رفع الغطاء عن النظام.. وماذا بعد؟ – بسمة قضماني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 15 août 2011

تعيش سوريا كارثة إنسانية حسب معايير المؤسسات الدولية فقد سقط ما لا يقل عن 500 قتيل فى الأسبوع الأخير بينما تبقى كل منظمات الإغاثة العالمية ممنوعة من الدخول والأمن يستهدف الأطباء والممرضين الذين يسعفون الجرحى وأصبح إدخال حتى أقراص الأسبرين من الخارج يتم بالتهريب ويعاقب عليه من يُدخلهما مثلما لو كان يتاجر بالمخدرات

بعد صمت مؤلم طال كثيرا، انطلقت حركة دبلوماسية شاملة لرفع الغطاء عن نظام الأسد. خلال ثلاثة ايام كانت روسيا وتركيا والبلدان العربية بدءا بقطر ثم الكويت ثم السعودية ثم مجلس التعاون الخليجى ككل ومعها الأمين العام للجامعة العربية يطالبون بوقف فورى للعنف. الاستنكار العربى فتح الباب أمام الولايات المتحدة وستتبعها الدول الأوروبية لاتخاذ عقوبات جديدة تمس حلقة أوسع من الأفراد الذين يدعمون النظام وعلى شركات سورية تابعة لهم وسوف تمتد إلى قطاعات حيوية كالنفط فى الايام القليلة القادمة

فحوى الرسالة الموجهة إلى الأسد هى أنه إذا كان المجتمع الدولى قد استبعد التدخل العسكرى فى سوريا فلن ينجو النظام من مواجهة ضغوط دولية بكل الوسائل الأخرى المتاحة وعزلة أصبحت خانقة مع انضمام الدول العربية إلى الموقف المدين لنظام الأسد

طبعا الشكوك والتخوفات من مطامع القوى العظمى أو الإقليمية كلها مشروعة فلا شك أن كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والسعودية تبحث عن مكاسب من خلال موقفها فى أزمة سوريا. رغم الحساسية القصوى لدى الشعب تجاه هذه المطامع الخارجية فهو يواجه خيارين إما أن يموت تحت القمع او ان يتسلح ويدخل فى حرب أهلية مفتوحة

الموقف الدولى الذى يتبلور الآن من خلال التصريحات العامة والزيارات الخاصة المكثفة التى يجريها مبعوثون من جنسيات مختلفة هو أن الأسد غير قادر على قيادة حركة التغيير وأن نهاية هذه التركيبة الأمنية المروعة للنظام تتطلب رحيله. السؤال تحول إذن فى الأيام القليلة الماضية من «هل يجب التخلّى عن الأسد؟» إلى «كيف يتم إخراج الأسد من الحكم بالوسائل السلمية؟»

السؤال فى منتهى الصعوبة ولا إجابة عليه بعد فالجميع يطرحونه بينما يبحثون عن طرق تجنّب الأسرة الدولية والشعب السورى تكرار أى من التجربتين الليبية واليمنية اللتين فشل المسار الدبلوماسى فيهما فى إقناع القذافى أو صالح بالتنحى بإرادته. ما هى الحوافز التى يمكن تقديمها وكيف يتم التعامل مع باقى أعضاء العائلة والنظام والمتورطين فى الجرائم، وما هو مضمون المقترح الذى يمكن ان يضمن الانتقال السلمى للحكم؟ هذه الأسئلة مطروحة الآن وليس غدا على المعارضة السورية قبل أى جهة أخرى فهى مطالبة بتوحيد صفوفها لرسم مقترح ذكى لانتقال السلطة، مراعية مطالب الشعب الذى مازال يضحى وواضعة فى ميزان الاعتبارات مزايا الخلاص السلمى والسريع الذى يشكل الأولوية من أجل إنقاذ سوريا كوطن لكل شعبه

الشروق – 14 اغسطس 2011

http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=523124