رهانات بشار الأسد وحظوظه في البقاء؟ – *لينا موللا

Article  •  Publié sur Souria Houria le 11 août 2011

ماذا لو كنت مكان بشار الأسد اليوم وأنت مثقل بكل هذه الإرهاصات والتحولات الدولية ؟
لنستعرض قليلاً !

الشعب الذي هتف لك دوماً لك عند الطلب وقام ينشر صورك في كل مكان ومجد أسمك في كل الدوريات ، بات يقاتل ويستبسل من أجل إسقاطك .
لا حدود لتضحياته وعزيمته ..
فاتورة الدم ما عادت تطاق .. الجميع بات يشعرك بأنك قاتل ومهدد بالسقوط والأنكى بأن يبشرك الحلفاء أن مصيرك بات حزيناً .
أنت عاقد العزم للدفاع عن العرش الذي ورثته من أبيك، غطرستك شكلت قناعاً أخفت عنك أغلب الحقائق البديهية، فمضيت في تهديدك ووعيدك ومن ثم قتلك وإجرامك، ونسيت أمراً هاماً أن أي زعيم مهما عظم بطشه لن يستطيع الوقوف في وجه شعب ثائر.
أغمضت العين عما حصل ويحصل في الدول المجاورة .. حين انتصرت الثورات وانهارت العروش بشكل دراماتيكي ومفاجئ، وخرج الشعب من القمقم ليعتلي المنصة، ولم يعد يطيق له شريكاً أو وصياً .
تناسيت أن زمن الأنظمة الشمولية قد انتهى وباتت تتهاوى لأنها رضيت لنفسها موضعاً خارج إطار التاريخ .
ماذا تفعل ؟
عندما يأتيك أقرب المقربين من أصدقاء الأمس، لينصحك في أن كل ما تفعله لن يطيل في عمرك إلا للحظات ؟
وأن النهاية التي تتهرب منها قادمة لا محالة .
وإن مستقبلك الحياتي والوظيفي بات في مهب الريح، وأنت لم تعتد في يوم من الأيام إلا كلمات التبجيل والثناء، سواء أخطأت أم أصبت فالمطلوب هو الطاعة والتمجيد .
أغلب أصدقائك انفكوا عنك وهم يرددون كلمات التحذير التي تصل لحد الوعيد من مصير بائس، وأنت قانع من أنك أذكى الأذكياء وأنك صاحب نظريات ورهانات ..
لم تفشل يوماً بديليل أنك قمت بكل ما هو مطلوب منك عالمياً، حتى لم تبق بديلاً ينافسك على أي منصب، وروعت البشر والمواطنين فبت أكثر بأساً من عزرائيل، ونسيت أن البدائل العالمية موجودة باستمرار وأن الخطة جاهزة، تنتظر لحظة التنفيذ والعالم ينتظر قرع الجرص .
جندك البواسل يقومون بقتل أهلهم وذويهم دفاعاً عن وجودك على العرش، ولهؤلاء الفدائيين الأقحاح مطالب عالية أن يشاركوك الملك والجاه، وأن تقتل وزير دفاعك أو وزير داخليتك لتبعدهم عن الطريق بعد أن نافسوك يعني أنك قادم على قتل أقرب شركاء الأمس، وأن الدائرة تضيق وستضيق حتى تصل إلى ظلك فتعدمه .
تراهن على بعض المنتفعين الذين شاركتهم لا حباً بشخوصهم إنماً طمعاً يتطوير الثروة .
هؤلاء يولون لك الإخلاص جهارة ويبحثون في عتمة الليل عن زواريب يسلكونها كمنفذ يحفظ لهم حياتهم وما يملكون، لكن للأسف أنت في كل يوم تصعب عليهم المهمة حتى تملكهم اليأس!
فهل تنتظر منهم أن يشكلوا لك دروعاً بشرية أم أن ينفكوا عنك هاربين كالفئران ؟
إذا كان الشعب الذي تدعي تدجينه وإرضاخه لحكم عصابتك قد أعلن الرهان بإسقاطك ومحاكمتك، وهو منتشر في كل مكان حانق يحمل ملايين المظالم، وأنت أعلم الناس أن سحب المدرعات من المدن والسماح بالتظاهر السلمي سينزلهم إلى الشوراع والساحات بالملايين ولن يغادروا قبل وقوفك خلف القضبان .
لعلك تعرف أيضاً .. أن كل شيء أمرت به ونفذته قواتك مصور من الأقمار الصناعية وأن هواة عاديين قد نجحوا في استعمال بعض المواقع على الشبكة لتوثيق كل هذه الجرائم، فما بالك بدول جبارة، وعشرات الآلاف من الوثائق المتراكمة في أروقة المحاكم.
هل تعلم أن كل المنفذين معروفين بالاسم وهؤلاء لن يغبوا عن ذكر إسمك واسم معاونيك عندما يقفوا في الزنزانات، وستشعر بالخيانة والمذلة للحظات ثقيلة .
هل غابت عنك صور آخر فراعنة مصر وهو يقف وراء القضبان مع أولاده ووزير داخليته ..
سأذكرك لأن في ذاكرتك عطب ما !!
كل المواطنين المصريين يريدون اليوم معرفة من هو مصدر قرار قتل المتظاهرين، والمواطنين السوريين بعرفون تماماً من يعطي أمر قتل المتظاهرين فأنت بذكائك الفطري لم تتنصل، وادعيت أن هؤلاء يريدون إقامة إمارات سلفية وأنهم قطاع طرق وأرباب سوابق وعصابات مسلحة هبطت من المريخ ولا ندري ما هي التسميات القادمة الذي ستسعفنا به عبقريتك فيما لو قدر لك بأن بعيش أسابيع أخرى .
تنتظر بأن يتلفظ بعض القادة العالميين دعوة لك بالتنحي عن الحكم، وآخرين بأن تفلت بريشك وتهرب إلى دولة تستقبلك بأموالك التي كسبتها بكدك وعرق جبينك، لكن إذا قدر وأن استقبلتك دولة ما، فما هو مصير القادة اللذين قاموا بالقتل بأيديهم وعرضوا مستقبلهم المهني والإنساني لخطر محيق ..
هل ستتركهم وهم اللذين حموك ونفذوا جرائمك ؟
ربما لن تتسع طائرتك لبعض المقربين منهم، وربما تخرج على عجل وتفوتهم طائرتك، وربما تصل إلى الطائرة فتجدها بلا ربان، وأنت للأسف لم تتعلم قيادة الطائرة، إذ فضلت عليها ركوب الدراجة وتدوير طواحين الهواء .
لن أطيل معك وأحيطك بكل هذه الكوابيس ؟
وأكتفي بالقول
لا شك أنك تخيلت ذاتك مكان بشار الأسد
ومصرة أنك غير راض على كل ما ارتكبه من آثام، وأسألك ماذا لتفعل كي تعود طفلاً صغيراً غير مثقل بأي منها، متمنياً أن تكون قد ولدت لدى عائلة سورية عادية لا تتمتع بأي امتياز .
ربما كنت عمرت أكثر ..
ربما كنت مرتاح الضمير أكثر .
لكن بالتأكيد كنا أنا وأنت ممتنون أكثر
ألسنا أنا وأنت وجميع الباقون .
جزءاً من الشعب السوري الأبي
ألسنا نحمل الطموح والإرادة والعزيمة .. وأكثر ؟
قادمون

صوت من أصوات الثورة السورية

ملاحظة: المقال يعبر فقط عن وجهة نظر كاتبه