بسمة قضماني: نتمنى أن يكون الحل في سوريا ضمن الإطار العربي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 novembre 2011

قالت الناطقة باسم « المجلس الوطني السوري »الدكتورة بسمة قضماني إن موافقة المجلسعلى مبادرة الجامعة العربية مرهون بالوقف الفوري للعنف، وبإطلاق سراح جميع المعتقلين، وتقديم معلومات حول المفقودين، والحق في التظاهر السلمي.

وأوضحت في حوار مع « إسلام أون لاين »، نتمنى بشدة أن يتم إيجاد الحل ضمن الإطار العربي، وأن يكون لدى النظام حد أدنى من المسؤولية، ما يدفعه لأن يقبل بمبادرة عربية تدعوه للاستجابة لرغبات شعبه الذي يطالبه بالرحيل بكل وضوح.

المبادرة العربية

* ما هو رأيكم في نتائج اجتماع الأسد مع الوفد الوزاري العربي، والذي يمهد كما يبدو إلى قبول مشروط من قبل النظام بالمبادرة العربية؟ وبالتالي إذا تم رمي الكرة في ملعبكم، هل توافقون على الحوار مع النظام؟

يبدو أن حديث الأسد كان من دون أي التزام، وبالمقابل فهو تعمد ألا يقول لا. ولذلك، اجتمع العرب مع السوريين اليوم الأحد في الدوحة. وضع الكرة في ملعبنا لا يمكن أن يتم إلا باستيفاء الشروط المسبقة التالية : الوقف الفوري للعنف، إطلاق سراح جميع المعتقلين، معلومات حول المفقودين والحق في التظاهر السلمي. وبعدها فقط، يمكننا القول بأن الكرة أصبحت في ملعبنا.

نحن نرفض الحوار الذي يستند إلى مسار مفتوح دونما شروط. نحن نتحدث عن تفاوض حول مسار ذهاب النظام. هذا الأمر ليس قابلاً للتفاوض، وأشكال تنفيذه يمكن أن تناقش. المهم أنه لم يعد ممكناً الحديث حول إصلاحات من داخل النظام، ولكن الحديث هو حول تغيير النظام.

* وماذا تتوقعون في حال تم رفض المبادرة العربية..هل تتوقعون أن يتم إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن؟

نحن نتمنى بشدة أن يتم إيجاد الحل ضمن الإطار العربي، وأن يكون لدى النظام حد أدنى من المسؤولية ما يدفعه لأن يقبل بمبادرة عربية تدعوه للاستجابة لرغبات شعبه الذي يطالبه بالرحيل بكل وضوح.

إذا فشلت المبادرة العربية، وإذا لم تكفِ الوسائل الإقليمية، يجب على المجتمع الدولي حينها أن يتحمل مسؤولياته. إن التدويل موجود كنتيجة لصمم وعناد النظام. وأمام هذه « المقاومة » الجرميةمن طرف النظام، يجب استخدام جميع الوسائل بالاستناد إلى التدريج الذي تعرف الأمم المتحدة استعماله. نتمنى أن يفهم النظام واقع الأمور في الوقت المناسب ليجنبنا مزيداً من التضحيات، والشهداء ومحاولات تدمير المجتمع التي يسعى إليها.

الحماية الدولية

* ما هو رأيكم في استدعاء السفير الأمريكي من دمشق المتزامن مع تصريحات جون ماكين بأن عمليات عسكرية ضد سوريا أمر « يمكن أن يؤخذ في الاعتبار »؟

تصريحات ماكين تعكس نقاشاً جارياً في الكونغرس، وليس موقف الإدارة. ولكن العالم أجمع مصدوم بتصرفات النظام ومندهش من شجاعة الشعب البطل. وهذا يضع الأمر في نصابه :شعب سلمي ومصمم أمام نظام مجرم.

على هذه القاعدة، نتمنى أن تقوم قوى هذا العالم بفعل ما يجب فعله إذا وجب فعله. السوريون يرغبون في نهاية التسلطية، والنظام يقوم بتحويل الثورة إلى حرب، وفي هذه الحالة، فهي ستكون حرب تحرير بالنسبة للشعب.

* قيل الكثير حول موضوع الحماية الدولية.. وفي ظل ازدياد المطالبة بالتدخل الدولي من قبل الشارع السوري والمحتجين الذين يقتلون يوميا.. ما الذي سيفعله المجلس؟

هناك فريق من الحقوقيين السوريين يعمل على هذا الملف بحيث يدرس كل الوثائق الدولية والتي تعمل في إطارها المنظمات الإنسانية لتعزيز مفهوم حماية المدنيين ومطابقته للواقع السوري.

الموقف التركي والإيراني

* أيضا تم  » تسريب » خبر عن زيارة مسؤول تركي كبير إلى دمشق بشكل سري لوقت قصير، وأنه أجرى محادثات مع مسؤولين كبار كانت نتائجها مهمة، وستظهر في الأيام المقبلة. كيف ترين الموقف التركي اليوم؟

تركيا ترى بوضوح أن هذا النظام أصبح مصدراً لكل مخاطر الفوضى الداخلية واللاستقرار الإقليمي والأتراك أول ضحاياه. وأعتقد بأنه لم يعد هناك مجال للتفكير بأنهم يرغبون برؤية رحيل النظام، ولكن الحكومة التركية يجب أن تقوم بحسابات جميع الإمكانات بطريقة دقيقة. هذا هو الامتحان الحقيقي الأول لتركيا ضمن انخراطها في الشؤون العربية منذ عدة سنوات : فرص كبرى، ولكن أيضاً مخاطر ومسؤوليات. يجب على الأتراك أن يظهروا بأنهم على مستوى الحدث والتحدي. الجميع ينتظر الكثير من تركيا، ولكنه لا يجب بالمقابل أن نضع على عاتقهاجميع الحمل.

*كيف ترين انعكاس مقتل القذافي على الثورة السورية؟

كان شيئاً رهيباً ولا يساعدنا كثيراً، نحن لا نتمنى بالتأكيد حصول مثل هذا الحدث في سوريا. أتمنى أن يفهم النظام الموقف، وأن يرحل قبل الوصول إلى مثل هذه النهايات الرهيبة.


* سمعنا مؤخرا تصريحات للرئيس الإيراني يحذر فيها من استمرار المجازر في سوريا؟

لا يستطيع الإيرانيون إلا أن يدينوا العنف، لأنه لا أحد يمكنه أن يتجاهل السياسة اللاإنسانية للنظام. ولكن مصالحهم الإستراتيجية ما زالت أهم في هذه المرحلة، وهم يستمرون في مساندة النظام.

انشقاقات وتسليح

* و كيف تنظرين إلى الانشقاقات التي تحصل في صفوف الجيش والى أي مدى يمكن الرهان عليها؟

من الطبيعي أن يقوم أفرادٌ وطنيون برفض الأوامر الصادرة لقتل المدنيين، وهذا هو عهدنا بجيشنا الوطني. بالمقابل، يبقى الرهان الأساسي قائماً على الحراك السلمي الذي يستند إلى التظاهرات والاعتصام والإضرابات وما يرافقها من عمل إعلامي فاعل. إن الرهان الأول هو على حراك الشارع السوري الذي يعطي دروساً للإنسانية بسلميته وتضافره وتآخيه.

*بالتالي كيف ننظر إلى استخدام المنشقين لسلاحهم، ومطالبة بعض المتظاهرين بالتسلح، في ظل التصعيد الأمني والقتل الذي تمارسه السلطة؟

السعي إلى تسليح الثورة هو عمل دؤوب للسلطات السورية، لفسح المجال أكثر أمام آلتها القمعية ولتبرير تصديها الدموي للمتظاهرين المدنيين. إن تحويل المطالبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الشرعية في سبعينيات القرن الماضي، والتي توجتها عمليات الإضراب ونشاطات النقابات الاحتجاجية، إلى عمليات مسلحة عنفية وإرهابية، أعطت للنظام فرصة كبيرة لإجهاض الحراك وتحويله إلى صدام بين قوى مسلحة رسمية، وأخرى متمردة على الدولة وعلى القانون.

على الرغم من اختلاف المعطيات حالياً، ولكن تسليح الثورة سيؤدي إلى إنهائها، ولا أظن أن هذا هو طلب ومسعى الثوار. أما بالنسبة للجنود المنشقين عن آلة القتل، فقد سبق أن أجبت   عن ذلك، وهذا موضوع مختلف تماما عن تسليح الثورة.

إشكالية الاعتراف

* لكننا لم نشهد اعترافات بالمجلس الوطني إلى الآن؟

المجلس الوطني ليس حكومة انتقالية بحاجة للاعتراف، والاعتراف تحقق أولاً بقرار الشارع السوري على أن يعتبره ممثلاً أساسياً لقوى المعارضة المنخرطة في الحراك الثوري. إن الدول التي رحبت بإعلان المجلس، كما أن اللقاءات العديدة لأقطاب المجلس مع ممثلي الدول والمنظمات الدولية، هو تعبير واضح وصريح على أن المجلس يحظى بصفة الممثل الأساسي للحراك الثوري السوري. المطلوب من العرب أن يتحملوا مسؤوليته الأخلاقية ولو متأخرين.

من المفترض أن تقوم الدول العربية الفاعلة، وخاصة تلك التي عرفت تحولات نحو الديمقراطية، بدعم المطالبات الشرعية للجماهير السورية في سعيها إلى الحرية والكرامة والاستقلال عن نظام القمع والمصادرة السياسية والفساد الاقتصادي والنهب العام.

* في السياق ذاته، التقيتم عددا من المسؤولين الأوروبيين الذين رحبوا بالمجلس، ولكن لماذا برأيكم لم يتم الاعتراف به حتى الآن؟

كما سبق وذكرت، فالترحيب هو أساسي ولا يسعى المجلس في الوقت الحالي إلى الاعتراف الرسمي الذي يقوم بين الدول أساساً. ولقد ذكر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن فرنسا لم تعترف بعد بالمجلس الوطني، لأنه لم يطلب منها ذلك، وأظن أن الجواب واضح وصريح حول ترتيب الأمور والمراحل، والتي يقررها المجلس الوطني السوري بكل استقلالية.

*هل وصلتكم دعوة من روسيا. وماذا تتوقعون من زيارتكم إذا تمت، وهل ترون في تصريحات الروس أو الصينيين اللاحقة أي تغير في موقفهم؟

إن مكتب العلاقات الخارجية في المجلس يتدارس جميع الخطوات والدعوات المقترحة على صعيد التواصل مع الدول الفاعلة والمؤثرة في الملف السوري. لن يستطيع الروس والصينيون التمسك بمواقفهم أمام مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية مع مرور الأيام واستفحال القتل والاضطهاد الممارس بحق المدنيين السوريين بمختلف انتماءاتهم. وقد برزت تصريحات أخيرة تدل على أن إعادة النظر في المواقف هي مسألة مطروحة على طاولة مسؤولي البلدين.

الحوار مع بقية الأطراف

* أين وصل الحوار مع بقية أطراف المعارضة للانضمام إلى المجلس الوطني.. ولماذا لم يضم المجلس شخصيات مثل هيثم المالح أو عمار القربي أو عبد الرزاق عيد..وغيرهم؟

إن المجلس الوطني يحضّر لمجلس حكماء استشاري يضم أهم شخصيات سوريا، والأستاذ هيثم المالح هو على رأس قائمة حكماء الثورة السورية. الأستاذ المالح هو علم من أعلام النضال ضد الاستبداد ليس في سوريا فحسب، بل في كل المنطقة العربية، وله تقديره الكبير لدى جميع السوريين.

من جهة أخرى، فإن جميع أطراف المعارضة مدعوة، وذلك منذ بدء التفكير بإطلاق المجلس، إلى المشاركة في النقاش حوله ومن ثم المساهمة في تأسيسه وأخيرا، العمل على إنجاح مهامه. لم ولن يتم إقصاء أحد. أما من يقصون أنفسهم بإطلاق أحكام النوايا والتفسيرات المسبقة لأي تحرك ويتمسكون بالفهم الخاطئ وبالتخوين ويلجؤون إلى الشتائم والتشكيك بالأشخاص، فلا وقت لإضاعته بالدخول في جدل بيزنطي معهم.

فالمجلس يعتبر أن لديه مهمات وطنية جساما، تمنعه من الدخول في مهاترات تدل على أنانية أصحابها وعن عدم اكتراثهم بالشأن العام. وأعود فأكرر، بأن أبواب المجلس مفتوحة دائما لمن يتقاسم مبادئه المستنبطة من مطالبات الشارع الثائر في سوريا.

إلى أي مدى ترين أن الأكراد ممثلون في المجلس.. ولماذا لم يتم تمثيل شباب التنسيقيات الكردية؟ بالتالي كيف تنظرين إلى اغتيال مشعل تمو وما مدى تأثير ذلك على الثورة السورية؟

الأكراد ممثلون بشكل حقيقي وفاعل، والمجلس يعتمد على مفهوم المواطنة ولا يدخل في حسابات المحاصصة.

إن اغتيال الشهيد مشعل التمو، عضو المجلس الوطني، والناشط السياسي الفاعل على الساحة السورية، أتى بدليل جديد على أن الخيار القمعي والدموي الذي تبناه النظام يستهدف جميع المواطنين السوريين من مختلف الانتماءات.

المجلس الوطني السوري يعتقد بأن مسألة الحرية والديمقراطية والمواطنة هي المفتاح الأساسي لحل جميع المشاكل المستعصية في الداخل السوري. إن الأكراد هم مواطنون سوريون يجب أن يتمتعوا بكافة الحقوق التي ستتحقق للسوريين جميعاً. إن الاضطهاد الموجه ضدهم، وإن أخذ أشكالاً مختلفة، ولكنه في النهاية جزء من الاضطهاد الذي يعاني منه السوريون جميعاً.

والتخلص من الاستبداد سيعطي كل ذي حق حقه في إطار دولة المواطنة والقانون. إن رؤية الدولة المستقبلية التي يتبناها المجلس تعتمد ليس فقط على المساواة في الحقوق، بل أيضاً حماية الحقوق الثقافية واللغوية في إطار الدولة التي تقضي على جميع أشكال التمييز القائمة على الدين، على الإثنية، على الثقافة أو على الانتماء السياسي. إن الديمقراطية ليست فقط رغبة الأغلبية ولكنها تتضمن أيضا وخصوصاً، حماية التعددية والاختلاف وإدارتهما بطريقة مسؤولة من قبل النظام السياسي.

تهديدات الأسد

* كيف تنظرين الى التهديدات السورية بتفجير الشرق الاوسط في ست ساعات، واتخاذ إجراءات بحق الدول التي ستعترف بالمجلس، إلى تهديد المفتي بوجود انتحاريين من سوريا ولبنان في أمريكا وأوروبا.؟

بالطبع لا نبني مواقفنا على معلومات غير موثقة بالنسبة لهذه التهديدات، ولكنني أعتقد بأنها تدخل في منطق اللاممارسة السياسية التي بنى عليها النظام السوري سمعته غير العطرة طوال العقود الماضية. اللجوء إلى التهديد هو لغة لن يتورع عنها في إطار فهمه لإدارة العلاقات الخارجية.

 * هل نتوقع أن تشهد المرحلة القادمة المزيد من الاغتيالات السياسية لقادة الثورة.. وما هي السيناريوهات المتوقعة برأيك؟

 إن العمل في الشأن السوري في هذه المرحلة يفتح أبواب جميع الاحتمالات. أما التوقعات، فهي تتركز في آمالٍ نعقدها على تحرر الإنسان السوري من ضيم الاستبداد واستعادته لقراره الوطني ومشاركته في الحياة العامة من دون قيد أو شرط ومساهمته في بناء سوريا المستقبل وإخراجها كطائر الفينيق من عقود الاضطهاد والإفقار والتجهيل.

إسلام أون لاين – الثلاثاء 5 ذو الحجة 1432 هـجريا – الموافق 01 نوفمبر, 2011 ميلاديا

http://www.islamonline.net/ara/article/1304970980376