بشار العيسى – حوار السلطة، القصف من خلف الأكمة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 17 mai 2011

بشار العيسى
خاص لسوريا حرية

منذ ايام اطلقت السلطة السورية بلسان بثينة شعبان بالون اختبار بالإعلان ان سياسة القتل والحصار والاعتقال أتت أكلها، وأن الوقت حان لأن يصدر الرئيس بشار الاسد، أوامره بوقف اطلاق النار على المتظاهرين وأن العملية الاصلاحية الرئاسية قد بدأت وان حوار ما، سيحل محل الدبابات والقتل والحصار، واستدعي للسيدة شعبان لهذا الأمر الاجرائي صحافيا من نيويورك تايمز، واربعة شخصيات ثقافية وسياسية سورية رأت فيهم شركاء العملية الحوارية، بعد ما نعتت الثورة الشعبية بصفات عصابات اجرام وقتل مأجورة للخارج وفارين ومهربين … حسب تعابيرها المنتقاة.
اليوم ومفخخة الحوار صارت على كل لسان، مازالت دبابات القوة الامنية لسلطة بشار الاسد تحاصر مداخل المدن السورية التي يطل شبح الموت من حواريها وشوارعها الثائرة والمخارج تخبئ في ترابها المقابر الجماعية التي ضمت الشهداء والجرحى معا ومازال الآلاف من خيرة ابناء الثورة رهائن معتقلات لا يعرف عنها شيئا. تقوم السلطة كل يوم بعمليات القط والفأر، اطلاق سراح معتقلين حزبيين ونشطاء تتلرافق واعتقالات جديدة لشخصيات وطنية بارزة كان لها دورها ومواقفها المعلنة واشتراطاتها الجذرية على محاولات السلطة الالتفاف على الثورة والشارع الوطني السلمي المعترض على سلطة فقدت كل شيء، سطوتها، شرعيتها، مصداقيتها الدولية.
لقد نزعت قرية « تلكلخ » من السلطة والمترددين ورقة التوت الحوارية المنتصرة، ها هي الدبابات وشبيحة السلطة يستبيحون « تل كلخ » و »حلات » و »العريضة » بعد بانياس وحمص ودرعا، تستبيح كل شيء القتل والنهب والاهانة والفتنة الأهلية، بتهجير سكاني بايحاءات مبطنة بخبث معهود، بان هؤلاء يقطعون طريق حمص طرطوس. هاهي الحدود السورية تتبادل في صدور المدنيين وظهورهم، رصاص سلطة الاسد والعدو الاسرائيلي تفقد السلطة وعملاءها وحلفاءها المنافقين أحجية المقاومة والممانعة كما يكشف الحدث اليومي عورة إعلام السلطة من خلال اشباح امنية اعلامية، لا صفة رسمية لهم، يفصّلون في مشروعها الحواري في غياب اركان السلطة الرسميين، حوار كهذا لن يكون اقل شراسة وضررا من نيران الدبابات ورصاص قناصة فرق الموت الأمنية، انه ارتقاء بالقتل الى صيغة حوار متفجر، حوار ملغوم للقبض به على اللحظات الهاربة من سيطرة القمع والقتل، يريدونه في المناطق والمحافظات، تقتنص به الاجهزة الامنية ضعاف النفوس وصائدي الفرص الضائعة، توسع بهم سيرك مجلس الشعب بالرقصات البدائية لكائنات اقل ما يقال فيها انها فقدت كل حسّ انساني وكرامة وطنية.
والثورة السلمية تدخل مراحل انتصارها النهائي بشمولية التراب الوطني وسائر أطياف وشرائح المجتمع السوري الغني بتنوعه وتلاوينه الثقافية والاثنية، لم يبق امام الشعب، ممثلا بشبابه الموحد من حول شعار الحرية والكرامة والشراكة الوطنية، الذي قدم آلاف الضحايا بثورة الصدور العارية والكرامة المستعادة، من خيار غير التغيير الجذري، بالانتقال السلمي للسلطة الى الشعب واحلال الدولة المدنية بالعدالة الانتقالية، محل دولة تحالف الأمن والفساد.
لذا فأن الحوار الجاد، يتطلب الاعتراف والاعتذار علنا، على لسان رئيس الجمهورية (بعدما ثبت انه هو من كان يأمر بإطلاق النار) للشعب عن هذه الجرائم والكشف عنها، والاطلاق الفوري، بغير مراوغة، لآلاف الرهائن المعتقلة والكشف عن المقابر الجماعية وفكّ الحجرعن جثامين الشهداء لتكريمهم في يوم وطني جلل، وسحب الشرعية القانونية عن التشكيلات والعناصر الأمنية وكف يدها عن القرار بكل اشكاله ووضعهم في تصرف تحقيق مستقل تشارك به هيئات دولية مستقلة، واصدار مراسيم لا لبس في تنفيذها بالحاق القطعات العسكرية الخاصة، ومنها الحرس الجمهوري، والأجهزة الامنية، بوزارتي الدفاع والداخلية.
فتح الفضاء الوطني السوري للإعلام العربي والعالمي المستقل، واجراء تغيير جذري في بنية وسياسة وعناصر المؤسسات الاعلامية المملوكة للسلطة التي نظّرت للقتل والاتهام والتضليل.
فتح فضاء الشارع والساحات للتظاهر المدني السلمي يقدم الشعب وشباب الثورة رؤاه لممثليه وتنسيقياته الى عملية حوار حقيقي وجاد من أجل الانتقال السلمي من الاستبداد الى الديمقراطية يتشارك فيه ممثلو واطياف الشعب والقوى الحزبية والثقافية والاجتماعية، لا يكون نجدة إنقاذيه لرموز القتل والفساد لاستعادة شرعية دولية يفقدونها كل يوم .
وقف العمل بدستور سلطة الحزب الواحد والرئيس المستبد والجيش العقائدي، بقطعاته المغلوب على أمرها من عصابات القتل والاجرام والفساد بسيادة القانون المشرع بمراسيم تلاقي الحوار الى منتصف الطريق تمهيدا لصياغة دستور جديد تصيغه جمعية تأسيسة منتخبة، بإرادة شعبية حرة، تضع الجميع تحت المساءلة القانونية، حزبيين وعسكريين واثرياء اثروا من المال العام والقوانين الاستثنائية.
أن الوطن السوري بحاجة لكل بنيه، جماعات وشرائح ونخب ونشطاء ميدانيين، يمكنهم بالتعاون مع إدارة سياسية متعاونة بشفافية عملانية وباشراك حقيقي لممثلي الشعب ( تختارهم صناديق اقتراع شفافة او تنسيقيات ميدانية) بمعزل عن الارث الفاسد لسلطة فشلت في كل شيء وفقدت كل شرعية، اجراءات لا بد ان تسبق كل حوار يؤدي حتما من خلال مؤتمر وطني الى حل عادل بغير انتقام او احتيال يخرج الوطن من خطر الاستمرار في سياسات أمنية دموية اكتوى بها الجميع وستطال الجميع ان لم يتم تداركها وبتر جذورها.