الجنرال ميداس!! * خيري منصور

Article  •  Publié sur Souria Houria le 4 juillet 2012

الجنرال ميداس!! * خيري منصور 

لو دخلت النظم الانقلابية والعسكرية منذ عقود في مسابقة حول الأكثر استبداداً تحت شعار الحرية والأشد استعباداً تحت عنوان العدالة والأكثر افقاراً وتصحيراً باسم التنمية لاقتسمت جميعها الجائزة الكبرى حتى لو كان مانح هذه الجائزة هو الشيطان ذاته.

وتعجز الكيمياء بما انجزته من ابداعات علمية عن تحليل افرازات الغُدد الانقلابية وقنوات الفساد في هذا العالم، فلا بد من اللجوء مجدداً الى الخيمياء بمعناها القديم، ولو اجتمع مناطقة الاغريق وفلاسفة العصور اللاحقة وعلماء الانثربولوجيا والنفس والاجتماع لعجزوا عن تفسير هذه الظاهرة التي تحولت الى أحجية، وهي كيف نجح ميداس الجديد في تحويل الذهب الى تراب بعكس ميداس اليوناني الذي قالت الاسطورة انه كان يلمس التراب فيحوله الى ذهب؟ وكيف نجح من يملك الأراضي الزراعية الشاسعة التي تتسع لقطارات في تصحيرها؟ وكيف تحول بفضل هذه الخيمياء الأغنى الى الأفقر والأكثر الى الأقل والأعرق الى مجرد طارىء مهدد بالطرد من التاريخ حتى لو مكث على هامش الجغرافيا.
بالأرقام المجردة وبعيداً عن غلواء البلاغة تعالوا نقارن زمناً بزمن ورجالاً برجال وثقافة بثقافة؟
في زمن السينما البدائية بالأسود والأبيض وأحياناً بالأسود والأسود قدمت أهم الأعمال الأدبية والتاريخية، وفي ذلك الزمن كتبت المقالات والدراسات التي لولاها لكنا جميعاً أيتاماً وبلا آباء أو أسلاف، رغم بدائية المطابع والتكلفة الوقتية والصحية لألواح الرصاص، وفي زمن المحراث الذي تجره الخيول والبقر أكل العربي مما زرع وأحياناً لبس مما نسج، ولم يكن الماء والهواء يباعان بهذه الأسعار الباهظة، والأهم من هذا كله أن العربي كان غير خجول من نسبه ولون بشرته وشاربه ولغته لأن قامته كانسان كانت تعادل قامته كعربي بالتمام والكمال، ولم يكن مسكوناً بهاجس المحاكاة، والشعور بالنقص بحيث يخلع جلده كي يتماهى مع غالبه الذي تحول الى نموذج!
هذه ليست بكائية على زمن مضى، وليست نوستالجيا تجتذبنا الى عصر ذهبي أو فردوس مفقود، فنحن نعرف أن الماضي القريب منه والأبعد لم يكن يوتوبيا محررة من البؤس والشرور.
لكن ما نحن فيه الآن يضطرنا الى المقارنات، فهناك عرب حققوا استقلالهم بعصي وبنادق بدائية ومنهم من قال ما لا يجرؤ أشجعنا الآن على قول واحد بالألف منه، ومن يشك في صدق هذا عليه ان يقرأ الكواكبي في طبائع الاستبداد وأم القرى وان يقرأ عمر فاخوري قبل تسعين عاماً، وأن يتذكر ما قاله سعد زغلول لملكة بريطانيا عندما صافحها بدون انحناء، وهو انه حاول ذلك، لكن ملايين المصريين شدوا معطفه من الخلف! أو ما قاله العقاد في البرلمان قبل دقائق من ذهابه الى السجن انها خيمياء أخبث من أية جمرة تلك التي حولت الذهب الى قصدير والسعة الى ضيق والنعمة الى نقمة!.

addustour.com :  http://feedproxy.google.com/~r/addustour/Arjo/~3/PTenOFX_xYo/ViewTopic.aspx