التحرر من ابتزاز « داعش » – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 13 avril 2015

التحرر من ابتزاز « داعش » – منار الرشواني

لم يعد هناك أدنى شك في أن الحرب على تنظيم « داعش » هي حربنا؛ نحن العرب (السُنّة) الذين اختطف التنظيم دينهم وطائفتهم لارتكاب أبشع الجرائم الإرهابية، وأهم من ذلك أن عدد ضحاياه من ذات من يدعي تمثيلهم والدفاع عنهم، يكاد يفوق عدد الضحايا والقتلى عموماً من كل الأديان والمذاهب الأخرى، مجتمعين على الأغلب.
وثمة فرق شاسع بين أن تكون حربنا ضد « داعش » حرباً دفاعية خالصة؛ عن ديننا وحياتنا وصورتنا في العالم أجمع، وبالتالي مستقبلنا، وبين المحاولات الأميركية والغربية والإيرانية جعل هذه الحرب بمثابة تكفير عن ذنب اقترفناه؛ بأننا المسؤولون بحكم مذاهبنا وتعليمنا عن ظهور « داعش » وأشباهه.
وعدا عن كون هذا الابتزاز الغربي الإيراني غير صحيح أبداً، فإنه المسؤول أيضاً، وأساساً، عن إفشال الحرب على « داعش »، ومده بالحياة والقوة، حتى خارج مناطق نفوذه في العراق وسورية.
طبعاً، ارتكب العلمانيون من كل دين وطائفة ومذهب، فظائع لا تقل عن فظائع « القاعدة » و »داعش » إبان الحرب الأهلية اللبنانية. لكن، حتى إن استغفلنا أنفسنا وصدقنا بأن الإرهاب لم ينشأ على الأرض إلا « إسلامياً »، بـ »المجاهدين » في أفغانستان، فإنه يظل صحيحاً تماماً أن العرب، وفق أسوأ الروايات، لم يقدموا شيئاً يفوق حلفاءهم وأعداءهم على السواء.
فالدعم العربي للمقاتلين في أفغانستان، كان بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. وقد توفرت أسبابه (أو حتى ذرائعه) بسبب الاحتلال السوفيتي لذاك البلد. كما أن بروز عدد مقاتلي « داعش » من روسيا، ولتكون أكبر مزود أوروبي للتنظيم بالأفراد وحتى القادة، سببه مشكلة روسية ذاتية خالصة، برزت تجلياتها في الحرب في الشيشان، حيث تم انتهاج سياسة الأرض المحروقة.
أما السر المفضوح، لكن لا تود الولايات المتحدة استخدامه حتى الآن، فهو أنه بعد الهجوم الأميركي على أفغانستان رداً على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، فهو أن إيران ذاتها كانت من وفر على أراضيها، ورسمياً، الملاذ لقادة « القاعدة » الفارين. هذا فيما أدى نظام بشار الأسد دوراً حاسماً، باعتراف نوري المالكي، في تدريب مقاتلين جددا منتمين للقاعدة للقتال في العراق.
وإذا كان من تمييز بين « القاعدة » و »داعش » على صعيد مستوى الإرهاب، فتكون حصة إيران وأميركا هي الأكبر في المسؤولية عن ظهور « داعش ». فهذا التنظيم انشق عن « القاعدة » نتيجة عدم قناعته بـ »نعومة إرهابها »، ورغبته بمزيد من الدموية. وكان الشرط الأساس لتحقق ذلك سياسات إيران (والولايات المتحدة) بحق سُنة العراق، والقائمة على التصفية والتهجير والإقصاء.
علاوة على كل هذه الحقائق، فإن الوجه الآخر لابتزاز الدول العربية، والسُنّة عموماً، بالمسؤولية عن إرهاب « داعش »، هو السعي إلى إسكات أي حديث أو حتى تلميح بشأن الإرهاب الذي تمارسه عشرات المليشيات الإيرانية اليوم في العراق كما سورية، رغم تسجيل كاميرات التلفزيونات العالمية احتفال « الحشد الشعبي » بقطع الأيدي والرؤوس في المناطق « المحررة »، ناهيك عن منع سكان هذه المناطق السُنية من العودة إلى ديارهم، في عملية تهجير منهجي. وهو ما يعني دفع مزيد من العرب السُنّة إلى حضن « داعش »، بل وتهديد الأنظمة العربية التي سيتم تصويرها في أحسن الظروف عاجزة عن ردع إيران ومليشياتها، وإيقاف مذابحهما.
بالنتيجة، فإن الحرب على « داعش » التي هي حربنا، لا بد وأن تكون على كل مصادر تمويل التنظيم، وأهم هذه المصادر هو الإرهاب الذي تمارسه إيران ومليشياتها في غير بلد عربي.

http://www.alghad.com/articles/864170