الهدنة الروسية-التركية: المتوقع والمفاجئ – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 3 janvier 2017

على الرغم من تبنيها بقرار صادر بالإجماع عن مجلس الأمن الدولي، ما يزال غير ممكن أبداً الحديث عن هدنة في سورية. ومعروف تماماً أن المسؤول الأول عن ذلك هو مليشيات حزب الله وسواها من ميليشيات إيرانية صارت تشكل العمود الفقري لما يسميه « عروبيو طهران » و »يساريو الولي الفقيه » الجيش العربي السوري، وإن كان من يتفقده ويشرف عليه القائد في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني!

وهذا الواقع، هو ما يبرر حديث البعض عن خلاف روسي-إيراني بشأن الهدنة. لكن الحقيقة أنه حديث متعجل، بل ويبدو، إلى الآن على الأقل، أقرب إلى الرغائبية منه إلى الاستنتاج المنطقي المستند إلى المعلومات والمعطيات على الأرض.

بداية، يمكن القول إن كل الهجمات الإيرانية على مواقع المعارضة السورية، تبدو أخباراً جيدة للروس طالما أنها لا تؤدي إلى انهيار علني شامل للهدنة، أو خلاف مع تركيا يؤدي إلى قطيعة –ولو غير معلنة- فيما يتعلق بسورية. فاحتلالات إيرانية جديدة تعني وضعاً تفاوضياً أفضل لموسكو لفرض رؤيتها بشأن الصراع في سورية.

مع ذلك، فإن مسألة التسوية السياسية هي ما يُفترض –مجرد افتراض حتى الآن- أن تكون محل خلاف بين الشريكين الروسي والإيراني. فعدا عن رغبة موسكو في الظهور بمظهر صانع السلام، والذي سيسمح لها بغسل الدماء السورية التي أراقتها على امتداد أكثر من عام؛ فإنه يُفترض –مرة أخرى- إدراك الكرملين لحقيقة أن تسوية تضمن الاستقرار وإعادة الإعمار في سورية لا بد وأن تعني تغييراً يقوم على توفير ولو حقوق الحد الأدنى للإنسان السوري، وبما يتعارض بداهة مع أسس حكم آل الأسد المتمثلة بالاستبداد والفساد وحسب.
في المقابل، فإن الإنجاز من وجهة نظر نظام الولي الفقيه، لا يتجاوز أبداً احتلال سورية وإخضاعها للحرس الثوري الإيراني، من وراء واجهة بشار الأسد الحامل لمسمى « رئيس الجمهورية ». وبحيث يكون الاستقرار الحقيقي والإعمار نقيضي الإنجاز الإيراني. وسنوات الهيمنة الإيرانية على العراق تمثل دليلاً قاطعاً على ذلك، لا يقبل الجدل. إذ حتى في مناطق الجنوب التي لا يوجد فيها « داعش »، والتي تُعد الأغنى بالنفط، يفتقر العراقيون لأبسط الخدمات الأساسية، ناهيك عن أي إعمار.

لكن حتى مع هذا التعارض، ولو إلى حد ما، بين المشروعين الروسي والإيراني في سورية والمنطقة ككل، فإن ذلك لا يسمح بتوقع التصادم تلقائياً بينهما. ذلك أن روسيا تتحالف مع إيران باعتبارها الخيار الوحيد المتاح إقليمياً؛ وهي من ثم، ستحاول ضبط أي تباينات أو خلافات معها ضمن الحد الأدنى طالما لم يتوفر لها البديل. والدليل على ذلك، في الاتجاه المعاكس، أن موسكو قبلت التفاهم مع أنقرة بشأن شمال سورية تحديداً، وبما أغضب طهران التي حاولت إفشال هدنة حلب وتهجير سكانها، رغبة في مواصلة القتل. كما تفاهمت موسكو قبل ذلك مع إسرائيل لتقاسم السماء السورية.

طبعاً، المرشح « نظرياً » للقيام بدور بديل إيران في المشروع الروسي على صعيد بقية سورية، هم العرب. لكنهم يصرون على أن لا يكونوا هذا البديل؛ بحكم تناقض أجنداتهم بشأن سورية، وليس تباينها فقط، بل وحتى تناقض أهداف الأجندة الواحدة في بعض الحالات! وبما يمثل بالفعل معضلة التحالف الروسي-الإيراني.