بين جمال باشا السفاح والأسد السفاح – خلدون حسونة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 juillet 2011

في العربية الفصيحة: سَفَح الدّمُ ونحوه يَسفَح سُفوحا، وسَفَحاناً: انصبَّ. وسَفَح الدّمَ سَفْحاً، وسُفوحاً: سَفَكَه… والسَّفَّاح: من يُكْثِر سفك الدماء. وقد « حظي » بهذا اللقب المشؤوم في التاريخ العربي شخصان ؛ واحد من العصر العباسي وهو أوّل الخلفاء العباسيين عبد الله بن محمد أبو العباس  المعروف بالسفّاح (حكم بين عام 132 – 136 هـ/750 – 754 م) وهو الذي أمر بإبادة الأمويين… وتُوِفّي  بالجدري؛

 والثاني هو أحمد جمال باشا (1879-1923) وسيطر سيطرة مطلقة على بلاد الشام، وكان من زعماء جمعية الاتحاد والترقي، وشارك في الانقلاب على السلطان العثماني عبد الحميد. وكان وزيراً للأشغال العامة عام 1913، وقائداً للبحرية العثمانية عام 1914، وعُيِّن حاكماً على بلاد الشام عام 1915 وسيطر سيطرة مطلقة عليها

وحين عُيِّن في منصبه في بلاد الشام حاول كسب العرب في صفّ تركيا محاولاً الاستفادة منهم في الحرب العالمية الأولى، وكانت مهمته الأساسية تجهيز حملة على مصر للقضاء على السيطرة البريطانية، ولكنه عوضاً من أن يلتفت إلى ذلك حاول تعزيز سيطرته وإقصاء العناصر العربية عن مراكز الإدارة والقرار

 وفي أواخر سنوات العهد العثماني في بلاد الشام، اشتد قمع السلطة فقام جمال باشا السفاح بمحاكمة نخبة من المثقفين المعارضين لسياسته والداعين إلى الإصلاح. فحكم عليهم بالإعدام على أعواد المشانق في بيروت بتاريخ 21آب/أغسطس 1915، وكان عدد الشهداء 12 شخصاً

وفي السادس من أيار/مايو 1916 أعدم 21 شهيداً من رجالات الإصلاح من المثقفين والمفكرين، منهم 7 في ساحة المرجة في دمشق و 14 في بيروت

 ومنذ ذلك التاريخ ارتبط اسم أحمد جمال باشا بلقبه المشؤوم وهو السفاح،فأصبح لازمة له لايفترق عنه عندما يطلق اسمه وكأنه اسم عائلته!! وكل ذلك على أهميته الكبرى من أجل 33 إصلاحياً…. ومات هو بدوره مقتولا بتفليس

فماذا يمكن أن نقول عن بشار الأسد الذي ورث الحكم عن أبيه وبُدِّل الدستور من أجل أن يكون على مقاسه خلال نصف ساعة؟ فالأب قتل أكثر من 20 ألفاً في حماة،  والوريث قتل حوالي 1700 شهيداً، وشرّد 12 ألفا من السوريين، وسجن حوالي 11 ألفاً ويقارب هذا الرقم ما فعلته إسرائيل بالشعب الفلسطيني؟ دون أن ننسى أن هناك 64 ألفا من المطلوبين كما قال الأسد السفاح في خطابه الأخير

أفلا « يستحق » هذا الذي يظهر ضاحكاً دائماً ويتقرّب بالكلام المعسول من الشعب،و الذي ينسب الدولة كلها إلى أسمه « سورية الأسد » وكأنها مزرعة له، بيد أنه يسحقه ويقتله ويطارده إن خالف رأيه، لقب بشار السفاح الدموي ودراكولا العرب؟

أليس انشغاله بحكمه المطلق أهم من تحرير الأراضي السورية المحتلة؟  أليس الولاء له ولعائلته تحت مسمى الممانعة والصمود أهم من حرية شعبه والجولان المحتل؟ ألم يفرّط أبوه في الجولان بشكل من الأشكال ؟ ألم يتناس الوريث حقوق السوريين بلواء إسكندرون؟

أليس من العجب العجاب أن يقمع ، الشعب السوري واحد من  » ولد بلادي » كما يقول المغني سميح شقير وأن يدافع الآن عن السوريين حاكم تركي اسمه رجب أردوغان؟

خلدون حسونة
كاتب سوري
٢٢  تموز  ٢٠١١