المعارضة تنظم نفسها – بسمة قضماني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 14 juillet 2011

 سؤال يتردد على لسان جهات عديدة عندما يناقش مستقبل سوريا: إذا سقط نظام عائلة الأسد فما هو البديل؟ السؤال برىء واستفسارى عند البعض ومغرض عند الآخرين

فى سوريا بالتحديد عمل النظام بشكل منهجى طوال الخمسين سنة الماضية وبشتى الوسائل على منع ظهور أى بديل وعلى إلغاء أى صوت يسعى إلى مجرد التعبير عن اختلاف فى الرأى. فقد اعتاد السوريون على ممارسات الأب حافظ الذى كان يلجأ إلى القتل ويلاحق شخصيات المعارضة فى الخارج ليغتالها. الابن بشار لم يحتج فى العقد الأخير وحتى بداية انتفاضة الشعب هذا الربيع أن يلجأ إلى القتل واكتفى باستخدام الوسائل الأخرى: السجن، التعذيب، التسريح من الوظيفة، المنع من السفر، معاقبة أعضاء الأسرة بوسائل مختلفة، العمل على عزل المعارضين الواحد عن الآخر ومراقبة دائمة عليهم تجعل أى إنسان يتردد فى الاتصال بهم خوفا من الدخول فى دائرة المشبوهين لدى أجهزة الأمن. فى هذه البيئة الخانقة كانت جهود المعارضة مكرّسة بشكل أساسى إلى الحفاظ على البقاء ولم تجد مجالا لتنظيم نفسها

اليوم وبعد أربعة شهور من انطلاق الانتفاضة وفقدان النظام سيطرته السياسية الكاملة على البلاد تتسارع الجهود لتنظيم المعارضة. رغم غياب السوابق فقد بدأ المشهد يمتلئ: فعلى المستوى الميدانى التنسيقيات تعمل فى البلدات أو أحياء المدن تساعدها مجموعات صغيرة من الشبان والشابات الذين ينظمون التواصل بين المتظاهرين على الأرض مما يسمح للتنسيقيات نفسها بأن تنسق بين بعضها البعض فألّفت اتحادا ثم لجانا للتنسيقيات. على مستوى ثان تتحرك شخصيات المعارضة المعروفة التى تعود مصداقيتها إلى مواقفها المبدئية وعدد السنوات التى أمضتها فى السجن. نساء ورجال بعضهم يختبئ وآخرون ينظمون لقاءات تشاورية فى وسط العاصمة فتعتقد السلطة أنهم قد يليّنون موقفهم فيصدرون بيانات تطالب بتغيير النظام. أما على مستوى الخارج فقد تحركت المعارضة القديمة المهاجرة أو المهجرة ومعها فئات واسعة من شباب الجاليات السورية فى أوروبا وأمريكا محددة دورها كداعمة للداخل وليس كجهة لها صفة تمثيلية فهى تقوم بتوصيل رسالة الداخل

التنسيق والتشبيك أصبحا يتمان بين كل هذه الفئات، بين الميدانيين والسياسيين وبين الداخل والخارج وقد فهمت الأطراف المختلفة ضرورة توحيد صفوف المعارضة بأكملها على هذا الأساس فتوقف التشكيك والتخوين وبدأت الجهود تتركز على توثيق الروابط والتشاور فى المواقف الملائمة من القضيتين الأساسيتين اللتين كانتا تسببان خلافات وانقسامات وهما الموقف من التدخل الخارجى والرد على دعوات النظام إلى الحوار.

جاء اللقاء التشاورى من أجل الحوار الوطنى الذى دعا إليه النظام هذا الأسبوع فى وقت كانت كل أطراف المعارضة ذات المصداقية قد حددت موقفها من التحاور مع السلطة ومفاده أن لا حوار بين الجلاد والضحية وان وقف آلة العنف هو شرط مسبق. فلم تعط المعارضة أى أهمية لإعلان السلطة عن نيتها تعديل الدستور فى المرحلة الحالية

لقد نضجت المعارضة بشكل سريع خلال أسابيع قليلة وهذا هو الإنجاز الحقيقى لأن الطريق ما زال طويلا وشاقا فى مواجهة النظام

14 يوليو ٢٠١١

 http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=503866
جريدة الشروق