الأسد الباحث عن أعداء – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 23 avril 2013

رداً على المطالبة بتنحيه عن السلطة لإنهاء المأساة في سورية، يواصل بشار الأسد في كل مناسبة ترديد مقولة إن « ما يقرره الشعب في هذا الموضوع هو الأساس بالنسبة لبقاء الرئيس أو ذهابه ». ويكاد المرء يظن، أمام هذا الإصرار، أنه كان في سبات مع أهل الكهف سنين طوالا عندما كان الأسد الابن يخوض انتخابات نزيهة، حملته بأصوات هذا الشعب إلى كرسي الرئاسة، وأتبعها بعد ذلك بسنوات من صون كرامة المواطنين، سياسياً واقتصادياً؛ فلا معتقلين، ولا مختفين منذ عقود، ولا مهجرين، ولا فاسدين على شاكلة رامي مخلوف وغيره من أبناء العائلة الصغار، الذين ورثوا بدورهم إنجازات الآباء الكبار، من أمثال محمد مخلوف، في هذا المجال!
وإذا كان البعض لا يرى جدوى في نبش ذاك الماضي في خضم المأساة الحالية، فإنه يظل صحيحاً أن الأسد ومنذ اندلاع الثورة، لم يخاطب الشعب السوري الذي يدّعي الشرعية باسمه. وهو عندما فعل ذلك في خطابه سيئ الصيت في دار الأوبرا بدمشق، في كانون الثاني (الماضي)، فإنما كانت غايته توضيح شروط الإذعان والاستسلام التي قررها طرفاً « منتصرا » على عدوه الشعب المهزوم والمقهور في مواجهته. ولذلك، يبدو الأسد منسجماً تماماً مع نفسه في مقابلته الأخيرة، عندما يصل إلى حدود القول « أنا سورية.. وسورية أنا ».
لكن، إذا كان الأسد لا يرى، تالياً، من طرف جدير بتوجيه خطابه إليه إلا الخارج؛ بدءاً من الدول الكبرى الغربية، وصولاً إلى الدول الإقليمية، فالغريب أن تكون لغة الخطاب هذه قائمة على التهديد ليس إلا؛ تارة للعالم ككل، ولاحقاً لمنطقة الشرق الأوسط فقط، وصولاً إلى دول بعينها.
وتتبدى الغرابة في أن مثل هذا التهديد والتلويح بإرهاب الدولة كان يمكن أن يخدم نظام الأسد في بداية الثورة، لغض الطرف عن مجازره بحق المتظاهرين السلميين، ومنع أي مساعدات للثوار لاحقاً. لكن بعد أن طالت الأزمة السورية وصارت مأساة، وبلغت الاستقطابات الإقليمية ذروتها، لا تبدو تهديدات الأسد، أو حتى تحذيراته، إلا شراء مجانياً للأعداء والخصوم، أو بالحد الأدنى سبباً لفقدان الثقة نهائياً بنظامه. فلربما يكون الأسد باتجاره الآن ببضاعة خطر تنظيم القاعدة وجبهة النصرة العابر للحدود يكسب بعض الوقت لإطالة الأزمة، لكن السؤال: هل يخلق بتهديداته تلك مصلحة لطرف دولي أو إقليمي، باستثناء روسيا وإيران، في دعم بقائه؟! والإجابة عن هذا السؤال ترتبط بسؤال آخر تطرحه الدول المعنية بتهديدات الأسد الآن، وكان قد طرحه المواطنون السوريون على أنفسهم مبكراً: أي مصير ينتظرنا في حال بقاء الأسد في السلطة وانتصاره على الشعب؟ ولأن الإجابة المعروفة بداهة هي: الانتقام بأبشع صوره، فقد قرر السوريون مواصلة الثورة، تماماً كما يفترض أن تزيد هذه الإجابة أعداء الأسد وليس العكس، وهو المسؤول بوجوده عن التهديدات العابرة للحدود.
وإذا كان الأسد لا يدرك كل ذلك بعد سنتين على اندلاع الثورة ومواجهتها بالحل الأمني الاستئصالي، فليس غريباً أن لا يدرك أنه بات يقاتل لبقاء أي شخص أو طرف، إلا هو ذاته! فقد أصبح رمز الدمار والمآسي، والذي لا بد من رحيله لإيجاد مخرج من النفق السوري والإقليمي ككل.

http://www.alghad.com/index.php/crew/152751.html