ». واعتبر وزير التعليم وعضو المجلس الوزاري لشؤون الأمن، نفتالي بينيت، في تموز (يوليو) 2015، أنه « لم يعد من حق سورية المطالبة بهضبة الجولان، بعد أن انهارت عملياً كدولة »، كما تذرع بما يتذرع به حزب الله لقتل السوريين، أي التكفيريون الدواعش، بقوله إن « من يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان، يطالب عملياً بأن تكون منطقة الجليل تحت رحمة عناصر تنظيم داعش ».
بالمحصلة النهائية، تبدو إسرائيل راغبة أو قادرة على تتويج ما جنته من حكم الأسد، والذي جعل من الجولان الجبهة الأهدأ على الإطلاق، طوال عقود. لكن الجولان ستظل جزءا من سورية الباقية، وليست جزءاً من « سورية الأسد » التي تمضي إلى زوال.