تعويض إسلامي – عربي لضحايا الإرهاب « الجهادي »! – خالد الحروب

Article  •  Publié sur Souria Houria le 7 octobre 2013

أين هو الاسلام المعتدل واين هم المسلمون المعتدلون من ما تقوم به القلة المجرمة التي تنتسب إليهم وتقوم بإرهاب مخز باسم دينهم؟ بتنا لا نستطيع متابعة حلقات الإرهاب التي تقوم بها الجماعات التي تتناسل عن بعضها البعض باسم الدين وباسم الجهاد وتلطخ بفعلها كل من يمت للعرب والمسلمين بصلة.
الصورة الاجمالية للعرب والمسلمين في العالم سوداء وبشعة وإرهابية والفضل يعود « للمجاهدين الاشاوس ».
وإن كان تردي تلك الصورة يعود لإجرام هؤلاء، فإن بقاءها وعدم تغييرها هو خطيئة الأغلبية الكاسحة والصامتة، والتي لا تفعل شيئا من اجل الدفاع عن ذاتها الجمعية، ولا عن قيمها، ولا عن دينها.
كل ما نقوم به حتى الآن هو القول الخجول إن « هؤلاء » لا يعبرون عنا ولا عن الدين الصحيح »، ثم سرعان ما يعلو صراخنا ضد الإعلام الغربي الذي « يشوه صورتنا ويتهمنا بالإرهاب »!
لا يحتاج الاعلام الغربي ولا غيره للتآمر علينا لتشويه صورتنا او ما شابه ذلك، يكفيه نقل وتصوير ما تقوم به تلك الجماعات المنتسبة إلينا وحتى من دون تعليق.
الدفاع اللفظي عنا ومحاولة تقديم طروحات نظرية حول تسامح الدين وتعايشه والماضي التليد لن تُقنع أو تعوض أُماً رأت اطفالها يقتلون امامها برصاص « المجاهدين »، ولن تقنع او تعوض طفلا فقد والديه، او عشرات وعشرات من الضحايا واهليهم، ممن قتل هنا، او مُثل فيه هناك، او اغتصب او اغتصبت في « حمى وطيس المعركة »!
القول اللفظي لا يدحض الفعل العملي، وإطفاء الحرائق التي تلتهم الصورة العامة للمسلمين بسبب إرهاب تلك الجماعات لا ينجح عن طريق التصريحات التي تؤكد اننا طيبون، وهي تصريحات لا معنى لها عندما يفور دم ضحايا ابرياء، بل تصبح محاولة ساذجة حتى لا نقول صفيقة لتخفيف الألم … هناك!
مطلوب من الأغلبية الكاسحة من المسلمين، وفي مقدمتهم العرب بكونهم القادة والمؤسسين لما صار يُعرف بـ « الإرهاب الاسلامي » ان ترد الفعل الإرهابي بفعل حقيقي وليس بقول او لفظ.
مطلوب تداعي هذه الاغلبية ومفكريها وقادة الرأي فيها إلى الانشغال ليلا ونهارا بالسؤال الكبير حول ما يمكن عمله، وما هي الآليات التي يجب تبنيها من اجل تقديم صورة الاسلام الاخر، الاسلام المعتدل، للعالم والناس والضحايا التي سقطت جراء إرهاب جماعات التطرف.
وفي سياق محاولة الاجابة عن سؤال ما العمل لا بد من تأسيس « الصندوق الشعبي الاسلامي لتعويض ضحايا الإرهاب ».
وتكون الوظيفة الاساسية لهذا الصندوق الوصول إلى كل المتأثرين بالعمليات الاجرامية المنسوبة إلى الجهاد والاسلام والوقوف إلى جانبهم معنويا وانسانيا وإبراز التضامن معهم ثم تعويضهم ماديا عن خساراتهم سواء في من فقدوا من محبيهم او في ممتلكاتهم.
لا يمكن تعويض احد فقد ابنا، او اخا، او ابا، او اماً، عن طريق القتل والارهاب الظالم، لكن التضامن المعنوي والتعويض المادي يخفف من المصيبة اولا، ويؤدي رسالة مهمة وملحة ثانيا وهي ان القتلة لا يمثلون المسلمين ولا دينهم، وان اجرامهم لا دين له ولا قيما.
لنتأمل حلقات المجزرة الإرهابية التي قامت بها منظمة « الشباب الإسلامية » الصومالية والتي يندى لها الجبين.
إرهاب اعمى موجه ضد مدنيين عزل يتسوقون ويتجولون مع ابنائهم ونسائهم باطمئنان في مركز تسوق.
اين البطولة والشجاعة والدين او حتى المروءة الجاهلية في اختطاف النساء والاطفال وبث الرعب في قلوبهم، ثم فرزهم وسؤالهم عن دينهم فإن كانوا مسلمين اطلق سراحهم وإن كانوا مسيحيين قتلوا!
وأي تعاليم دينية قرأها اولئك المجرمون تبرر لبعضهم اغتصاب اطفال في ايام الاختطاف، ثم لتعتذر القيادة عن تلك الافعال وتقول بكل صفاقة إنها مجرد « تصرفات واخطاء فردية »!
وما هو الانجاز العظيم الذي حققه « المجاهدون » عبر قتل العشرات من الابرياء وجرح واعاقة المئات، سوى تأليب الحقد والكراهية على كل ما يمت للإسلام والمسلمين في كينيا وفي كل مكان شاهد فيه الناس المجزرة وتفاصيلها وتابعوا قصصها على شاشات التلفزة وفي الإعلام.
في الباكستان والهند هناك ايضا إرهابيون ومجرمون بكل معنى الكلمة يخوضون حربا تافهة ضد كنيسة هنا، او مسجد للشيعة هناك، ويتصايحون بهوس وانحطاط بشعارات اسلامية ودينية وكأنهم حققوا نصرا مؤزرا، وكل ما فعلوه هو إراقة دماء مصلين مسالمين هنا او هناك.
وقريبا منا في سورية، تتوالى « بطولات » مجاهدي « الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام » وتتمثل في تحطيم ايقونات كنيسة هنا، وتحطيم صليب هناك، وإرهاب كل من لا يقدم فروض الطاعة لأمير ارعن هنا، او امير ارعن هناك.
وفي العراق نفسه تُكتب مجلدات عن سفالات اولئك « المجاهدين » وولوغهم بالدم البريء.
منذ إرهاب الحادي عشر من ايلول 2001 وصورة العرب والمسلمين ودينهم في ترد متواصل.
الاسلام والمسلمون وفي زمن الاعلام السريع وغير المكترث للصور الكلية للثقافات والمجتمعات صاروا صنوا للعنف والارهاب والتعصب.
ما تقوم به جماعات الارهاب التافهة باسم الدين في طول وعرض العالم يعود على كل المسلمين ودينهم بالدمار، ويؤلب ضدهم الآخرين.
لكن هناك معضلات ذهنية ونفسية تقف في وجه المكاشفة الصريحة بيننا وبين انفسنا والإقرار بأن غالبية الإرهاب الذي يستهدف مدنيين عزل يتم تحت لافتات اسلامية.
فعادة ما نشير إلى جرائم الغرب والاستعمار والحروب التي يقوم بها ويسقط من خلالها مدنيون، وهذا تاريخيا صحيح، لكن جوهره مماحكة وجدل يريد أن يهرب من المسؤولية.
نعم هناك جرائم غربية واستعمارية في الماضي والحاضر، لكن هل إثبات هذه المقولة سوف يوقف تدهور صورة الاسلام والمسلمين عند الناس العاديين، لنقل في كينيا مثلاً؟ إجرام الغرب لا يبرر أن يقوم في وجهه إجرام « إسلامي »، وفي اول المطاف ونهايته هناك البوصلة المهمة التي يشير إليها النص القرآني: « ولا تزر وازرة وزر اخرى ».
وهناك ايضا مماحكات مختلفة ومن درجات متفاوتة من مثل حشر النقاش في الالفاظ والمصطلحات، والقول إن تعبيرات مثل « إرهاب اسلامي » او « جهاديين إرهابيين » هو من باب التشويه الاعلامي للاسلام والمسلمين وسوى ذلك.
وهذه كلها معارك على مستوى لفظي لا تقدم ولا تؤخر، وما يقدم ويؤخر هو الفعل على الارض، هو ان تنتفض الغالبية الكبيرة للدفاع عن ذاتها، ولتضرب على يد الجماعات الخرقاء التي تخرق قاع السفينة، لأنهم إن لم يفعلوا فإن السفينة بمن فيهم آيلة إلى الغرق والخروج من التاريخ.

http://www.al-ayyam.com/article.aspx?did=224496&Date=09/30/2013