ائتلاف السوريين – سلام الكواكبي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 17 novembre 2012

بعد نقاشات مستفيضة وحوارات متشابكة وجهود مخلصة، توصلت قوى المعارضة السورية إلى التآلف وانتخبت رئيسا جيدا مع نائبين له. ضم الائتلاف الوطنى السورى ممثلين عن أغلب القوى السياسية الفاعلة على الأرض وشخصيات وطنية ممثلة للتطلعات السورية على مختلف مشاربها. وشارك المجلس الوطنى السورى، بعد إعادة هيكلته على أسس انتخابية وليست توافقية، بمجموعة كبيرة من المقاعد فى الكيان السياسى

الجديد.
توالت الاعترافات بالجسم السياسى السورى الجديد. فقد اعترفت فرنسا وتلتها تركيا وإيطاليا، وبصورة مجتزئة أمريكا، بالائتلاف كممثل الشرعى ووحيد للشعب السورى بانتظار استكماله تشكيل حكومة مؤقتة يغلب عليها التكنوقراط. وجاءت التعبيرات الدبلوماسية مرحّبة من الدول الأخرى مع جرعة ترقب. من جهتها، لم تستطع الجامعة العربية أن تُشغل مقعد الدولة السورية الفارغ بممثلين عن الائتلاف الجديد بسبب تعنت بعض الدول الأعضاء ممن تخشى أن تصلها رياح التغيير أو من تلك التى تنأى بنفسها عن كل ما هو مسئولية سياسية ووطنية وعسكرية تاركة قوى مسلحة غير مسئولة تسيطر على دكاكينها التوافقية. وأتى تردد بعض الدول الأخرى مفاجئا للبعض ولكنه يدل عن عجز دبلوماسى فى تفعيل آليات القرار فى ضوء التغييرات الحاصلة فى هذه الدولة أو تلك.

بالتأكيد، لا يعوّل السوريون كثيرا على دور هذه المنظمة اقليمية إلا فى حاملها الرمزى. وهم أيضا لا ينتظرون الكثير من الاعترافات الدولية خارج التأثير المعنوى واستعادة بعض المصداقية الأخلاقية التى تأخرت أشهرا عدة وتسهيل الحصول على المساعدات الإنسانية.

●●●

المهام السياسية والتنظيمية كبيرة الحجم وهائلة المعنى أمام الائتلاف الجديد الذى سيحاول بالتأكيد عدم الوقوع فى استعادة تجربة عدم فاعلية المجلس الوطنى المترتبة عن ضعف الدعم الدولى وعدم التواصل الفاعل مع القوى الثورية والأنا المتضخمة لبعض أعضائه وصيغته التوفيقية والتوافقية رغم كل النيات الوطنية الصادقة.

وبانتخاب أحمد معاذ الخطيب رئيسا إلى جانب سهير الأتاسى ورياض سيف، يبدو أن السوريين ابتعدوا عن فكرة المحاصصة الطائفية أو المناطقية التى أراد لهم الجميع، بدءا من السلطة وانتهاء بالمبادرات السياسية الدولية والأممية، أن يتبنوها. وما حملته كلمات الخطيب فى حفل توقيع الائتلاف من بساطة عميقة ومن توجهات أخلاقية، لا يمكن أن توصف بالمثالية، افتقدها الخطاب السياسى عموما منذ فترة، كان مؤشرا لوعى وجدانى بصعوبة إدارة المرحلة بعيدا عن الوعود الخلابة والتصريحات المبالغ بها التى يُنتظر سماعها ممن يتولون منصبا جديدا بهذه الأهمية.

وعلى الرغم من أن ممثلى جميع القوى السياسية كانوا حاضرين إعلاميا منذ مارس 2011 بخطابات مهمة، فإنه من الظلم أن تُعتبر كلمات الخطيب تدخل فى نفس السياق لأنها محدودة التفاؤل بحلول إعجازية وواضحة الرسائل الأخلاقية والوطنية وقوية الاعتماد على تواصل إنسانى مع قوى الشباب والنساء التى همشتها السياسات التقليدية. الاعتماد على الذات صنعة سورية بامتياز، والرئيس الخطيب يعى هذا الأمر منذ اليوم الأول.