الحرب العربية على الإرهاب – باسم الطويسي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 29 septembre 2014

نحن بحاجة إلى جملة من الاعترافات؛ حتى وإن كانت بدهية ومعروفة، إلا أن التطبيع معها والاعتراف بها يبدو اليوم أقرب ما يكون إلى الصدمة. 
أهم هذه الاعترافات هو أن الإرهاب والتطرف اللذين يلصقان بالمسلمين، أصبحا الشغل الشاغل للعالم، وهما مصدر التهديد الأول للحضارة الإنسانية التي ساهم فيها المسلمون وضحوا من أجلها.
أما الاعتراف الثاني، فهو أن هذه الجماعات المتطرفة؛ سواء كانت أصيلة، أي طلعت من تربة مهيأة لنموها، أم تم تصنيعها في الخارج أو الداخل، تنمو اليوم بشكل جنوني ومتوحش. وتحت سطوة التخويف والذعر والترويع الذي تنشره، تستسلم لها المجتمعات، بل وتطبع مع وجودها أحيانا. فيما يتمثل الاعتراف الثالث في أن الحرب الحقيقية التي تحاصر هذه الجماعات، ويمكن أن تقتلعها من جذورها، لن تكون ذات جدوى إلا إذا كانت حربا عربية.
السؤال اليوم: هل الحرب التي تخاض في هذه الأثناء ضد التنظيمات المتطرفة في سورية والعراق، من قبل تحالف دولي قوامه الفعلي دولتان غربيتان وخمس دول عربية، تعد أول حرب عربية ضد الإرهاب؟ هناك علامات استفهام كثيرة حول هوية هذه الحرب ونتائجها، وهذا ما يجب أن تتجه نحوه الأسئلة، بعيدا عن الجدل الدائر اليوم حول « هل هي حربنا أم حربهم؟ ». فهذا الجدل حان الوقت لأن يحسم. وعلى قوى الإسلام السياسي الأكثر عقلانية أن تكون أكثر وضوحا في هذا الملف؛ فالمواقف الرمادية وجسّ النبض والانتظار، لا تخدم إلا المزيد من إضاعة الوقت في إدارة الصراع، وفتح المجال للمزيد من الفرص والبيئات الملائمة لقوى إقليمية ودولية للاستفادة والاستثمار في هذه البيئة الصراعية.
في هذه اللحظات، الحرب على الإرهاب والتطرف وصناعة الطوائف، يجب أن تكون عربية بالدرجة الأولى. وعلى الدول التي ساهمت في زراعة هذه الظاهرة ونموها وتصنيعها، إدراك حجم الأثمان التي ستُدفع، ليس من قبل هذا الجيل وحسب، بل ومن قبل الأجيال القادمة. وقد حان الوقت لإعادة تعريف الإرهاب، وإعادة تعريف الإسلام السياسي الجديد، ووضع حدود فاصلة بين من يريد أن يمارس الديمقراطية باستخدام مضامين إسلامية سلمية، وبين من يستخدم الإسلام للقتل والترويع. فقد مرت سنوات طويلة رسمت القوى الأيديولوجية العربية والإسلامية صورة نمطية تندرج تحتها مفاهيم خاصة للإرهاب، تبناها السواد الأعظم من العرب، مشوبة بالشك والتعاطف مع تلك الجماعات، نتيجة التورط والتوظيف الغربي لمفهوم « الحرب على الإرهاب » لمصالح سياسية واستراتيجية، كما حدث في احتلال العراق والحرب في أفغانستان.
إلى هذا الوقت، هناك ثلاثة محاور أساسية للحرب العربية على الإرهاب: الأول، أن الحرب شاملة ولا تتوقف عند حدود الجماعات السُنّية المتشددة في سورية والعراق، بل المفترض أن يكون الخطاب واضحا، وأن تشمل التطرف من كل الطوائف في تلك الدول؛ في اليمن الذي وصل إلى مفترق صعب، ولبنان المرشح للانفجار في أي لحظة، وليبيا التي تتقاسمها جماعات متطرفة إلى جانب القبائل وأجهزة الاستخبارات الدولية، في أنموذج محزن للفشل والاندثار. أما المحور الثاني، فهو الوضوح الاستراتيجي من قبل بعض الدول، إقليميا ودوليا، والتي لها تاريخ معروف في صناعة هذه الجماعات ودعمها. ويمكن أن يتم ذلك من خلال تبني مجموعة من المبادئ والممارسات الدولية الجماعية لوقف الأموال والأسلحة، وأساليب الاحتضان والدعم كافة. والمحور الثالث هو أنه حان الوقت لإطلاق مشروع ضخم للأمن والتنمية، يكون جوهره عربيا، ومفتوحا لشراكات أخرى، لمحاصرة الأحزمة الرخوة التي تتسلل منها هذه الجماعات. هذا الكابوس المظلم يحتاج جرأة في الاعتراف به، وفي مواجهته. ويجب أن تصل هذه الجرأة إلى الناس، قبل أن يصلهم الذبح والترويع.