الإعلام السوري مادة ثرية للكوميديا – أحمد عمر

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 juin 2011

ستصبح المادة الإعلامية السورية في الأيام المقبلة، مادة ثرية للكوميديا السورية، وهي حاليا كوميديا بالضحك الحي، وليس كوميديا بالضحك المطاطي. تصوّر ‘بوعزيزي’ القارئ، أن تكون الشرعية مستمدة من طول العلم؟ وان يكون البقاء هو ‘للأسلح’! .

وقد وقعت مظاهرة حماة في يوم جمعة صالح العلي في هاوية صك علاقة الشرعية بطول العلم، فهي لعمري قسمة ضيزى، إذ لم يجاوز علم حماة نصف كيلومتر، ثم إنّ العلم الحموي نحيف، ومصاب بمرض الهزال السياسي، بسبب حجب الانترنت، فيما كان علم الموالين في اتوستراد المزة نهرا من ثلاثة ألوان.. ومصابا بجنون العظمة، لكن القماش لا يغني من جوع، ولا يقطع ظهرا ولا يصل أرضا، ولا يحقق حرية حتى إن دخل موسوعة غينيس على ظهر دبابة! الذي يكبّر الحجر لا يضرب. نذكر: من السنّة ألا يجاوز حَصَى الْجِمَارِ حَصَى الْخَذْفِ .. مع انه مجاني.

قدر مراقبون سعر العلم بـ20 ألف دولار، وهو سعر كبير إلا إذا كان مصنوعا من العسجد، أو في مناقصة بالمغلف المغلق؟ وربما يخرج علينا إعلامي ليقول ان قماشه لن يذهب هدرا، وانه سيتحول إلى خيام للاجئين السوريين! ومن تصاريف الكوميديا ذلك المؤتمر الصحافي الذي أجراه الإعلام السوري لإعلاميين منتخبين (في انتخابات نزيهة وشفافة!) لمجنون سوري تركه أهالي جسر الشغور ‘على السطح’ لتضليل الرأي العام. وببعض الخيال غير العلمي والفانتازيا الجغرافية، نحصل على مادة درامية – حقوق طبعها غير محفوظة – قد نكتبها في الحلقة القادمة . في المؤتمر يظهر رجل مخوّذ من جانب الكادر، وهو يدسّ سؤالا هامسا لصحافي، فيبادر الصحافي بتسديده إلى ‘سيد المؤتمر’ بعد هجرة الأهل الديار طلبا للكلأ في يلا داغي! ومن الغريب أن يدفن المسلحون ضحاياهم من الجنود في مقبرة جماعية؟ وان يعثر عليها الجنود الأحياء بسهولة مع أنهم مدفونون على عمق مترين، وهذا يعني أن المسلحين حريصون على كرامة ضحاياهم؟ نشهد أن العلم الطويل فكرة أبدعها النظام، لكن الشعارات المرافقة لا تناسب عمومية العلم. وثمت من يظنّ أن الإعلام العربي لا يهتم بمقابر الأحياء الجماعية فكل بلد محروم من الإعلام مدفون في مقابر جماعية للأحياء. أما سبب قتل الأبقار فيظل مجهولا؟ هل يقتلونها لأنها مندسّة؟ أو لأنها متهمة بالتخابر مع أهل الطرابيش الجدد؟ وهو تعبير أكثر منه الإعلام السوري حسدا من فوز اردوغان العثماني، أو ربما لأنها تمدّ المسلحين بالحليب، والحليب من أسلحة التعمير الشامل، أو لأنها مصابة بجنون البقر.

 

قيس ونجوى قاسم

 

في الأسبوع الماضي لاحظ مهتمون أن إعلاميا سوريا مدمنا ومزمنا وقع في هوى نجوى قاسم، وبدأ يتجاوز عبارة’ سيدتي الكريمة’ إلى عبارات الغزل الحي والمباشر: وقد لانت نجوى من عبارات الغزل الحرّ ، وتثنت، وضحكت، ونحن نحضها من جهتنا على رصّ الصفوف واللحمة الوطنية، في هذه المرحلة الحرجة، من تاريخ امتنا.

من الوقائع الإعلامية المهمة أني استبشرت خيرا بوجود سيدة تشغل منصبا في عمادة كلية الإعلام برتبة فيلد مارشال (لأنها كانت تحاور نفسها وتزعق في المذيعة المضيفة) بعد سماعي جملة صادمة تندد بتخلف الإعلام السوري، ثم تبين أن هذا التخلف كان في الأسبوع الأول من الانتفاضة، فعرفت أن حليمة لن تغيّر عادتها القديمة. ومن جملة ما قيل في سبب فصل مديرة التلفزيون السوري ، قولها لصحيفة أجنبية انّ اللاجئين ذهبوا لزيارة أهلهم في تركيا (عادة الزيارات تكون في الأعياد، وفي غير موسم الامتحانات) وقد قال إعلامي سوري آخر ان عدد النازحين لا يجاوز 150 شخصا، ويمكن أن نضيف على لسانه: وهم ليسوا لاجئين فهم ذهبوا من أرضهم إلى أرضهم فاللواء عربي، على الرغم من اتفاقية اضنة، والأرض حتى التركية، العثمانية، ‘بتتكلم’ عربي!!

وليعذرني القراء لتعاطفي مع الإعلامي السوري الشهير (أحزر اسمه والحسنة بعشرة أمثالها) الذي صار مفتيا، وللكمين الماكر الذي دبره له الإعلامي طاهر بركة بدهاء، بأن اتهمه، بالتقسيط، باستباحة قتل المتظاهرين، على الهواء. لكن الإعلامي المفتي، حاول الخلاص من الشبكة التي ألقاها بركة عليه ببراعة، فزعم انه كان يقصد المسلحين، فكان أن رماه بركة من سيارته وهي تجري بأقصى سرعة. حتى المسلحون الإرهابيون يستحقون محاكمة عادلة يا سماحة المفتي!

 

الحداثة النصوحة

 

هذا ما كان من أمر طاهر بركة أما ما كان من أمر القائد معمر القذافي وخططه الحربية فقد شنّ حملة براجمات صواريخ ضد رئيس الاتحاد العالمي للشطرنج. ومن جملة وقائع الأسبوع المهمة انشقاق ادونيس عن الشعب السوري وانضمامه إلى النظام تحت اسم ‘الحداثة النصيحة’. وللعلم: لم يكن ادونيس يوما إلا منشقا عن الناس فهو ادونيس، وليس علي احمد سعيد، وادونيس اسم اله يوناني يقيم في الاولمب الفرنسي حاليا، وقد استعانت الفضائية السورية بمقاله الذي يندد بخروج المظاهرات من الجوامع (للعلم فان الجوامع العالمية، الملاعب، مغلقة حاليا أو مشغولة بالمساجين) ثم جاءت رسالته المغلقة التي فهمت منها أنه لن ينزل من الاولمب أبدا. على أني لم اعرف شاعرا ترفع عن شعبه واحتقره، كما يفعل الرفيق ادونيس عجل الله نوبله الشريف (اسم مستعار، اقامة مستعارة، جنسية مستعارة..) بل وأزعم إن رسالته ركيكة (الاستطراد، الترادف، التكرار، اللغو..) وتعطف على آداب الماوردي السلطانية.

ومن أبطال الأسبوع الماضي محمد الاكتع شهيد حلب الذي مات بالجلطة ‘الخارجية’، وزيارة انجلينا جولي لمخيم اللاجئين. وقد ذكرتني الورقاء جولي بمدير المؤسسة العامة للسينما المختص بنقد الأفلام (الخارجية) الذي لا ينسى أن يذكر في كل نقد تلفزيوني لفيلم أجنبي قائلا: صديقي مخرج الفيلم .. لنعرف انه ملهم ويتصل بالملأ الأعلى.. في هوليوود، فأنعم وأكرم.

كلالة شيوخ الثورة السورية الكبرى

الجمعة الاخيرة كانت جمعة أقرباء شيوخ الثورة السورية (طه هنانو؛ وحفيدة صالح العلي – التي لم ترفع عينها إلى الكاميرا!- واحد أقرباء سلطان الأطرش). الأقرباء شنّوا هجوما وقائيا على المحتجين، خوفا من أسماء الجمع القادمة، غافلين عن أن الثورة السورية الكبرى ليست ارثا عائليا. الإعلام السوري لا يزال يعمل بمبدأ رد الفعل، ولو بادر هو إلى الجمع وسماها بأسماء ثورية: مثل جمعة الإصلاح الإداري، جمعة رد العجز على الصدر، جمعة المصارحة و المكاشفة، لاستطاع أن يتقدم إلى الأمام خطوة، لكنه لا يزال في حقبة (تعا ولا تجي). ومن الوقائع الإعلامية خجل عمرو موسى من مغازلة الشعب السوري واكتفاؤه بإبداء القلق، خوفا من تهمة السعي إلى أصوات انتخابية. وللعلم أن انتخابات تركيا انتهت وان اردوغان لا يزال على موقفه! ومن الغرائب أن يعتبر إعلامي سوري مشهور، شعار الله اكبر، شعارا دينيا! وهذا يعني أن الدولار سلفي، لأنه يحمل شعار ‘إن غاد وي ترست’ وترجمته في العربية الله اكبر ع الظالم.

كاتب سوري

 

Source : Al Quds
Date : 21/6/2011
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\21qpt997.htm&arc=data\201166-21\21qpt997.htm