المسؤولية الدولية أم مسؤولية المعارضة؟ – علي الشيخ منصور

Article  •  Publié sur Souria Houria le 29 janvier 2013

قرر الائتلاف السوري المعارض يوم 21 من هذا الشهر, تشكيل لجنة مهمتها بدء تحرك دبلوماسي للضغط على الامم المتحدة لوقف تسليم مساعدات إلى الحكومة السورية، والبالغة أكثر من نصف مليار من الدولارات, أي نحو 45 مليار ليرة سورية خلال النصف الأول من هذا العام فقط.

وهو إجراء جاء متأخراً كثيرا, لأنّ « نداء المساعدات الإنسانية إلى سورية » أطلقته المنظمة الدولية بتاريخ 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وفيه تمّ رصد مبلغ 519 مليون دولار, نصّت الخطة في بنودها الأولى على تخصيصه ‘للسكان المتضررين » في سوريا جراء ما يحدث من مجازر وقصف مستمر للبلدات والأحياء السكنية التي خرج المتظاهرون فيها يطالبون برحيل النظام.

لكن المنظمة الدولية وأمينها العام الذي أبدى الكثير من مرات القلق اليومي إزاء ذلك, لازالت تمنح الشرعية لنظام الأسد, حتى وهم يطالبونه بالرحيل, أو يحملونه مسؤولية العنف الحاصل, رغم أنّ130 دولة اعترفت ب »الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة » ممثلاً شرعيا للشعب السوري, وبعضهم كفرنسا وبريطانيا وسواهما استقبلوا سفراء وممثلين لسوريا من داخل الائتلاف. لكنهم جميعا لم يفكروا بآلية تثبيت هذه الشرعية مقابل شرعية النظام البائد, ولا المعارضة السورية قطعت الشك باليقين وأعلنت تشكيل حكومة مؤقتة أم انتقالية على الأرضي السورية المحررة, لنزع الشرعية عن حكومة الأسد المندحرة, فظلّ الاعتراف السابق حبراً على ورق, وظلت المنظمة الدولية حريصة على إنقاذ الشعب السوري وإغاثة من شردهم نظام الأسد ودمر بيوتهم وارتكب المجازر بحقهم, عن طريق منح المساعدات السابقة للنظام القاتل والمجرم ذاته, ولمؤسساته ووزاراته المتورطة بكل سياسات النظام العدائية تجاه الشعب, فهي قررت تخصيص تلك المساعدات للسكان المتضررين حقاً من حرب النظام, لكنها بكل أسف لم تجد شرعية لإدارة تلك المساعدات والتصرف بها غير شرعية النظام ذاته.

فنداء المنظمة الدولية لجمع المساعدات يشترط وجود لجنة اشراف: « على أن يرأس لجنة الإشراف على إدارة وتنظيم عملية تقدير وإيصال المساعدات نائب وزير الخارجية السوري, أو من يفوضه بالنيابة عنه، وأن تقوم وزارة الخارجية والمغتربين بالإشراف على المشاريع الإنسانية وتنفيذها! ».

وفي القرار تفاصيل تدخل في باب المضحك المبكي, حين توزيع الملايين السابقة على مؤسسات الدولة ووزارات الأسد, بدءا بوزارة الخارجية والمغتربين, وزارة الصحة, وزارة التربية, وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي, وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل, وزارة الإدارة المحلية والمحافظات المتضررة, الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين, وصولاً إلى وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والتي ستتلقى مبلغ يقارب 8,5 مليون دولار لتوفير الأمن والسلامة لموظفي الأمم المتحدة.

هذا الإجراء يبدو من الغرابة بمكان, فكيف يكلف القاتل بمساعدة الضحية, وكيف يُعهد لمن يدمر سوريا ويقصف المستشفيات والمخابز ويهجر السكان أن يعمر ويرمم ما هدمه قبل أن تنتهي فصول مجازره المتكررة؟ ومن الذي يقصف المخيمات الفلسطينية ويهجر الفلسطينيين  خارج سوريا؟ وهل من يقوم بقتل وتشريد الأطفال والنساء واغتصابهم جدير بالحصول على مساعدة لتقديم الدعم النفسي لنساء وأطفال سوريا؟ وكيف للشرعية الدولية أن تتواطأ مع المجرم، وتساعده على الاستمرار في جرائمه؟ وأخيرا, هل نحمل المسؤولية للمنظمة الدولية وأصدقاء سوريا, أم تمتلك المعارضة السورية شجاعة الاعتراف بمسؤوليتها عن العجز والتقصير؟

source : http://www.hurrriya.com//news/main.aspx?id=issuetwentyoneoneone

date : 28/01/2013