السوري فلسطينيا: مهمة بناء الدولة بعد العدوان – ياسر أبو هلالة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 7 mai 2013

أتفق مع توصيف « الفايننشال تايمز » لمشاعر « نيرون دمشق »: « النيران والدخان اللذان غطيا سماء دمشق صباح الأحد جراء الغارة الإسرائيلية، أسعدا قلب الأسد »؛ بحسب مقال في الصحيفة لمراسلها في بيروت، ديفيد غاردنير، بعنوان « الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سورية تصب في مصلحة الأسد ».
وبحسب الصحافة الإسرائيلية، تلقى النظام رسائل طمأنة، ذكرت أن المقصود هو حزب الله وليس النظام. واللافت أن تلفزيون المنار يصل قبل « الإخبارية » السورية لأي موقع، كما حصل في مجزرة البيضا في بانياس قبيل الغارة الإسرائيلية، فيما « الإخبارية » تصل قبل انفجار المفخخات التي تستهدف المدنيين؛ لكن في هذه الانفجارات التي هزت دمشق، لم نشاهد نقلا على الهواء، ولا تصويرا لجثامين الشهداء، مع أن من مصلحة النظام إظهار تضحيات جنده في مواجهة العدوان. حتى
حزب الله لم يكشف عن عناصر قتلت في مهمات جهادية خارجية. ما شهدناه بعد أيام، هو مبان مدمرة محترقة، يقوم الدفاع المدني السوري بإخماد حرائقها، وبدون وجود سيارات إسعاف تنقل جرحى وقتلى!
هل جرى تحذير الفرقة الرابعة، وغادر جندها بهدوء؟ في العدوان الأميركي على العراق في العامين 1990 و2003، كنا نشاهد سماء بغداد تضاء بالمضادات. في دمشق، صمتت المضادات التي سبق أن أسقطت طائرة تركية بدون فترة إمهال أو تحذير. من المهم الإجابة عن هذه الأسئلة. فالصمت تواصل كما هو منذ أربعين عاما. في الخط الأول في الجولان كان طيران الميغ في اليوم التالي ومدفعية النظام وراجماته تدك قرى وادي اليرموك، بعد تراجعهم واستسلام سرية صيصون لثوار لواء شهداء اليرموك.
في التفاصيل: غنم الجيش الحر ست دبابات من السرية التي ترابط على الخط الأول، وهي دبابات من نوع « تي 52″، أي أقدم جيل من الدبابات السوفيتية، فيما دبابات « تي 72″ و »تي 82″ والجيل الأحدث من السلاح، فهو في العاصمة عند الفرقة الرابعة، لاقتحام داريا والمعضمية وغيرها. الفرقة الرابعة التي لم تطلق في تاريخها طلقة على العدو، سربت فيديو لأبطالها وهم يعذبون بشكل وحشي فتى أعزل، ويسمعونه سبابا لا يخطر على بال بشر.
قالوا إن العدوان جاء بعد تحقيق جيش النظام تقدما استراتيجيا. والواقع أن النظام في أسوأ لحظاته عسكريا منذ عامين؛ فجنوبا لا يفصل بين الثوار ودمشق غير مثلث إزرع نوى الشيخ مسكين، وهم يتقدمون غربا ويكادون يصلون بين القنيطرة ودرعا، في حلب حرروا مطار منغ، ويضربون موكب رئيس الوزراء في قلب دمشق. على العكس، العدوان يأتي في وقت يخشى فيه الصهاينة من انهيار النظام بشكل مفاجئ، وحصول الثوار على السلاح غير التقليدي.
باختصار، الموقف ليس ثارات طائفية؛ الموقف الأخلاقي الثابت من الاحتلال  الصهيوني باعتباره عدوانا مفتوحا على الإنسان والأرض في فلسطين، هو ذاته الموقف الأخلاقي الثابت من الاستبداد باعتباره عدوانا على الإنسان والأرض في سورية. ومن الانحطاط الابتهاج لطيران صهيوني قتل أطفالنا في غزة وقانا، تماما كما أن من الانحطاط الابتهاج للجيش النظامي السوري الذي يقوم بأعمال تطهير عرقي، وذبح للأطفال والنساء والعزل من بانياس إلى درعا.
لم يعد الحديث مهما عن الدولة السورية، فقد دمرها بشار و »قعد على تاليها » يقهقه. فقد دمر الإنسان والبنيان وتركها خرائب، والجروح الغائرة التي تركها في النفوس تحتاج أجيالا لتلتئم. الثوار اليوم أمام مهمة بناء الدولة من الصفر؛ من الركام والرماد، فقد حولهم النظام إلى فلسطينيين حرفيا. مشردون ونازحون ولاجئون، يحاولون بناء دولتهم ومجتمعهم. السوري اليوم يشبه الفلسطيني أيام النكبة قبل 65 عاما.

 http://www.alghad.com/index.php/crew/6.html