الاستشراق الغربي وما يحدث في سورية راهنا – د.طيب تيزيني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 20 septembre 2011

تعاظم احداث سورية الراهنة شراسة واضطرابا وخطورة عليها »اي سورية«, وعلى منطقة الشرق الاوسط. فالنار في اشتعال يهدد كل ما يطاله, ولا تكتشف نقطة واحدة تقود الى امكانية اطفاء الحريق

وليل نهار يعلن ان »السوريين فقدوا عقولهم وشرفهم الانساني« ان مصدر ذلك كله انما هو مؤامرة خارجية رهيبة تقف على رأسها مجموعات مسلحة يصل عدد افرادها الى اربعة وستين الفا. ومن ثم , فان هذا الذي يحدث في سورية – كما يقولون- لا علاقة له بما تراكم فيها على مدى اربعين عاما ونيّف من افساد وفساد وافقار واستبداد ونهب للثروة واستئثار بالسلطة والاعلام والمرجعية, وبذلك, يزوّر »موضوع المسألة المركزية, في سورية, حيث يغيب الحديث عما هيمن في البلد من تلك المظاهر الخطيرة, ويغيب معه التوقف امام ما راح شباب سورية ينظرون فيه ويئنون تحته, ثم يحتجون عليه, وثالثا يحاولون ان يقفوا في وجهه عبر تظاهرات احتجاجية متصاعدة, ولكن سلمية

لقد لخص شباب سورية »وشيبها معهم« ما يكافحون من اجله, في الحرية والكرامة والعدالة, ورفض النظام ذلك بان قام بعملية التفاف على ذلك عبر خطوتين اثنتين. تتمثل اولاهما في تغييب فكرة التظاهر من اجل مطالب تُمتلك…… شرعية قصوى, اما الخطوة الثانية فتتجسد في تلفيق فكرة »المؤامرة الخارجية على سورية…. هذه الفكرة التي عبرت عنها ايران ومعها حزب الله اللبناني ب¯ »المؤامرة الخارجية الامريكية, واعتقد المسؤولون في الداخل ان التنكر لمطالب برزت وتعاظمت على مدى اربعين عاما ونيّف مشفوعاً بخطاب سوري ينفي ذلك قطعيا, نقول, ان هذا الاعتقاد الذي ارتفع الى مستوى خطاب سوري امني كلّي تحول الى الرهان الاكبر على اسقاط شعلة الانتفاضة القائمة, بحاملها الاجتماعي والسياسي والثقافي المحتمل المتمثل بفئات الشباب. وحين نتحدث عن هذه الفئات, فانما لانها بوصفها امتدادات شرعية للمجتمع السوري, بما يتضمنه من الطبقات الاجتماعية والفئات المفقرة والمذلة الكادحة. وقد انتج هذا الواقع السوري وهما كبيرا يتمثل في ان ما يقوم الشباب وغيرهم من اجله في سورية انما هو حماقة لا مستقبل لها اولا, وفي ان النظام الامني المهيمن هنا لديه القدرة المؤكدة على تأبيد الحرائق التي يقوم بها على نحو يتحول المنتفضون ومعهم الشعب الى عبيد طيّعين

لقد راح ذلك الوضع المركب والمعقد يدفع باتجاه العودة الى غلاة المستشرقين والباحثين في اوروبا وغيرها, لاكتشاف احد مصادر الوضع السوري المذكور بل العربي والشرقي, والقائم على الاعتقاد العنصري القائل – بلسان الكونت الفرنسي جوزيف ارثر: آربينو »توفي عام 1882 «, ما يلي »ان الشعوب الآرية وحدها من دون غيرها هي التي خلفت كل ما له قيمة في الحضارة وحافظت عليه« وهذا كما هو واضح يُفضي الى القول بان الشعب العربي والسوري منه – لم يمتلك في ما فعله في التاريخ, اي انجاز حضاري تقدمي فهو من ثم – كما سيقول لاحقا المستشرق الامريكي اوباما – ظل خارج الانتاج الحضاري, لان انتاج الحضارة يحتاج عقلا منفتحا ومستنيرا بحد ما, كما يحتاج رؤية مستقبلية بناءة واهتماما بالبناء التاريخي في حقل جيو سياسي وثقافي واقصتادي متقدم نسبيا

وفي هذه الحال, سوف بقول البعض ان ما يقوم به في سورية الراهنة رجال معينون , من قتل وذبح وغيره بحق مواطنين سوريين, يُفصح عن ان الشعب السوري لا علاقة له بالحضارة والتسامح والرؤية المستقبلية البناءة والامر – فيما نرى- يقوم على ان ما يحدث في سورية حدث مثله في بلدان اخرى, بغض النظر عن قسوة الموقف. وهذا بدوره يدعو للعودة الى دراسة بواطن العنف في سورية في السلطة وفي من يملك الثروة والبلد

العرب اليوم – العدد 5185 الثلاثاء 22 شوال 1432 هـ – الموافق 20 ايلول 2011م
http://www.alarabalyawm.net/pages.php?articles_id=17016