الخوف من تسلح الانتفاضة السورية – بسمة قضماني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 7 août 2011

 لا يمكن لأى سورى لم ينزل إلى الشارع منذ بداية الانتفاضة أن يشعر بمستوى الغضب والحزن اللذين يسكنان قلوب الشباب الثوار. بعد ستة أشهر من انطلاق الثورة كل منهم يبكى أخا أو ابنا عما أو صديقا استشهد وهو مازال مستمرا فى التظاهر لكنه يتساءل ويسأل بإلحاح عن مغزى الانتفاضة السلمية: من يكترث؟ وما فائدة العقوبات التى قررتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى ضد أفراد فى النظام؟ ولماذا لم ينجح المجتمع الدولى من خلال الأمم المتحدة فى تبنى أكثر من بيان يدين العنف دون ان يكون له طابع إرغامى على نظام بشار الأسد؟ 

منذ بداية الحراك والسوريون فى خارج الوطن يرددون أن الثوار فى الداخل هم الذين يحددون سقف المطالب للثورة وان المعارضة فى الخارج ليست سوى قوة داعمة لها. لكن اليوم عندما ينذر شباب الثورة انهم سوف يلجأوا إلى التسلح لأنهم فقدوا الأمل من الحراك السلمى ليس بوسع الخارج الا ان يقدم الحجج التى ربما تقنع الثوار بالامتناع عن التسلح. ورغم المعاناة الرهيبة للثوار لا بد لهم ان يقفوا فى هذه اللحظة الحرجة ليقيموا الوضع ومخاطر الانتقال إلى العمل المسلح.

لن نشدد على الإعجاب غير المتناهى الذى يحظى به الشعب السورى من قبل العالم بأكمله وإنما سنشير إلى مخاطر العمل المسلح الذى قد يقضى على الثورة بأكملها.

●●●

لقد كسب الثوار السيطرة على الشارع، هذا الشارع الذى بقى محرّما على المواطن لمدة أربعين عاما وخلقوا شرعية جديدة. لكن تسلُّحهم سيفسح المجال امام عناصر لا علاقة لهم بالثورة بالدخول إلى الساحة أهدافهم لا تمت للحرية والديمقراطية بصلة ولا للمبادئ التى أشعلت الانتفاضة والتى يضحى من أجلها الثوار، سوف يفقد الثوار هذه الشرعية الجديدة التى اكتسبوها كما سيفقدون سيطرتهم على الشارع وعلى الثورة وعلى الوطن بأكمله.

سوف تدخل البلاد فى حرب أهلية وهذا ما يتمناه النظام يكون من المستحيل بعدها أن تنشأ ديمقراطية فلننظر إلى حالات أخرى حصلت فى الماضى القريب والمقارنة الأنسب ليست العراق الذى عاش احتلالا خارجيا وإنما الجزائر الذى غاص فى حرب أهلية لأكثر من اثنى عشر عاما ثم عاد النظام الأمنى إلى السيطرة على المجتمع.

ثم بعد أعوام من الحرب سوف تكون العلاقات بين أطياف المجتمع قد تسممت إلى درجة أننا سنحتاج إلى وسيط يساعدنا على الوصول إلى اتفاق أقرب إلى نظام المحاصصة العراقى أو اللبنانى منه إلى نظام يقوم على المواطنة. نكون قد فقدنا وحدة الشعب المنتفض ضد الطاغية لتحتل الساحة مصالح فئوية.

●●●

نعم عنف النظام هو الذى يدفع بالثوار إلى التفكير بالتسلح. لكن من الضرورى ان تقف المعارضة عند هذه المسألة وان تعالجها فورا، ذلك لأنه فى ظل نظام غير مسئول ومجرم أصبحت مسئولية تجنّب العنف والحفاظ على سلامة الوطن ووحدة أراضيه تقع على عاتق المجتمع.

المصدر: http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=519460