الأسد حليفا لأميركا! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 25 août 2014

حتماً انتصر نظام الأسد؛ بأن جعل سورية مرتعاً لما يسمى تنظيم « الدولة الإسلامية » (داعش)، بديلاً عن الإقدام على أي إصلاح بأي درجة، على مدى أكثر من أربعة عقود وليس ثلاث سنوات فقط. ومثل هذا الانتصار، ليس إلا المتطلب السابق لتحقيق الانتصار النهائي والأهم، والمتمثل في تحول هذا النظام إلى حليف للولايات المتحدة الأميركية، التي « يفترض » أنها تقود المؤامرة الكونية ضده تحت غطاء الثورة السورية.
فاليوم، لم يعد أحد من محور « المقاومة والممانعة » يعارض التدخل العسكري الأميركي في البلدان العربية، بل العكس تماماً. إذ بعد الرجاء العراقي (الإيراني فعلياً) لسنوات، والناجح في النهاية، لتنفيذ قصف أميركي ضد بلاد الرافدين، يعلن وزير إعلام نظام بشار الأسد عمران الزعبي، وعبر وكالة الأنباء الرسمية قبل أيام، عدم وجود معارضة مبدئية لتدخل أميركي عسكري في سورية، إنما شريطة « موافقة الحكومة السورية ». إذن، لقد هزم محور « الممانعة والمقاومة » الولايات المتحدة، سيقول أنصار الأسد، بدليل أنه أجبرها على التدخل عسكرياً في سورية، إلى جانب الأسد!
الآن يمكن تخيل المشهد المرغوب من الأسد وأنصاره: الطائرات والصواريخ الأميركية تدك المنطقة الشرقية في سورية، لضرب قواعد تنظيم « داعش »، فيما يواصل طيران الأسد وقواته والمليشيات الشيعية المتحالفة معها، قتل السوريين والتنكيل بهم في أماكن أخرى، دائماً بدعوى التصدي للمؤامرة الكونية الصهيو-أميركية! وليس في الأمر تناقض، فأميركا مهزومة، وهي تكفر عن ذنبها فقط.
في الثنايا طبعاً، وبما يعمق تحالف الأسد المنتصر والولايات المتحدة المهزومة، يفترض أن يؤدي الجيش السوري الدور الذي تؤديه قوات « البشمركة » الكردية أساساً في العراق بغطاء جوي أميركي بتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة « داعش ». لكن لماذا يفترض أن تكون قوات الأسد أكثر كفاءة من قوات المالكي المدربة والمسلحة أميركياً، والتي انهارت وفرت خلال دقائق أمام التنظيم؟
هنا لا بد من استحضار ما يقال عن تماسك الجيش السوري وتوقف الانشقاقات فيه منذ وقت ليس بالقصير. ولعل كان أول من أشار إلى ذلك الصحفية الأميركية ليز سلاي من صحيفة « واشنطن بوست »، لكنها عللت ذلك مباشرة (وهو ما لم يره من اقتبسوا عنها) في تحول الجيش السوري إلى ميليشيات طائفية. أما الأهم من ذلك، فسؤال: لماذا تنضم ميلشيات حزب الله اللبناني وأبو الفضل العباس العراقية وسواها من المليشيات الطائفية إلى الجيش السوري (الذي يفترض أنه قوي ومتماسك) في كل جبهة؟
هكذا، ربما ليس من مجال لإنجاح التدخل العسكري الأميركي إلا أن يقوم حزب الله الذي أنقذ الأسد حتى الآن، بأداء دور في سورية مطابق لدور البشمركة في العراق.
بعد كل ذلك، لا تبقى إلا خاتمة هذا السيناريو المرغوب من الأسد وأنصاره، والتي ستكون حتماً، كما تقضي شروط موافقة نظام الأسد على التدخل العسكري الأميركي، متمثلة في أنه ما إن تؤدي الولايات المتحدة تنفيذ شروط الاستسلام التي فرضها عليها محور « المقاومة والممانعة »، حتى تغادر المنطقة مدحورة مذمومة، من دون أي قيد أو شرط، ويدخل بعدها دمشق دخول الفاتحين المسؤولون السياسيون والعسكريون والأمنيون الروس والإيرانيون.
ليس مستغرباً سماع أنصار الأسد يرددون السيناريو السابق، فليس من غرابة بعد جريمة قتل وتبرير قتل 191 ألف إنسان سوري على الأقل، واعتقال وإخفاء ربع مليون شخص آخرين على الأقل أيضا، وتهجير ملايين البشر، فقط لأجل شخص واحد.