الأسد في مواجهة الطائفة- منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 juillet 2012

لم تكن زلة لسان، ولا تصريحات أخرجت من سياقها، تلك التي أدلى بها السفير الروسي في فرنسا ألكسندر أورلوف لإذاعة فرنسا الدولية. فحتى روسيا، ورغم استخدامها حق النقض « الفيتو » للمرة الثالثة يوم أول من أمس حماية لنظام بشار الأسد، لم تعد قادرة على إنكار البدهية المعروفة تماماً أنه « بات من الصعب » على الأسد « البقاء بعد كل ما حدث » كما جاء في تصريحات أورلوف.
ومع مقتل أعضاء خلية الأزمة، وخروج مساحات واسعة من الأراضي السورية عن سيطرة جيش النظام وشبيحته؛ وكذلك بعد قرابة سنة ونصف السنة من اندلاع الثورة السورية، وسقوط آلاف القتلى والجرحى من المواطنين المدنيين، واختفاء أضعافهم ربما في السجون وأقبية التعذيب؛ يبدو التحول الأكبر في الوضع السوري متمثلاً في أن بشار الأسد لم يعد يخوض معركته الرئيسة في مواجهة الشعب السوري؛ فتلك معركة معروفة محسومة. معركة الأسد الحقيقية اليوم هي في مواجهة الطائفة العلوية التي ينتمي إليها، بعد أن بات استمراره في الحكم التهديد الأخطر لها، حاضراً ومستقبلاً.
فاليوم، يتم تقديم أحد أهم أسباب استمرار الأسد رغم ما يلحقه من هزائم وانشقاقات، بالدعم المقدم من الطائفة العلوية التي يسيطر أفراد منها على المواقع والمفاصل الحساسة في المؤسسات العسكرية والأمنية الأهم التي تتولى قمع الثورة وقتل المدنيين، الأمر الذي ينطبق أيضا على أغلبية « الشبيحة » المسؤولين عن مذابح جماعية باستخدام السلاح الأبيض كما الأسلحة النارية. لكن إذا كان بشار الأسد وأركان نظامه يسيرون إلى الزوال، فإن الطائفة العلوية السورية ليس لها إلا قدر البقاء في وطنها. ولا يبدو مبرراً، بالتالي، أن تسمح الطائفة لفئة من المستبدين الساديين الفاسدين، من أمثال بشار الأسد ومن يحيطون به، بإجبارها على دفع الثمن مضاعفاً من مستقبلها.
الجانب الآخر من هذا الواقع، هو أن مستقبل الطائفة العلوية في سورية ليس إلا جزءا لا يتجزأ من مستقبل سورية ككل ما بعد نظام الأسد. بعبارة أخرى، فإن الفصل بين بشار الأسد وطائفته ليس مصلحة علوية فقط، بل هو حتماً مصلحة وطنية سورية تشمل كل مواطن سوري بمن في ذلك المواطنون السوريون العلويون، بحيث لا يكون انهيار النظام تهديداً لوجود الدولة ككل.
وهذه الحقيقة، تجعل المستهدف بالوعي والإدراك والحرص على الوطن السوري بأقل الخسائر بعد الثورة، ليس السوريون من العلويين، بل وكل السوريين بغض النظر عن الدين والعرق والطائفة. فإذا كان مطلوباً من الطائفة العلوية أن تواجه من استغلوها ومارسوا باسمها الاستبداد والفساد عقوداً، فإن على بقية السوريين، ولاسيما من عانوا بسبب تلك الممارسات، أن يواجهوا رغبة الانتقام والثأر لديهم، لأجل وطن جامع لكل السوريين، ولكل الأجيال.. إلى الأبد.

www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/30114/اسد-في-مواجهه-الطائفه.html