إلى أمّي السوريّة’! – لطيفة اغبارية / A ma mère syrienne – Latifa Aghbari

Article  •  Publié sur Souria Houria le 9 mars 2012

Publications en arabe Publications en français


 
A ma mère syrienne !
Aujourd’hui, je ne parlerai pas de la journée de la femme et je ne revendiquerai pas les droits de la femme arabe. Non parce que celle-ci baigne dans le bien-être, non parce qu’il n’y a pas des millions de veuves et de mères ayant perdu leurs enfants en Irak, non parce que l’amour des mères et des épouses de détenus palestiniens s’est éteint, non parce que les cimetières ne constituent plus le refuge de nombreuses femmes en Égypte, non parce qu’il y a tant de vieilles filles dans les pays arabes … Non, je n’allongerai pas la liste des non…

J’abrégerai mon message cette année, je le dédierai à ma mère syrienne et, puisque les mots m’ont souvent fuie, je rassemblerai mes mots épars et je te dirai, mère syrienne, que je te célèbre pour ta patience. Mars est passé… Mars est repassé et tu vis toujours sous le joug du bourreau, toi, la Dame du Pays de Cham qui nous est si chère ! J’ai tellement honte de ton regard alors que tu tisses les rayons du soleil avec le sang de tes enfants, au vu et au su du monde civilisé.

Je ne parviens plus à dormir sans penser à toi, non parce que le testament de Mahmoud Darwich Pense aux autres me hante, mais parce que ton regard et les marques de chagrin gravés sur ton fier visage abolissent toute autre pensée. Il ne s’agit pas d’une largesse de ma part, mais d’un trop plein de sentiments qui envahit ma tête,à cause du sang, du meurtre, de la violence qui t’a entraînée chez le bourreau.

Mère, je promets de penser à toi encore et encore, car je garde toujours en mémoire et sous mon oreiller le testament sacré de Darwich, toi, mère du peuple syrien, mère du peuple arabe ! Et toi, l’assassin, il ne te reste plus qu’à trembler devant l’assassiné !

Latifa Aghbari, écrivain et journaliste palestinienne

Extrait d’un texte paru dans al-Quds le 07/03/2012

 

 

إلى أمّي السوريّة’!
لطيفة اغبارية
2012-03-06

لا أعرف سرّ انجذابي في الآونة الأخيرة، إلى ‘كزهر اللوز أو أبعد’ لمحمود درويش، رغم أنّني حفظت الكتاب عن ظهر قلب. فأصبحت عيناي تُوجّهاني تلقائيا إلى المكتبة لتناوله وقراءته مرّة تلو الأخرى. رُبما لأنّه يُذكّرنا ببداية آذار وتفتح زهر اللوز، أو أنّها وصايا درويش التي يحثُّنا من خلالها على التفكير بالغير وبأدّق التفاصيل.
ها هو عام قد انقضى، على آذار الثورة السورية، والوريد ما زال ينزف، وجراح الثكالى لم تلتئم، ودماء الشهداء خضراء….، وها نحن في بداية آذار جديد، وهذه المرّة يطلّ علينا يوم الثامن من آذار، يوم المرأة العالميّ، متزامنا مع موسم الربيع والثورات العربيّة، له نكهات مختلفة ومركّبة، ما بين حلم التخلّص من أنظمة فاسدة تربّعت عقودا على رقاب الشعوب، وما بين ترقّب الأمل في وقف سيل الجروح وتضميدها.
ومع تفتّح أزهار اللوز، سألتصق بحديثي كالنّوار الذي يزين الشجرة الأمّ ويحضن أغصانها. لذلك لن أُطلق الفقاعات المائية الهشّة، المليئة بالشعارات والتمنيّات، لأنّنا أطلقنا مثلها كثيرا. وإذا ما عدنا وأطلقناها مرّة أخرى ، فإنّها سرعان ما ستطير وتنفقئ أعينها، وتتلاشى، وتصبح أضغاث أحلام، يدوسها الشبيحة.
نريد لهذه الفقاعات أن تنمو لوحدها، وتصبح سُحبا تفيض بالماء الذي يروي خضرة الأرض، سُحُبًا ترسم في الأفق قوس قزح يحمل في طياته أياما ربيعية جديدة، لها نكهة وطعم اللوز، ورائحة الياسمين الدمشقيّ.
ففي يوم المرأة هذا العامّ، ما زال الرجال في الشّام يحلمون بنوم هادئ، يتخلصون فيه من الأنفاس المتعبة المتقطّعة، دون سماع تمضية سكين الذبح، ودون الاستيقاظ على زئير الأسود، وأزيز الرصاص. يحلمون بنهارات غير ثكلى، لا تحمل بكاءً وعويلا. أمّا من يعيش ناجيا من ضرب السياط، ومن الموت المحتوم، فهو ينام مثقل الجسد، يرقب نهارا جديدا يحمل في طياته، آمالا بنفسجية، يصلّي للنجاة والظفر بحياته من عذاب وسياط الجلاّد.
لن أتحدث عن يوم المرأة، ولن أطالب بحقوق نسوية للمرأة العربية، ليس لأنّها تنعم في رغد ورفاهية، وليس لأنّه لا توجد ملايين الأرامل والثكالى في العراق. وليس لأنّ شوق آلاف الأمهات وزوجات الأسرى الفلسطينيين قد انطفأ. ولا لأنّ القبور لم تعد مأوى الكثير من نساء مصر. ولا لأنّه لم تعد هناك ملايين العوانس في العالم العربيّ….! لن أطيل عليكم بقائمة حرف النفي ‘ليس’ وهو ذاته الفعل الجامد…فهو مركّب كحالة ووضع أمتنا العربيّة. لكنّني أختصر ذلك بالقول تبّا لك أيّها الجلاّد، أيّها القمع، أيّها الترهيب، تُبّا لسياسة كتم الأفواه وقطع الألسن، أيها الفقر والفراغ واليأس القاتل، الذي ملأ الكراسي الخشبية الضيّقة المتشقّقة بالرجال العاطلين عن الأمل، وملأ المقاهي بأنفاس ‘ النرجيلة’ المخنوقة الهاربة من هذه الأيام .
وبما أنّني ما زلت أؤمن أنّ الرجال العرب ليست لهم حقوق، فكيف لنا إزاء هذا الوضع أن نطلب تحقيق العدالة والمساواة من فاقدها؟ وكيف لكادح يومه من أجل توفير لقمة العيش، أن يعود بعد عناء ساعات طويلة إلى بيته فاردا ابتسامته العريضة برحابة صدر؟على كلّ حال، فإنّ أكثر ما يواسينا أنّنا أصبحنا جمرا مشتعلا، حتى لو كنّا تحت الرّماد، ومن هذه النيران أشعل الشهيد محمد البوعزيزي الثورة التونسية، التي ألهبت الملايين لاحقا. ومنها خلقنا بصيص الأمل المستمر، ومنها خلقنا الرجال. وقبلها خُلق الشعراء. هذه النيران الكامنة تحت الرماد يجب ألا نستخفّ بها، فالأّم الفلسطينية ما زالت تغطيّ الجمر بالرماد، ليبقى ‘ الطابون’ مشتعلا ليومه التاليّ، ولتقوم بإعداد أرغفة الخبز، وليلتّف حولها أبناؤها، لتكبر سنابل القمح.
سأختصر رسالتي هذا العامّ، وأهديها لأميّ السورية، وبما أنّ الكلمات هربت مني تكرارا، فلم أفلح في إطالتها، فسأسترق ما تبقى من كلماتي المبعثرة، فأقولك لك يا أمّي السوريّة، هنيئا لك بالصبر، لأنّه مرّ آذار…وحضر آذار…وأنت تعيشين تحت سطوة الجلّاد… يا سيّدة الشّام الغالية على قلوبنا، كم أخجل من نظراتك، وأنت تنسجين خيوط الشمس من دماء أبنائك، على مرأى من العالم المتحضّر.
أيتها الغالية، التي لا أعرف أن أنام دون أن أفكّر بها، ليس لأنّ وصية درويش’ فكر بغيرك’ وحدها تطاردني! بل لأنّ نظراتك وخطوط الحزن المرسومة

إلى أمّي السوريّة’!
لطيفة اغبارية
2012-03-06

لا أعرف سرّ انجذابي في الآونة الأخيرة، إلى ‘كزهر اللوز أو أبعد’ لمحمود درويش، رغم أنّني حفظت الكتاب عن ظهر قلب. فأصبحت عيناي تُوجّهاني تلقائيا إلى المكتبة لتناوله وقراءته مرّة تلو الأخرى. رُبما لأنّه يُذكّرنا ببداية آذار وتفتح زهر اللوز، أو أنّها وصايا درويش التي يحثُّنا من خلالها على التفكير بالغير وبأدّق التفاصيل.
ها هو عام قد انقضى، على آذار الثورة السورية، والوريد ما زال ينزف، وجراح الثكالى لم تلتئم، ودماء الشهداء خضراء….، وها نحن في بداية آذار جديد، وهذه المرّة يطلّ علينا يوم الثامن من آذار، يوم المرأة العالميّ، متزامنا مع موسم الربيع والثورات العربيّة، له نكهات مختلفة ومركّبة، ما بين حلم التخلّص من أنظمة فاسدة تربّعت عقودا على رقاب الشعوب، وما بين ترقّب الأمل في وقف سيل الجروح وتضميدها.
ومع تفتّح أزهار اللوز، سألتصق بحديثي كالنّوار الذي يزين الشجرة الأمّ ويحضن أغصانها. لذلك لن أُطلق الفقاعات المائية الهشّة، المليئة بالشعارات والتمنيّات، لأنّنا أطلقنا مثلها كثيرا. وإذا ما عدنا وأطلقناها مرّة أخرى ، فإنّها سرعان ما ستطير وتنفقئ أعينها، وتتلاشى، وتصبح أضغاث أحلام، يدوسها الشبيحة.
نريد لهذه الفقاعات أن تنمو لوحدها، وتصبح سُحبا تفيض بالماء الذي يروي خضرة الأرض، سُحُبًا ترسم في الأفق قوس قزح يحمل في طياته أياما ربيعية جديدة، لها نكهة وطعم اللوز، ورائحة الياسمين الدمشقيّ.
ففي يوم المرأة هذا العامّ، ما زال الرجال في الشّام يحلمون بنوم هادئ، يتخلصون فيه من الأنفاس المتعبة المتقطّعة، دون سماع تمضية سكين الذبح، ودون الاستيقاظ على زئير الأسود، وأزيز الرصاص. يحلمون بنهارات غير ثكلى، لا تحمل بكاءً وعويلا. أمّا من يعيش ناجيا من ضرب السياط، ومن الموت المحتوم، فهو ينام مثقل الجسد، يرقب نهارا جديدا يحمل في طياته، آمالا بنفسجية، يصلّي للنجاة والظفر بحياته من عذاب وسياط الجلاّد.
لن أتحدث عن يوم المرأة، ولن أطالب بحقوق نسوية للمرأة العربية، ليس لأنّها تنعم في رغد ورفاهية، وليس لأنّه لا توجد ملايين الأرامل والثكالى في العراق. وليس لأنّ شوق آلاف الأمهات وزوجات الأسرى الفلسطينيين قد انطفأ. ولا لأنّ القبور لم تعد مأوى الكثير من نساء مصر. ولا لأنّه لم تعد هناك ملايين العوانس في العالم العربيّ….! لن أطيل عليكم بقائمة حرف النفي ‘ليس’ وهو ذاته الفعل الجامد…فهو مركّب كحالة ووضع أمتنا العربيّة. لكنّني أختصر ذلك بالقول تبّا لك أيّها الجلاّد، أيّها القمع، أيّها الترهيب، تُبّا لسياسة كتم الأفواه وقطع الألسن، أيها الفقر والفراغ واليأس القاتل، الذي ملأ الكراسي الخشبية الضيّقة المتشقّقة بالرجال العاطلين عن الأمل، وملأ المقاهي بأنفاس ‘ النرجيلة’ المخنوقة الهاربة من هذه الأيام .
وبما أنّني ما زلت أؤمن أنّ الرجال العرب ليست لهم حقوق، فكيف لنا إزاء هذا الوضع أن نطلب تحقيق العدالة والمساواة من فاقدها؟ وكيف لكادح يومه من أجل توفير لقمة العيش، أن يعود بعد عناء ساعات طويلة إلى بيته فاردا ابتسامته العريضة برحابة صدر؟على كلّ حال، فإنّ أكثر ما يواسينا أنّنا أصبحنا جمرا مشتعلا، حتى لو كنّا تحت الرّماد، ومن هذه النيران أشعل الشهيد محمد البوعزيزي الثورة التونسية، التي ألهبت الملايين لاحقا. ومنها خلقنا بصيص الأمل المستمر، ومنها خلقنا الرجال. وقبلها خُلق الشعراء. هذه النيران الكامنة تحت الرماد يجب ألا نستخفّ بها، فالأّم الفلسطينية ما زالت تغطيّ الجمر بالرماد، ليبقى ‘ الطابون’ مشتعلا ليومه التاليّ، ولتقوم بإعداد أرغفة الخبز، وليلتّف حولها أبناؤها، لتكبر سنابل القمح.
سأختصر رسالتي هذا العامّ، وأهديها لأميّ السورية، وبما أنّ الكلمات هربت مني تكرارا، فلم أفلح في إطالتها، فسأسترق ما تبقى من كلماتي المبعثرة، فأقولك لك يا أمّي السوريّة، هنيئا لك بالصبر، لأنّه مرّ آذار…وحضر آذار…وأنت تعيشين تحت سطوة الجلّاد… يا سيّدة الشّام الغالية على قلوبنا، كم أخجل من نظراتك، وأنت تنسجين خيوط الشمس من دماء أبنائك، على مرأى من العالم المتحضّر.
أيتها الغالية، التي لا أعرف أن أنام دون أن أفكّر بها، ليس لأنّ وصية درويش’ فكر بغيرك’ وحدها تطاردني! بل لأنّ نظراتك وخطوط الحزن المرسومة على جبهتك الشامخة، كافية لوحدها أن تجعل من حيز العقل مرتعا للتفكير بلا إرادة! لا أفكّر بك حتى أقول لك هذه منّة أو جميلا منّي..إنّها فيض المشاعر تغزو عقلي، وتشعل رأسي شيبا، من هول صراع التفكير، من رهبة الدماء، من تزهيق الأرواح … من أحرف الجرّ التي قادتك إلى الجزّار.
أعدك بأنّني سأبقى أفكّر بك..فما زلت أحتفظ بوصايا درويش المقدّسة في ذاكرتي، وتحت وسادتي الخالية إلا من التفكير بك…يا أمي…ويا أمّ الشعب العربيّ…ويا أمّ الشعب السوريّ الغالي. أمّا أنت أيّها القاتل فيا ‘لرهبتك من المقتول’ !

( كاتبة وصحافية من أم الفحم فلسطين) .
Latifa_agh@yahoo.com

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=data%5C2012%5C03%5C03-06%5C06qpt894.htm

Date : 6/3/2012