رزان زيتونة : السوريـون يخلقـون وطنـهم ومستقبلهـم.. وعسكرة الثورة مرفوضة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 19 septembre 2011

تعبتْ، وتقول أنّها « تشعر بعمق تعب كل السوريين الثائرين »، لكنّها لا تنسى « تعب ما قبل الثورة »، وتعتبر أن الحريّة التي غدت أقرب من أي وقت مضى كفيلة بأن تجعل « التعب وقوداً لاستمرارنا »
رزان زيتونة، الناشطة الحقوقية السوريّة، لا تخفي في لقاءها مع « شباب السفير »، غضبها من المعارضة التقليديّة، لكنّها في الوقت نفسه تتفّهم « ظروفها وما يمنعها من تقديم أداء يرتقي إلى مستوى تضحيات السوريين ». وترى أن مشكلة العمل المعارض اليوم لا يتعلّق بالآليات بل « في غياب شخصيات قيادية يمكن أن تأخذ زمام المبادرة في توحيد صفوف المعارضة، من أجل هيئة تمثيلية جامعة »
وتفسّر زيتونة غياب قياديين سوريين شباب، بالمقارنة مع الحالة المصريّة، بوجود « اختلافات جوهرية بين أحوال العمل المعارض في كل من البلدين »، لكنّها تؤكد على وجود « خامات رائعة وواعدة يصقلها يوميا الحراك المستمر منذ ستة أشهر »
وتصف زيتونة، التي تعتبر واحدة من بين أبرز الوجوه النسوية في الانتفاضة، مشاركة أبناء الأقليات الدينية في مجمل الأعمال الاحتجاجيّة بـ »المعقولة »، وتردّ عدم مشاركتهم الكبيرة إلى « الواقع النفسي والاجتماعي والسياسي للسوريين عموماً، والأقليات الدينية خصوصاً »، الواقع الذي أنتجه النظام في سوريا والذي كان أحد مرتكزات دوام حكمه
من جانب آخر، لا تنفي زيتونة تماماً قيام بعض المحتجين بأعمال عنف مسلّحة، لكنّها « حوادث محدودة في المكان والزمان، شهدت استخداماً لأسلحة فردية من جانب مواطنين مدنيين في حالتي الدفاع عن النفس أو الثأر لمقتل قريب ». وفي السياق نفسه، ترفض رفضاً تامّاً « عسكرة الثورة »، وترى بأنّه « لا جدوى في غير استمرار السلمية، ولا أرى في العسكرة إلا بداية طريق نحو نزاعات داخلية وإعطاء مبررات للنظام للضرب بوحشية أكبر »
وتضيف: « ما حققه السوريون عبر سلمية نضالاتهم ماثل للعيان في المدن والبلدات الأكثر حراكاً، وهذا مما لا يجوز التخلي عنه ». وترى أن « الطابع الوطني للانتفاضة واستمرار سلميّتها يشكّلان الضمان لعدم الانزلاق في مسارات الثأر »
وتعتبر زيتونة، التي ساهمت في التأسيس لما يُعرف اليوم بلجان التنسيق المحليّة، أن غياب الإجماع الدولي والإقليمي حيال الانتفاضة السوريّة متعلّق، بالإضافة إلى مصالح هذه الأطراف و »حساباتها »، بـ »التأخّر في تشكيل غطاء سياسي متوافق عليه من قبل الأطراف السورية المعارضة القائمة ». هذا الغطاء تعتبره عاملاً يسهم في عملية إسقاط النظام. وتصف زيتونة ما يقوم به السوريون الثائريون بأنّه « عملية خلق لوطن وبلد ومستقبل وإنسان، من ركام مطلق صنعه عنف النظام واستبداده خلال عقود. في الأحوال كافة، يلتحق السوريون اليوم بالتاريخ العالمي المفتوح ويعبرون حاجزا شكلته طبيعة النظام ودوره وبنيته أعاق تفاعلهم السليم مع العالم لعقود »

في اليوم الذي أعلن فيه عن استشهاد الناشط غياث مطر، والذي تمّ اقتلاع حنجرته من قبل رجال الأمن، كتبت على صفحة حسابك على الـ »فايسبوك »: « أتممت مهمتي على أكمل وجه… نقلت اسم غياث من قوائم المعتقلين إلى قوائم الشهداء.. لم يستغرق الأمر أكثر من ثوان معدودة… هيك بكبسة زر ».

 

كيف تتعايشين مع طبيعة عملك الذي يفرض عليك هذا النوع من الانفعالات، لاسيّما في اللحظة السوريّة الراهنة؟
شارك في السؤال

كل حدث من هذا النوع كأنه الأول، لا اعتياد على حوادث القتل أو التعذيب أو عمليات الخطف الهمجي التي تقوم بها أجهزة الإرهاب بحق الناس.. ولا اعتياد على دموع والدة ثكلى أو ابن لا يعرف مكان والده، ولا اعتياد مع فقدان الأصدقاء ولا مع مشاعر القلق عليهم. ولا طريقة للتعايش مع هذا الألم اليومي.. أنت تعيشه بكل انفعالاته.. لكن مع إدراك أنك يجب أن تستمر. هناك أشياء تتكسر في الروح بشكل يومي.. يبقيك حيا فقط أنك لا زلت مستمرا

 

يطالب الكثيرون اليوم بمحاكمة رموز من النظام السوري. كحقوقية، هل تعتقدين أن الأمر ممكن؟ هل من ملفات معدّة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان أو حتى جرائم ضد الإنسانية يمكن أن تساهم في رفع دعوات من هذا النوع؟
شارك في السؤال: تسـنيم ظاظا

أعتقد أن هذا سيكون « تحصيل حاصل » حال سقوط النظام. محاكمة من ارتكبوا كل هذه الجرائم وما يزالون، هي الطريق الأسلم لمنع أية عمليات ثأر أو انتقام خارج القانون، وهي التي من شأنها أن تمهد لعملية مصالحة. وبالتأكيد هناك ملفات معدة بهذا الخصوص وتقارير حقوقية دولية وصفت ما ارتكب من قبل النظام على أنه يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية. لكن للأسف فإن إحالة هذه الملفات إلى محكمة الجنايات الدولية هو رهن بقرار سياسي للمجتمع الدولي أكثر منه بطبيعة تلك الجرائم

 

كنت، مع غيرك، من المساهمين في تأسيس « لجان التنسيق المحلية »، كيف تنظرين اليوم إلى دور اللجان وعملها؟ وهل لك أن تكشفي عن الملابسات التي دعت اللجان إلى عدم الانضواء في ما بات يُعرف اليوم بـ »الهيئة العامّة للثورة السورية »؟
شارك في السؤال

اللجان كسواها من تجمعات التنسيقيات تقوم بدور على عدة مستويات، ميداني وسياسي وإعلامي. وأعتقد أنها تميزت على المستويات الثلاثة وحافظت على سوية أدائها بشكل مقبول في ظل الظروف المحيطة
اعترضت اللجان على مبدأ الاندماج الانصهاري ضمن الهيئة، وكانت ترى أن الأجدى عمليا وسياسيا صيغة ائتلاف تحافظ على الكيانات المتحالفة في المرحلة الأولى، وتمهد للاندماج حين تتعرف تلك الكيانات إلى بعضها وتوجد آلية لتوحيد هياكلها بشكل لا يؤدي إلى الفوضى في العمل. لكن الهيئة ارتأت صيغة الاندماج كصيغة وحيدة، وهذا ما منع اللجان من الدخول فيها

 

ما هي حقيقة الأخبار التي شاعت والتي تحدّثت عن وجود خلاف مع الناشطة سهير الأتاسي؟
شارك في السؤال: ahmad razan

الناشطة سهير الأتاسي أخت عزيزة ومعارضة شجاعة.. لكن البعض يحب إضفاء بعض « الإثارة » المسرحية عبر تصوير رزان وسهير كقطبين نسائيين متعارضين في المعارضة… لا أنا، ويقيني، أنه ولا سهير، نرى نفسينا في هذا الموقع

نعاني غياب شخصيات قيادية توحّد المعارضة والانتفاضة كشفت عن خامات شبابية واعدة

 

ما هي الآليات التي تعتقدين أنّ المعارضة بحاجة إليها لتوحيد جهودها وهيئاتها التمثيلية؟
شارك في السؤال: emil syria

ربما أكون مخطئة، لكن بتقديري ليست المشكلة في الآليات، وإنما في غياب شخصيات قيادية يمكن أن تأخذ زمام المبادرة في توحيد صفوف المعارضة من أجل هيئة تمثيلية جامعة

 

توّفر للثورة المصريّة قياديين من الثوّار الشباب، هل تعتقدين بوجود نظائر لهم في سوريا اليوم؟ هل أنتجت الانتفاضة السورية قادتها الشبان المؤهلين للمشاركة في المعارضة السياسية؟
شارك في السؤال: lama talb – abdul Rahman

توجد اختلافات جوهرية بين أحوال العمل المعارض في كل من مصر وسوريا. ويوجد اختلاف في تركيبة النظامين السياسيين الحاكمين هنا وهناك، رغم ما يظهر من تشابه بينهما، ورغم تصنيفهما في فئة الأنظمة المستبدة. لكن، في مصر، وقبل ثورة 25 يناير كان ثمة هامش لبناء خبرات في العمل السياسي ومنظمات مجتمع مدني ناشطة وصحافة حزبية وحرية وصولا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وكلها لم تتوفر للشباب السوري. سيطرة النظام على مفاصل المجتمع كافة وتفريغه المنهجي للمجتمع من أية ممكنات لتكوين حراك اجتماعي أو سياسي مستقل، وكذلك عنفه في سوريا، يقلص إمكانات تشكل قيادات مماثلة. والحملات المستمرة منذ بدء الانتفاضة ضد النشطاء الشباب، بدءا من الاعتقال وانتهاء بالتصفية الجسدية، تحول دون الظهور والتبلور العلنيين لمثل هذه القيادات في سوريا، لكن توجد خامات رائعة وواعدة يصقلها يوميا الحراك المستمر منذ ستة أشهر

 

منذ بدء الانتفاضة السورية، والشعب السوري صامد رغم كل القمع والجرائم البشعة التي ترتكب بحقّه، بينما نرى أن المعارضة غير قادرة على تحمّل مسؤوليتها التاريخية تجاه ما يحصل. برأيك، هل هناك خلافات حقيقية داخل المعارضة تمنعها من الاتفاق، هل هي غير مؤهلة لتحمل المسؤولية؟ وبصورة عامّة، ما رأيك في أداء المعارضة التقليدية في الداخل خلال الانتفاضة السورية؟
شارك في السؤال: سوريا حرة

أشعر بالغضب من أداء المعارضة التقليدية، لكن أتفهم في الوقت نفسه ظروفها وما يمنعها من تقديم أداء يرتقي إلى مستوى تضحيات السوريين. ما يُسمى بالمعارضة التقليدية في سوريا هي هياكل حزبية في الحد الأدنى من قدرتها على العمل السياسي، حافظت خلال العقود الثلاثة الأخيرة على وجود رمزي شجاع؛ لكن أداءها خلال الأشهر الأولى من الانتفاضة كان بائسا وباهتا، وبدأ مؤخرا فقط يستعيد شيئا من الحيوية المفترضة في مثل هذا الظرف الاستثنائي. يجب أن نكون واضحين ونعترف أن الأداء السياسي، سواء للمعارضة التقليدية أو لتنسيقيات الثورة كان رخواً وبطيئاً بالمجمل طوال الأشهر القليلة السابقة، بسبب القمع المديد مع كل ما نتج عنه من أمراض مرافقة. هذه الأمراض، وهذا الضعف في القدرة على التكيف مع سرعة الحراك في الشارع هو جزء من مآسينا في ظل النظام الذي منع عنا أبسط حقوقنا في المشاركة وإبداء الرأي.. وهو جزء مما نثور ضده أصلا

 

فيما يخص المعارضة الخارجية، هل تعتقدين بأنها تمتلك تمثيلاً جديّا في الشارع السوري المنتفض؟ وما هو تقييمك لنشاطها حتى اليوم؟
شارك في السؤال: تسـنيم ظاظا

ليس للمعارضة في الداخل أو الخارج تمثيل جدي في الشارع. والمعارضة في الخارج لا تملك يقيناً وجودا تنظيميا يصلها بالداخل. لكن ذلك لم يمنع المعارضة في الخارج من القيام بدور محفز ومشجِّع للحراك الشعبي في الداخل عندما بدأت في عقد مؤتمراتها ولجانها وتنسيقياتها في بلدان المهاجر، وفي تبني شعارات الانتفاضة وهي في هذا سبقت المعارضة الداخلية. جميعنا يدرك أن قدرة المعارضة في الخارج على التحرك بحرية وسهولة اتصالاها بالدول والمنظمات الإقليمية والدولية يقدم خدمة كبيرة للانتفاضة، لكن معارضة الخارج ورثت أمراض معارضة الداخل. بطء في الحركة وتراخي إرادة العمل الدؤوب والتنافس بين أجنحتها. وأعتقد أن الأيام الحالية ستشهد بروز فرز حاد بين أطراف معارضة في الداخل والخارج؛ لكنه فرز ضروري لإعادة تركيب المشهد السياسي والحراكي في سوريا

 

كيف تنظرين إلى ما يفعله الشعب السوري الثائر اليوم؟ هل يصنع المستحيل؟
شارك في السؤال: lama talb

البعض يرى أن السوريين يصنعون استقلالهم الثالث، وبعض يرى أن السوريين يريدون التخلص من نظام قروسطي لببنوا دولة حديثة، وبعض ثالث يقول إن السوريين يريدون إسقاط نظام عائلي مافيوي يحتكر السياسة والاقتصاد ليتمكنوا من المشاركة في صنع مستقبل بلدهم وتحقيق العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد. شخصياً، تجتمع عندي كل هذه التصورات، وأحب أن أختصرها في كلمتي الحرية والكرامة. يقوم السوريون بعملية خلق لوطن وبلد ومستقبل وإنسان، من ركام مطلق صنعه عنف النظام واستبداده خلال عقود. في الأحوال كافة، يلتحق السوريون اليوم بالتاريخ العالمي المفتوح ويعبرون حاجزا شكلته طبيعة النظام ودوره وبنيته، أعاق تفاعلهم السليم مع العالم لعقود

 

هل تشكّل قضية « الجولان المحتل » أولوية لدى الثوار السوريين، وخاصّة أننا لم نسمع كلمة منهم فيما يتعلق بهذه القضية؟
شارك في السؤال: omar said

أخشى أن خطاب النظام في احتكار قضايا الشأن الوطني الكبيرة هي ما يشكل أرضية هذه السؤال ويحركه. ليس صحيحاً أن المنتفضين السوريين لا يولون الجولان المحتل ما يستحقه كقضية وطنية كبرى غير خاضعة للمزايدة السياسية أو الحزبية. يمكن للمراقب أن يلمس حضور الجولان كقضية وطنية في هتافات المنتفضين اليومية. فإذا كان المقصود بـ »أولوية » هو التوقف عن الاحتجاج ضد النظام، لأن أرضنا محتلة منذ عقود وحدودنا مع العدو محمية من قبل هذا النظام، فإن أولوية الثوار في الوقت الحالي هي التحرر من النظام المستبد واستمرار الاحتجاج ضده حتى إسقاطه. وسيكون ذلك مقدمة التصدي لقضية الجولان واستعادته

 

ما هو حجم الاعتماد على السلاح في التظاهرات؟
شارك في السؤال: omar said

التظاهرات بدأت واستمرت سلمية كخيار إرادي واع للمتظاهرين، وحتى الآن لا يزال الطابع السلمي طاغيا على الاحتجاجات. لكن حوادث محدودة في المكان والزمان شهدت استخداماً، محدودا أيضاً، لأسلحة فردية من جانب مواطنين مدنيين في حالتي الدفاع عن النفس أو الثأر لمقتل قريب. كذلك اُستخدم السلاح من قبل جنود منشقين إما في الدفاع عن أنفسهم أو دفاعاً من المتظاهرين السلميين. لكن بعض المراقبين يرون أن استمرار سلمية الانتفاضة يمكن أن يشهد تبدلات مع ارتفاع وتيرة عنف النظام وغياب أية مبادرات سياسية جادة وطنية أو دولية تتمكن من إيقاف عنف النظام ضد السوريين

 

هل ترين أنه مع الاستهداف المنتظم للناشطين وبؤر الاحتجاج بلا رادع ما زال هناك جدوى من الحفاظ على سلمية الثورة؟
شارك في السؤال: ahmad razan

لا أرى جدوى في غير استمرار السلمية، ولا أرى في العسكرة إلا بداية طريق نحو نزاعات داخلية وإعطاء مبررات للنظام للضرب بوحشية اكبر. ما حققه السوريون عبر سلمية نضالاتهم ماثل للعيان في المدن والبلدات الأكثر حراكاً، وهذا مما لا يجوز التخلي عنه
سوريا لا تعيش أجواء حرب أهلية وحـالات الانتقام فرديـة ومحدودة جـدا

 

هل هناك حقّاً عمليات عنف طائفي موجهة ضد أبناء الطائفة العلويّة في مدينة حمص؟ وإلى أي مدى تعتقدين أن سوريا تعيش أجواء حرب أهلية شبيهة بتلك التي شهدها لبنان قبل عقود؟
شارك في السؤال: مازن علي

حصلت حالات انتقام فردية ومعدودة ومحدودة جدا، ولم تكن موجهة إلى أفراد بسبب انتمائهم إلى طائفة معينة، بل بسبب أدوار أمنية « تشبيحية » قاموا بها أولاً. ولنكن واقعيين، لا يمكن تجنب بعض الممارسات المماثلة بشكل مطلق في ثورة أصبح يضرب المثل بسلميتها طوال أشهر رغم كل العنف الأعمى الممارس من قبل النظام؛ سورية لا تعيش أجواء حرب أهلية، هذا كلام غريب. الحرب تشن من قبل النظام بكامل عتاده وأسلحته ضد شعب أعزل. وثورة تصر على سلميتها وتُظهر وعيا وطنيا غير مسبوق، لا يمكن أن تُجر إلى ما يخدم الدعاية المضادة للنظام وحلفائه حول الحرب الأهلية وما يشوه صورتها ويضر بالمصالح الوطنية العليا لعموم السوريين

 

مرّ على الثورة السورية 6 أشهر حتى الآن، هل تملكين تقديراً عن الوقت الذي سيلزمها لتنجح في إسقاط النظام؟ سنة سنتان؟
شارك في السؤال: ميثم قصير – Motaz Diya

لا أعتقد أنه سيكون زمنا قصيرا، ولا أملك معطيات ملموسة للتحدث عن جدول زمني لسقوط النظام. لكن أمارات سقوطه بدأت تظهر، في قلوب وعقول السوريين أولاً، وفي لجوء النظام الموتور إلى العنف الوحشي في مسعى منه إلى وقف الانتفاضة قبل أن تبدأ عوامل إضافية بفعل فعلها ثانياً

 

مازال النظام يتمتع بقاعدة اجتماعية لا يمكن الاستهانة بحجمها، تتمسك به وتدافع عنه، رغم كل العنف والجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوري، ما هو تفسيرك للأمر؟
شارك في السؤال: ميثم قصير

في ظل نظام استبدادي من النوع الذي ينتمي إليه النظام السوري القائم يصعب التيقن مما إذا كان هؤلاء « المدافعون » يدافعون بمسوغ أن هذا النظام يمثلهم ويحمي مصالحهم فعلا أم أن الخوف منه واتقاء شره هو ما يدفعهم إلى ذلك. السوريون يفتقدون إلى الحد الأدنى من الحرية والشعور بالأمان ليصرحوا بما تكنه ضمائرهم من قناعات. هذا عن عموم السوريين. لكن يبقى أن فئة من السوريين، أصحاب المصالح والامتيازات السلطوية المادية- أركان مؤسسة الفساد المخترقة لمؤسسات الدولة كافة وفي مستوياتها جميعاً – تشعر أنها مرتبطة وجوديا بالنظام. وتالياً، من الطبيعي أن تدافع عن النظام، ومع ذلك بدأنا نلمس بشكل ملحوظ مؤخرا انزياح العديد من هؤلاء عن مواقعهم الداعمة للنظام

 

يتحدث البعض عن غياب « ميدان تحرير » أو « بنغازي » في سوريا، وأن الاعتماد دائما على مظاهرات متنقلة قد يكون السبب وراء بقاء الثورة كل هذه المدة، فهل هذه الإستراتيجية المتبعة هي الأنجع لانتصار الثورة؟ ما هو الأسلوب أو الأساليب التي تعتقدين أنّها سوف تساهم في إنجاح الثورة؟
شارك في السؤال: ميثم قصير – anas ab

توزع المظاهرات من أقصى البلاد إلى أقصاها هو ما ضمن للثورة استمرارها. ميدان التحرير فكرة خيالية في ظل موازين القوى الحالية. سبق وأشرت إلى أن طبيعة النظام والخطاب الذي يعتاش عليه وإدراكه لدلالة « ميدان تحرير » في مدينة سورية ما أو أخرى كلها عوامل تساهم في استماتته دون نجاح السوريين في الوصول إلى مبدان التحرير

 

النظام السوري شرس وقوي، ويمكن أن يقوم بشن حرب إبادة ضد شعبه دون حسيب أو رقيب، فهل تعتقدين أو تأملين حقّاً بإمكانية سقوط هذا النظام؟
شارك في السؤال: عبد الله الحمصي

لا شك لدي بأنه سيسقط. وقلت إنه سقط من قلوب وعقول السوريين، فقد شرعيته، ولم يبق له سوى وجوده المادي. لكن بالتأكيد هناك خشية دائما من ارتفاع عدد ضحايا عنف النظام خاصة مع ضعف المواقف العربية والدولية من الجرائم التي يرتكبها

 

هل تعتقدين بوجود سبب أو شخص يمكن أن يستجيب له المحتجين في حال طلب منهم وقف الاحتجاجات؟
شارك في السؤال: emil syria

لا أعتقد بوجود سبب أو شخص من هذا النوع. الأسباب التي دفعت السوريين للانتفاض ما تزال قائمة. وليس لشخص أو حزب أو جهة « مونة » على حراك بهذا الاتساع والتجذر. الاحتجاجات والمظاهرات لن تتوقف قبل أن تحقق أهدافها

 

هل من تقدير لحجم مشاركة الأقليات الدينية في الاحتجاجات على الأرض؟
شارك في السؤال: emil syria

كأفراد هناك مشاركة معقولة. لكن الواقع النفسي والاجتماعي والسياسي للسوريين عموماً، و »الأقليات الدينية » خصوصاً يمكن أن يفسر ضعف مشاركتها الجمعية. فإحدى الركائز الرئيسة لقوة النظام تجاه المجتمع في سوريا هي نجاحه خلال العقود السابقة في خلخلة البنية المجتمعية وتخويف بعض السوريين من البعض الآخر؛ كما نجح في استثمار النزاعات الأهلية القائمة في أكثر من بلد عربي مجاور في خلق التشكك في عقول هؤلاء تجاه أي محاولة للتغيير

 

هل من عوامل قد تسهم، أكثر من غيرها، في تسريع عملية إسقاط النظام؟
شارك في السؤال: anas ab

العامل الأساسي في تسريع عملية إسقاط النظام هو استمرار الانتفاضة وتوسع قاعدتها الاجتماعية من خلال انضمام المترددين والمنتظرين للحظة المناسبة. إلا أن تشكل واجهة سياسية وطنية جامعة للانتفاضة، تجمع قديم المعارضة وجديدها، الداخلي منها والخارجي، يمكن أن يسهم أيضاً في تسريع هذه العملية. ويمكن أن تكون للضغوط الدولية والإقليمية والمقاطعة والعقوبات دورا في ذلك أيضاً

 

هل يمكن أن نرى، في يوم ما، حشودا من جميع أنحاء سوريا تزحف نحو العاصمة لتحتل ساحاتها؟
شارك في السؤال: anas ab

في إجابة سابقة ذكرت أن « ساحة تحرير » في سوريا أمر يستميت النظام دون حدوثه، لكن تنامي قوة الانتفاضة مع تزايد ضعف النظام يمكن أن يؤديا إلى زحف من هذا النوع. كلنا يذكر ما فعله النظام في ساحة الساعة في حمص وساحة العاصي في حماة وساحة العباسيين في دمشق لئلا يتمركز المتظاهرون في أي منها. النظام يعرف جيدا معنى تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين في ساحة أية مدينة في سورية

النظام يدفع منذ بداية الثورة باتجاهين عسكـرة الثـورة وإثــارة الفتــن الطائفيــة

 

يروج النظام منذ البداية لاحتمالات الفتنة الطائفية، هل ترين أن الواقع على الأرض يحمل بذوراً كهذه، الآن وفي المستقبل القريب؟
شارك في السؤال: سوريا حرة

النظام يدفع منذ بداية الثورة باتجاهين: عسكرة الثورة وإثارة الفتن الطائفية.. حتى الآن قاوم السوريون هذه المحاولات بكثير من الصبر والوعي. لكن مع استمرار التنكيل الذي يمارس خاصة مع تحقير المعتقدات الدينية للسوريين، بقصد إذلالهم من قبل الأمن والشبيحة، وخطاب بعض قوى الثورة المتأسلم على حساب خطاب المدنية والحداثة والتعددية. ربما تكون الاحتمالات أقرب للتحقق في وقت ما للأسف

 

ما هي الأسباب التي تحول دون توسّع الانتفاضة الشعبية إلى كامل المدن السورية؟
شارك في السؤال: abdul Rahman

باستثناء حلب المدينة، والمركز الاقتصادي لدمشق، لا توجد بقعة في سوريا لم تنخرط في الانتفاضة، مع وجود تباينات في حجم أعداد المتظاهرين ومدى استمرارية التظاهر: يومي أو أسبوعي

 

الآن ومستقبلاً، ما هي الكيفية التي سيتم من خلالها التعاطي مع المؤيدين، لاسيّما أن قسماً لا يستهان به منهم يتذرعون بالخوف من التهميش والإقصاء وربما الانتقام بعد السقوط المحتمل للنظام؟
شارك في السؤال: abdul Rahman

جميع الوثائق التي صدرت عن قوى الثورة أكدت على مبدأ العدالة القانونية والتسامح وليس الثأر والانتقام. من تلوثت أيديهم بدماء السوريين فالقضاء العادل هو الحكم. الطابع الوطني للانتفاضة واستمرار سلميتها سيكونان ضمانتين لعدم الانزلاق في مسارات الثأر وما يمكن أن يجر المجتمع والانتفاضة إليها

 

كيف تنظرين إلى مسألة إعادة تأهيل مؤسسات الدولة السورية وفي مقدمتها الجيش وأجهزة الأمن بعد سقوط النظام؟ ما مدى صعوبة ذلك؟
شارك في السؤال: تسـنيم ظاظا

الأمر يحتاج إلى إعادة هيكلة وبناء على أسس جديدة من غير هدم. وهو ما سيستغرق في تقديري الكثير من الوقت والجهد. لعل مشكلة « الجيش العقائدي » هنا هي أوضح الأمثلة على ذلك. مفهوم الجيش العقائدي هو مفهوم غامض غير مدرك، لكن ما يُفهم منه عمليا هو أن ولاء الجيش مكرس « للقائد العام للجيش والقوات المسلحة » لا إلى سورية الوطن. وتالياً، فإن ما سيجري في سوريا لاحقاً هو إعادة بناء مفهوم « الجيش الوطني » بمهامه المعروفة والمقرة في كل الدول. وهذا ما ينطبق إلى هذه الدرجة أو تلك على مؤسسات الدولة الأخرى كافة: تحويلها من مؤسسات سلطوية إلى مؤسسات وطنية دولتية

 

هل وثّقت من خلال نشاطك الميداني ما يخلّ بلاءات الانتفاضة الثلاث؟ وإذا كان الجواب بالإثبات ما نسبة هكذا إخلال؟ وهل تعتقدين أن تفاعل الرافضين – في الميادين كلها من الواقعية حتى الافتراضية- لهكذا إخلال كافيا لمنعه من التكرار أو الازدياد؟
شارك في السؤال: حسان العوض

كلا لم أوثق. حين نواجه إخلالا ما نحاول المساعدة في احتوائه وتجنب آثار أو امتداده… ولا يمكن مواجهة ذلك بإعلان الرفض في كل مرة.. أخشى أن أول اللاءات التي قد نشهد إخلالا بها في المستقبل هي لا للعسكرة.. استمرار القتل والتنكيل مع استمرار المواقف العربية والدولية المتساهلة واستمرار فشل المعارضة بالخروج بخارطة طريق وقيادة الثورة سياسيا.. من شأنه أن يفتح الباب أمام مثل هكذا إخلالات

 

ما هي المخارج المحتملة للوضع في سوريا؟ هل من سبيل لإسقاط النظام دون تدخل دولي على الطريقة الليبية أو العراقية؟ ألاّ تعتقدين أن معظم عقوبات الغرب هي ضد سوريا وليست ضد النظام؟
شارك في السؤال: omar said – ريم نجار

عندما انتفض السوريون لم ينتظروا دعما، ولا حتى تفهما، من جانب القوى الدولية. انتفض السوريون بإرادتهم ومن أجل أنفسهم، انتفضوا لأسبابهم الخاصة. لكن سلوك النظام ومنهج القمع الوحشي ومآلات انتفاضتي ليبيا واليمن يدفعان البعض إلى التفكير بجدية في طلب تدخل دولي. أما العقوبات فمعظمها موجه إلى أفراد. لكن يمكن أن يكون للحظر على استيراد النفط السوري آثار سلبية على السوريين عموماً، وإن كنت لا أملك ما يكفي من معطيات ومعارف لأحدد مدى وحجم هذه الآثار

قمع السوريين طيلة عقود لم يحرر فلسطين والمبادرة العربية تمنح النظام مزيدا من الوقت

 

ماردّك على من يدعم النظام السوري بحجة الممانعة ومقايضة حرية السوريين بالقضية الفلسطينية؟
شارك في السؤال: ميثم قصير

هي كما ذكرت مجرد « حجة ».. قمع السوريين طيلة عقود لم يحرر فلسطين أو حتى الجولان المحتل. داعمو النظام ممن يسمون بالممانعين يتاجرون بدماء السوريين والقضية الفلسطينية على السواء. وخطاب الممانعة بمجمله هو التبرير لمصالح أطراف متنوعة تتقنع به، وأعتقد أنه على وشك استنفاد طاقته ومعناه

 

في حال حدوث حظر جوي هل يمكن أن تقدم إيران وحزب الله دعما عسكريا للنظام السوري؟
شارك في السؤال: anas ab

لست في موقع يمكنني من الإجابة على هذا النوع من الأسئلة. لكني آمل أن تدرك القوى الإقليمية والدولية ذات الصلة بالشأن السوري إن من حق الشعب السوري، وخاصة بعد كل هذه التضحيات، تقرير شكل وطبيعة نظامه السياسي القادم

 

على عكس الدول العربية الأخرى التي صنعت حتى اليوم « الربيع العربي »، لم يكن الدعم الدولي للاحتجاجات في سوريا على مستوى ما بحدث فيها، فهو، أي الدعم، غالباً ما يأتي متأخراً وضعيفاً، ما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك؟
شارك في السؤال: lama talb

لا يبدو أن إجماعاً دولياً أو إقليميا قد تشكل حيال الانتفاضة السورية حتى الآن. ولا أعتقد أن حسابات الدول هي العامل الحاسم في ذلك، ثمة- في رأيي – تأخر في تشكيل غطاء سياسي متوافق عليه من قبل الأطراف السورية المعارضة القائمة يساهم في تأخر تشكيل إجماع دولي. وهذا لا ينفي أن لدول الإقليم والقوى الدولية حسابات تختلف عن تلك التي أجرتها في شأن الثورات العربية الأخرى

 

ما هو تقييمك للمبادرة العربية؟ هل تجدين فيها إمكانية لحل الأزمة التي ترتبت على الخيار الذي أتبعه النظام في مواجهة الاحتجاجات؟ هل تعتبرين أنّها بحاجة لضمانات عربيّة ودوليّة؟
شارك في السؤال: Motaz Diya

أعتقد أن المبادة تأخرت وقصرت عن مطالب المتظاهرين السوريين. قد تفيد المبادرة النظام في كسب الوقت عبر التمنع عن التعاطي معها حينا وطلب إجراء تعديلات عليها حيناً آخر، رغم رفضه المعلن لها

 

رزان زيتونة، بعد ستة أشهر من الانتفاضة، هل تعبت؟ هل من تشاؤم؟
شارك في السؤال: lama talb – فولانيتو علانيتو

نعم تعبت.. وأحس بعمق بتعب كل السوريين الثائرين وآلامهم.. لكنني أتذكر أننا كنا على هذا « التعب » قبل الثورة، لسنوات طويلة وبشكل يومي، وحين كنا

نفتقد لأمل حقيقي بالخلاص.. اليوم الحرية أقرب من أي وقت مضى.. ومرآها من بعيد يحيل التعب وقودا لاستمرارنا

إعداد: محمد دحنون
شباب السفير – 18/09/2011
http://shabab.assafir.com/Interview/?InterviewID=80