روسيا وإيران وإسرائيل: أكثر من تنسيق – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 4 octobre 2015
منار الرشواني

منار الرشواني

كما عبر كثيرون مع بدء القصف الجوي الروسي في سورية، فإن المفاجأة هي أن يتفاجأ أحد باستهداف هذا القصف فصائل المعارضة السورية التي لا ترتبط أبداً بتنظيم « داعش »، رغم أن التصدي للتنظيم هو المبرر المعلن للتدخل الروسي. مع ذلك، تظل ثمة مفاجأة حقيقية في العمليات العسكرية الروسية، تتمثل في استهلالها بقصف فصائل المعارضة السورية، فيما كان المنطق يدفع إلى افتراض البدء باستهداف « داعش » ثم استخدام ذلك غطاء لاستهداف تلك الفصائل، حماية للأسد التي يعرف الجميع أنها الهدف الأول والأخير للتدخل الروسي
لكن المفاجأة الروسية الفعلية تكشف بشكل واضح عن أهداف بوتين الحقيقية من التدخل في سورية، والتي ليس من بينها التصدي لداعش أبداً. ويحكم هذه الأهداف -كما يبدو حتى الآن- عدم الرغبة في التورط عسكرياً بشكل أكبر
فكون أول أهداف الغارات الروسية هو فصائل المعارضة السورية وليس « داعش »، كما أقر الروس لاحقاً، يمكن تفسيره بمحاولة روسيا الانتقال إلى مرحلة جديدة من الضغط على داعمي هذه الفصائل الدوليين والإقليميين، للتفاوض وفق الشروط الروسية على تسوية سياسية للأزمة السورية، تضمن بقاء بشار الأسد في السلطة
كذلك، فإن مناطق تركز القصف الروسي في سورية -متضافرة عما ذُكر أول من أمس عن عملية برية إيرانية بتنسيق مع روسيا في المناطق ذاتها- يشير إلى أن الهدف النهائي للتدخل الروسي (وإيران)، في حال فشل الهدف الأول، هو إنشاء دويلة الساحل التي يمكن للروس الدفاع عنها بأقل تورط بشري ممكن
والحقيقة أن هذين الهدفين يعنيان بشديد يقين عدم رغبة روسيا في محاربة « داعش » على الإطلاق في سورية، إلا بشكل رمزي، كما بدا ذلك جلياً خلال الأيام القليلة الماضية. فالتنظيم ضروري الآن، تماماً كما هي الحال منذ ظهوره في سورية، لمنح « الشرعية » لبشار الأسد. فحتى أنصار هذا الأخير -سواء بذريعة « المقاومة والممانعة »، أو أنه هو « الدولة السورية » بعد انكشاف زيف الذريعة الأولى- لا يجدون مصدر شرعية لإرهابه إلا إرهاب « داعش » الذي يقال إنه أسوأ وأبشع! أما في حالة إنشاء دويلة الساحل، أو الدويلة العلوية، فسيكون بقاء « داعش » على الدرجة نفسها من الأهمية والإلحاح بالنسبة لروسيا (وإيران)، لكي يتولى إشغال فصائل المعارضة المسلحة عن حدود الدويلة الجديدة، وهو الموجود على الجهة الأخرى من سورية
بالنسبة لإسرائيل، تبدو هذه النتيجة أكثر مما تحلم به في سورية. فيوم السبت الماضي، كتب آلون بن ديفيد في صحيفة « جيروزاليم بوست »: « إن أحداً لن يقول هذا علناً، لكن استمرار القتال في سورية، طالما بقي هناك سلطة معترف بها في دمشق، يبقي إسرائيل خارج المستنقع (السوري) »
أما إنشاء دويلة طائفية، تحت أي مسمى، فهو يعني منح الشرعية لإسرائيل باعتبارها « دولة يهودية »، لن تكون بعد ذلك حالة استثنائية في العالم، بل نموذج « ريادي! » لما يجب أن تكون عليه الحال في الشرق الأوسط! لاسيما أيضا مع مضي مشاريع التقسيم الطائفي والعرقي، فعلياً حتى الآن، في العراق منذ تسلم الإيرانيين مهام احتلال هذا البلد من الأميركيين
لكن إذا كان محور « المقاومة والممانعة » قد صارت مهمته إنشاء دول الطوائف الدينية، فلن يكون مستغرباً ولا مستبعداً أن يضم إسرائيل إليه، لاسيما وأنها استكملت كل متطلباته فعلاً، بالاحتلال والتهجير والتهويد، كما نرى في سورية بعد العراق

http://www.alghad.com/articles/895887-