المدارس في سورية – مانيا الخطيب

Article  •  Publié sur Souria Houria le 29 septembre 2012

كان الطلاب في سورية يصطفون في الابتدائي صباحاً.

يقول المدرس:
« رفيقي الطليعي، كن مستعداً لبناء الوطن العربي الموحّد والدفاع عنه »
فيجيب التلاميذ بصوت واحد:
« مستعدٌ دائماً »
ثم في الإعدادية والثانوية،  ينتقل التلاميذ إلى ترديد ما هو أكثر كارثية – وذلك في الإجتماع الصباحي –
« عهدنا: أن نتصدى للامبريالية والصهيونية والرجعية. ونسحق، أداتهم المجرمة عصابة الإخوان المسلمين العميلة »
ثم  » قائدنا إلى الأبد » فيجيب الجميع : « الأمين حافظ الأسد » !!
هذا عدا عن أن جميع طلاب المدارس حتى عهد قريب كانوا يرتدون الثياب العسكرية في المدرسة ويأخذون دروس « الفتوّة » ومن لا ينجح في « الفتوة » لا يمكنه تقديم امتحان البكالوريا بطريقة نظامية، ناهيك عن « المعسكر الانتاجي » الاجباري، في الصف العاشر الذي هو تسخير طلاب المدارس كعمال مجانيين لرصف الطرق …ومن جهتي أكثر ما أتذكره من ذاك المعسكر حالة من العطش لم يمر علي في حياتي مثلها.
هذه هي المدارس التي تدمّر اليوم على رؤوس أصحابها، وبعضها مما يستخدم كملاجئ للعائلات المهجرة من بيوتها هي الأخرى.
ربما هذا الدمار الفظيع والمكثف هو نقطة انعطاف حاسمة لتأسيس نظام تعليمي حقيقي،  يمنع فيه منعاً باتاً التطرق إلى ما يمت للسياسة أو الدين بصلة.
في الدول التي اهتمت بالتعليم حتى أصبحت في الصفوف الأولى عالمياً ومنها فنلندا – يعتبر محرم قانونياُ إدخال أي إيديولوجية من أي نوع إلى صفوف المدارس … المدرسة مكان لتلقي العلم والبحث .. بطريقة أكاديمية احترافية .. وليس لاستغلال الجيل بأي طريقة كانت وتجييره وتبديد طاقاته الإبداعية بهذا الشكل المزري والمؤذي كما كان يحدث في سورية.
ذكرت لي أحد تلميذات الابتدائي، التي فرت من جحيم القمع في سورية أثناء هذه الثورة المجيدة ، قالت كانت المدرسة تمارس في الصف أفعالاً تشبيحية مخيفة، وخصوصاً ضد الأطفال المنتمين لعائلات مؤيدة للثورة …
علاج هذا الأثر الجسيم والكارثي والمتراكم،  في عالم المدارس السورية، هو واحد من أهم الأعمال التي تنتظرنا، من أجل جيل ينتظر مستقبل سوري جميل.