خيبة ‘الميادين’ طائفياً وماذا فعل ‘تويتر’ بالثورة المصرية – سليم البيك

Article  •  Publié sur Souria Houria le 20 décembre 2013

بين فترة وأخرى تخرج لنا قناة ‘الميادين’ بتحقيق أو فيلم وثائقي يتناول مسألة ‘الجهاديين’ في سوريا، وآخرها كان تحقيقاً ميدانياً بعنوان ‘في جبال القلمون’.
نشاهد في التحقيق كيفية دخول وخروج معدّه إلى القلمون برفقة قائد كتيبة ‘بلال الحبشي’ المقاتلة تحت راية ‘جبهة النصرة’ والمعروف بأبو مهرّب، حسب القناة، ويتخلل التحقيق مقابلات سريعة مع المقاتلين هناك.
لا يتجاوز كل ذلك نصف الساعة، وليس فيه ما هو جدير بالمتابعة غير لقطة اختاروها لتكون في الإعلان عن التحقيق (البرومو)، وهي سؤال أحد المقاتلين (أسلوب القناة التسطيحي ذاته): لنفترض أنك أمسكت شيعياً أو علوياً، ماذا ستفعل به. فتأتيه الإجابة: سوف أذبحه، من طرفه إلى طرفه، هل تتوقع أن أرحمه؟ ليعيد المعدّ سؤاله متأملاً تسجيل تفاصيل أكثر لمشاهد ‘الميادين’ لتأتيه الإجابة هذه المرة ومن المقاتل الساذج والقلق والضائع ذاته: أسلّمه للقيادة، نحن نكرم الأسرى.
التحقيق يركّز على عداء هؤلاء لحزب الله من خلال تعليقات المعد وأسئلته للمقاتلين. في دقائق قليلة هو عمر التحقيق/الفيلم يتكرّر الحديث عن حزب الله ويُجر المقاتلون للحديث عنه بما يوحي أن هؤلاء تواجدوا هنا ليقاتلوا حزب الله أولاً وأخيراً، وأن لا مشاريع إسقاط نظام لديهم.
لكن ما لم يلفت التحقيق النظر إليه، إلا بقدر ما يدرك المشاهد بنفسه ذلك، هو أن هؤلاء يقاتلون في بلداتهم وأنهم سوريون يقاتلون في سوريا، وأنهم وإن جرّهم التحقيق للحديث عن حزب الله دون غيره، يقاتلونه في ديارهم التي جاءهم الحزب (وكتائب شيعية أخرى) ليقاتلهم فيها.
أمر آخر كان التحقيق و’الميادين’ أشد الحرص على إظهاره هو المقاتل الأجنبي (الشيشاني حصراً) متكلّم العربية الفصحى بلكنة غرائبية، ولم يجدوه لبؤس حظهم. لو أن الشيشاني عريض المنكبين واللحية تواجد بين المقاتلين لكان محور التحقيق ونجمه وموضوع انشغال القناة للأسابيع القادمة.
تكلّم التحقيق عن مقاتلين سوريين، نعم هم طائفيون ومسلّحون، وهما العنصران الكفيلان بارتكاب المجازر في أبشع صورها، ولنا في عناصر الجيش السوري وحزب الله وهم الطائفيون والمسلحون كذلك، أوضح مثال.
طالما أن القناة تتخصّص في عرض برامج تتناول التطرف والتسلح الحاصل حالياً في سوريا، وطالما أنها تزداد تخصّصاً وتخصيصاً كلّما تعلّق الأمر بوافدين أجانب إلى هذه البلد، أليس من الأسهل لها (تبعاً لعلاقاتها) أن تجري تحقيقات تتناول طائفية عناصر كل من جيش النظام والشبيحة وحزب الله والجماعات الطائفية القادمة من العراق وإيران وباكستان وغيرها، وما يرتكبه جميع هؤلاء من مجازر أساسها طائفي؟
القناة طرف إعلامي في الحرب الدائرة في سوريا وهي لا تخفي ذلك، لكنها تحمل شعارات تتشوّه كلّها أُلصق عليها لوغو القناة البرتقالي والمتواضع فنياً بالمناسبة، أولّها شعارات قضية فلسطين والفلسطينيين، ثانيها خطاباتها الوطنية ومظهرها العلماني المفترض أن يكون نقيضاً لأي تطرف ديني أو طائفي.
القناة راعٍ إعلامي دائم وتحت الخدمة دائماً لطائفية النظام السوري وجيشه من ضباطه إلى مجنديه، كما أنها تحت الخدمة دائماً لطائفية حزب الله من أمينه العام لعناصره، لكنها، وللمفارقة، وبكل علمانية ومهنية إعلامية، لم تسمع بمجازر يمكن لهذا التطرف الطائفي وهذا التسلّح أن يرتكبها في سوريا.
ما يمكن قوله على أي طرف مقاتل في سوريا يكون أولاً طائفياً بل ومتطرفاً في ذلك، وثانياً يكون مسلّحاً، يمكن قوله على أي طائفي متطرف ومسلّح، بغض النظر إن كان من هذا الطرف أو ذاك، هذا ما لن تفهمه ‘الميادين’ لأنها محض أداة سياسية تتوسّل الإعلام بأبشع صوره، وليس في ذلك ما يشبه الوسائل الإعلامية التي تنقل ‘الواقع كما هو’.

عنصرية طائفية مع ثقل دم

من بين البرامج اللبنانية التي تجعل من العنصرية الفارغة والمقيتة وسيلة للسخرية تثير الاشمئزاز عند الأسوياء والضحك غير المبرر عند فئات من الناس كالطائفيين والعنصريين وأصحاب الاضطرابات النفسية، عرضت قناة ‘إم تي في’ اللبنانية ضمن برنامجها ‘ما في متلو’ فقرة تمثيلية تتطاول على السوريين، اللاجئين منهم تحديداً، بأسلوب الطائفيين المبتذل.
للقناة تاريخ حافل بسياسات تحريضية تجاه الفلسطينيين والسوريين في لبنان، وهنالك من يواجهها من اللبنانيين أنفسهم على كل حال. الطائفية والعنصرية المقيتة ظهرت مجدداً مؤخراً من خلال الفقرة التمثيلية الأخيرة التي تسخر من لاجئ سوري ينام فوق محرّك سيارة امرأة لبنانية تكرّر على مسامعه عبارة ‘شحّاد ومشارط’ في إشارة وضيعة لحال اللاجئين السوريين في لبنان ومطالبة بعض الطائفيين هناك بالتضييق عليهم، وهم الهاربون من الموت في بلادهم، وهم أنفسهم من فتحوا بيوتهم للبنانيين فارين من القصف الإسرائيلي في الحرب الأخيرة عام 2006!
استنكار سريع وخفيف لمثقفين وناشطين لبنانيين على صفحات ‘فيسبوك’ لن يكون كافياً، هنالك ما يتوجب فعله لوقف هذا التحريض الجماعي والعلني وهذا الاعتداء المعنوي على اللاجئين السوريين والفلسطينيين هناك.

عنصرية ممانعة هذه المرة

على الجانب الآخر من الاستقطابات الطائفية التي تغمر اللبنانيين، وفي انسجام تام مع المؤسسة الإعلامية التي تعمل بها، كتبت إحدى العاملات في قناة الميادين واسمها سنا أبي حيدر كلاماً يفوق ما ورد في الفقرة التمثيلية السابقة عنصرية، وهو المتوقع من قناة كهذه ومن العاملين فيها كونها، إضافة للطائفية التي تتحكم بخطها التحريري وبالعاملين فيها تالياً، فـ’الميادين’ لا تخفي تشفيها بالأهالي السوريين النازحين داخل سوريا واللاجئين خارجها، وإن حاولت لرد التهمة عنها ورفعاً للعتب عرض قضية اللاجئين من ناحية إنسانية بين فترة وأخرى، وبخجل، إنما بالقدر الذي يخدمها ويخدم صيتها المعطوب لا أكثر، تماماً كما تفعل بفلسطين وقضيتها وأهلها.
ولعلّ موقف القناة والعاملين فيها يأتي من إدراك مسبق بأن السوريين – لاجئين ونازحين – يقفون في صف الثورة ضد النظام، وهم بذلك على النقيض سياسياً من هذه القناة الأقرب للبوق الإعلامي للنظام السوري، بنسخة لبنانية.
المهم، وضعت أبي حيدر في صفحتها على ‘فيسبوك’ صورة لخيم اللاجئين السوريين وقد غطّتها طبقة سميكة من الثلوج، وهي خيم مفتوحة ولا أجهزة تدفئة فيها، وكتبت التالي: ‘مخيم عرسال للاجئين.. الله لا يشيل عن قلبكم شمتانه للسما. يلي بدو يعطيني دروس في الانسانية يسكر تمو لأن صراحه لاجري هالخونة’.
بعد أن شمتت بهؤلاء وقد مات منهم أطفال لشدة البرد ولتقاعس الحكومة اللبنانية عن تأمين ما يمكن أن يرد عنهم هذا الموت، لم تحذفها إلا بعد الاحتجاج الذي لاقته من ناشطين على ‘فيسبوك’، كاتبة (تكاد تقسم) أن لا علاقة لقناة ‘الميادين’، بما كتبته سابقاً.
يبدو أن إدارة القناة قد أنّبتها لأنها فكّرت بصوت عالٍ، لأنها أخبرتنا ‘الواقع كما هو’ في القناة، لا أكثر، لأنها بالنهاية وإن التزمت بالخط السياسي لـ ‘الميادين’، إنما لم تعرف كيف تطرحه.

قصة ‘تويتر’ والثورة المصرية

عرضت قناة ‘الجزيرة’، ضمن برنامجها ‘تحت المجهر’ فيلماً وثائقياً بعنوان ‘التغريدة المصرية’ يحكي عن تأثير موقع ‘تويتر’ على مجريات الوضع المصري العام منذ ثورة يناير 2011 حتى اليوم. الفيلم شامل ومُعدّ بشكل جيد حتى من الناحية الإبداعية والإخراجية.
إلى الآن لم أعرف السبب الذي جعل لموقع ‘تويتر’ أولوية على حساب ‘فيسبوك’ في مصر، فعربياً يُعد ‘فيسبوك’ أكثر انتشاراً منذ ما قبل ثورة يناير حتى اليوم. لم يلتفت الكثير من العرب له إلا بعدما لمع صيته خلال الأيام الأولى من ثورة يناير وظهر فعلياً مدى تأثيره الواسع على وفي الثورة المصرية، ما جعل الكثير من المثقفين الكبار (عمرياً) يشرعوا في فتح حسابات لهم على الموقعَين الأزرقين، وقد ذهب بعض هؤلاء لاتخاذ حساباتهم على أحد أو كلا الموقعين منبراً للتوجيه المعنوي والتثقيف الأيديولوجي في توصية جديدة يقترحونها بأنفسهم على أنفسهم تجاه الشباب، بأسلوب مثير للتسلية وأحياناً للسخرية.
على كل حال، لم يتطرق الفيلم لذلك، بل انحصر في شرح وتحليل الدور الذي لعبه ‘تويتر’ خلال جميع مراحل الثورة المصرية التي لا أراها قد خلصت حتى يومنا هذا، وقدّم تفاصيل وأرقام وآراء سيفيد معرفتها لإدراك أهمية هذا الموقع الالكتروني في التأثّر بـ والتأثير في ثورة شعب كالحاصلة في مصر، وهذا الكلام يُقال حصراً لغير المدركين لدور وأهمية مواقع الإعلام الجديد كالموقعين المذكورين كما مواقع المدونات كـ ‘ووردبرس′ و ‘تمبلر’ وغيرها من صفحات الكترونية تمنح الحرية لأي فرد من المجتمع بالتعبير عن رأيه ونشر الأخبار ومشاركة كل ذلك مع الاخرين، وبمجانية.
لكل من يشك في دور هذه المواقع ويحصرها في العالم الافتراضي أنصح بمشاهدة الفيلم.