درس ميشال سماحة – معن البياري

Article  •  Publié sur Souria Houria le 13 août 2012
تقرأُ التفاصيلَ “المسرَّبة” التي نشرتها الصحفُ البيروتية في قضيةِ اتهام الوزير والنائب اللبناني السابق، ميشال سماحة، و”اعترافِه” بتكليفِه من رئيس مكتب الأَمن الوطني السوري، اللواء علي مملوك، بتوزيع عبواتٍ ناسفةٍ ومتفجرات، لاستخدامِها في اغتيال شخصياتٍ لبنانية.تقرأَها،فتصابَ بذهولٍ من فرط شيطانيّةِ العقل الأَمني الذي يحكم دمشق، ثم تشفقُ على من يرهنون أَنفسَهم للنظامِ غاصبِ السلطة هناك، أَياً كانت مواقعُهم وخدماتُهم في التنظير للمقاومةِ والممانعةِ إِيّاهما. وفي البال أَنَّ لسماحة مكانة رفيعة في الوسط السياسي الذي ينتسِبُ إليه، أَو الذي صار فيه، بعد مواقعِه العتيقةِ في اليمين الكتائبي، وهو يحظى بعلاقةٍ خاصةٍ مع بشار الأسد، إِلى حد نعتِه مستشاراً للأخير. وأَنْ يتم استخدامُ رجلٍ في هذه المرتبة، بوضع العبوات والمتفجرات في سيارتِه، بعد أَخذ مفتاحِها منه في أَثناءِ زيارتِه مملوك في دمشق، وإِعطائه 170 أَلف دولار لتسليمها لشخصٍ يُرتِّبُ لاغتيالاتٍ في “ما تيسَّر من إِفطارات”، وأُخرى تستهدف، أَيضاً، “من يؤدي اغتيالُهم إلى مشكلتين، سنيةٍ مسيحية، وسنيةٍ علوية”، أَنْ يستخدم نظامُ دمشق سماحة في عمليةٍ قذرة من هذا الطراز، فذلك يستنفرُ شفقةً خاصّة على الذين في ركابِ هذا النظام، حين ينقطعون إِلى إِعلاءِ فرادتِه القومية والعروبية، وحين يرفعون مديحَهم له إلى منزلةِ عقيدةٍ يعتنقونها، من دون حسٍّ إِنساني تجاه جثث الضحايا الذين يسقطون يومياً في جرائمِه.

حسب “التسريبات” و”الاعترافات”، شكر ميشال سماحة في أَثناءِ التحقيق الفوريِّ معه، بعد اعتقالِه من منزله بالبيجامة، الله، لكشفِ القضية قبل أَن تحصل التفجيرات، لكي “لا أَحمل وزر الدم والضحايا التي ستسقط”. والبادي في هذه اللغة الشكسبيرية أنه تم استرخاص الرجل بامتهان ليقومَ بدور المأجور في جريمةٍ فظيعة، من نعم الله، سبحانه وتعالى، أَنه حمى لبنان منها ومن كوارث تداعياتِها لو تمت، لا سمح الله. والدرس البليغُ، هنا، موجهٌ لمحبي النظام السوري ومشايعيه، العميِ عن فظاعاته، فيعرفوا أَيَّ مبلغٍ من الخسّة وانعدم الأَخلاق يتحلى به هذا النظام في النظر إِلى من يرتضون أَنْ يكونوا أَبواقاً له، من دون أَيِّ احترامٍ، مثلا، لرجلٍاسمُه ميشال سماحة، طالما اعتبر رجل استراتيجيا في تحليلاتِه في شؤون لبنان والإقليم، وقد نُسب إِليه قولُه في التحقيق معه إِن “بشار بدو هيك”. وإِذ يتم، هنا، ترجيحُ أَن تثبت التهمة المريعة على الرجل، وقد أُعلنت رسمياً، بالشراكة مع علي مملوك وضابط سوري آخر، فذلك بناءً على غير سابقةٍ، منها اعترافات فايز كرم بتجسّسه لإسرائيل، ثم ثبوتُها، ثم الحكمُ المخفَّف عليه، ثم الإفراج عنه بعد قضائِه محكوميَّته.

هي دعوةٌ، هنا، إِلى أَصدقائنا ومعارفِنا من المولعين بنظام علي مملوك، سيّما ممن خلعوا على زميلِه القتيل، آصف شوكت، صفةَ الشهيد، إِلى أَنْ يُراجعوا ما هم عليه من بؤس، احتراماً لأَنفسهم، فإذا كان النظام المذكور لا يرى في شخصٍ بوزن ميشال سماحة وبخدماتِه الباهرة له غير مستخدمٍ لسياقةِ سيارة ينقل فيها متفجرات،ويصلح رجلَ عصابة، فما هي، يا ترى، نظرتُه إلى مداحين يُخلصون له في كتابةٍ في جريدةٍ هنا وأُخرى هناك؟. تصدر هذه الدعوة، هنا، عن شعورٍ بالتعاطف مع سماحة، ولو مختلطاً بالحنق عليه، ونظنُّه في محبسِه، الآن، يُراجع المآلَ الذي انتهى إليه، وهو مآلٌ يُغري بأَنْ يتأمل أَصحابُنا أُولئك فيه. … هل يفعلون؟.

التاريخ : 13-08-2012

http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5COpinionAndNotes%5C2012%