الصمت والمصالح والعقوبات الذكية – بسمة قضماني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 31 juillet 2011

 الإعجاب كل الإعجاب بالثوار السوريين لبطولتهم والتعاطف الكامل معهم. هذا ما يعبر عنه الإعلام والحكومات فى الغرب لكن الفعل يبقى ضعيفا

الأسباب متعددة أولها أن الأخبار من الداخل رغم أنها تصل بوفرة تتناقض ويصعب التأكد من صحتها مما لا يسمح ببناء قرارات على أساسها

ثانيا أن الحكومات الغربية والأوروبية خاصة غارقة فى إدارة الأزمة الليبية، حيث قواتها متورطة فى حرب لا أحد يرى مخرجا منها فى المستقبل القريب

مسئولو الشرق الأوسط فى وزارات الخارجية والرئاسة الفرنسية ورئاسة الوزراء البريطانية وأعضاء المجالس التشريعية يعترفون بأن الأولوية فى الوقت الحالى تعود لليبيا ثم تأتى مصر فى المرتبة الثانية ثم تفرض فلسطين نفسها فى المرتبة الثالثة ولا تحظى سوريا إلا بما تبقى من الوقت وهو قليل جدا. يرى المسئولون البريطانيون أن الاعتماد على تركيا كى تقف فى الواجهة والتنسيق معها هى الصيغة الأفضل فى الوقت الحالى

وفى ظل استمرار رفض الأغلبية الساحقة من المعارضة السورية التدخل الخارجى المباشر، تصبح إمكانات التأثير فى الوضع على الأرض محدودة، أو بالأصح تتطلب معرفة دقيقة بتفاصيل الواقع الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والأمنى من أجل صياغة إجراءات فعالة. وذلك يتطلب وقتا أطول

يبدو أن النهج الأكثر تأثيرا يكمن فى اتخاذ عقوبات على الأفراد من خلال منعهم من السفر وتجميد أرصدتهم فى الخارج. كان أول قرار للاتحاد الاوروبى باتخاذ عقوبات على عدد محدود من المسئولين السوريين منذ شهرين قد طال بعض رجال الأعمال المساهمين فى الشركات التى يديرها أفراد من النظام، منها الشركة المالية «شام القابضة» التى يسيطر عليها رامى مخلوف. فقد كان أعضاء مجلس إدارتها مصعوقين من قرار العقوبات هذا واضطر مخلوف الى حل مجلس إدارة الشركة لإعادة تشكيله إلا أن جميع الأعضاء السابقين رفضوا الدخول فى المجلس الجديد

نرى من خلال هذه التجربة الأولى أن تطبيق عقوبات على أفراد هو الوسيلة الأكثر تأثيرا فى طبقة رجال الأعمال الذين لايزالون يدعمون النظام والأقل ضررا على الشعب. ما تبحث فيه الدوائر الرسمية الأوروبية حاليا هو توسيع دائرة العقوبات لاستهداف ما يسمى بالحلقة الثانية، أى مجموعة رجال الأعمال الذين يقدمون مساعدات بأشكال مختلفة لأعمال القمع

قد يتطلب إجراء كهذا بعض الوقت لجمع الأسماء والمعلومات الضرورية لتجهيز ملف تستطيع الحكومات أن تبنى عليه قرارا. فأى عقوبات ذكية تتطلب مجهودا أكبر لكنها تشكل الأسلوب الأنسب للتأثير فى رؤية بعض فئات المجتمع للثورة التى تحدد موقفها على أساس مصالحها قبل كل شىء وإجبارها على إعادة حساباته

الخيار اليوم أصبح بين عقوبات ذكية كهذه أو عقوبات أسهل تستهدف قطاعات معينة بدلا من أفراد وتتسبب بأضرار أكبر على الشعب. ويبدو أن الجهد المطلوب يقع مرة أخرى على المجتمع والجمعيات السورية لكى تساعد فى جمع المعلومات والدفع فى اتجاه العقوبات الذكية المطلوبة لكسر صمت طبقة التجار الكبار

الشروق – ٣١ تموز ٢٠١١

http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=515462