سلامة كيلة: الذين اتهموني بالتخلي عن فلسطين.. شوفينيون

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 décembre 2013

المفكر سلام كيلة يصرح لـ ‘العرب الثقافي’ بأن اليسار يقف مع أنظمة استبدادية مافيوية ضد الشعوب، بالتالي هذه الأحزاب اليسارية تفسخت وتفتت ولن تستطيع أن تلعب دوراً في المستقبل.

العرب [نشر في 2013\11\24]

العرب الثقافي: أنت مفكر يساري، واليسار في أزمة كبرى، بل يقال إن اليسار العالمي انتهى خصوصاً في موقفه من الثورات العربية الذي يدل على عدم فهم لطبيعة الصراع مع النظم الاستبدادية في الشرق.

سلامة كيلة: اليسار العالمي انتهى منذ زمن طويل منذ أن بدأ ينطلق من المنظومة التي تشكلت خلال الحرب الباردة ضمن منطق عام أن من هو ضد أميركا (الامبريالية) فهو صديق وحليف ومن هو مع أميركا فهو عدو، هذه الفكرة ظلت تحكم هذا اليسار وبات يناقش الثورات العربية انطلاقاً من هذه النظرة لهذا أيد ثورة تونس ومصر لأن النظم ملحقة بأميركا وحينما بدأت الثورات في ليبيا وإلى حد ما في اليمن بدأ يتشكك، أما حين نهضت الثورة في سوريا فقد بدأ يأخذ موقفا مخلوطا حتى من الثورات في مصر وتونس في بعض الأحيان، أو أصبح يعتبر أن ثورات مصر وتونس ثورات فعلاً أما في سوريا وليبيا واليمن فهي مؤامرات امبريالية.

هذا المنظور جعل اليسار يقف مع أنظمة استبدادية مافيوية ضد الشعوب، بالتالي هذه الأحزاب اليسارية تفسخت وتفتت ولن تستطيع أن تلعب دوراً في المستقبل، وأنا أطرح يساراً مختلفاً يساراً معنياً بالناس لهذا لم أتردد في الوقوف مع الثورات منذ اللحظة الأولى بل أكثر من ذلك أنا كنت أتوقع بأننا مقبلون على ثورات وهذا ما كتبته قبل أربع سنوات، وكان تصوري مبنيا على كيف نؤسس قوى جديدة قادرة على أن تتفاعل مع الثورات في المنطقة. اليسار الآن في حاجة إلى إعادة بناء بعد أن تفسخ وتفتت وأصبح هامشياً إلى حد كبير بل وأصبح مشوشاً ويعيش في منظورات ماضوية. والآن نحن معنيون بيسار يعبر عن الطبقات الشعبية من عمال ومفقرين ويدافع عن مصالحها ويؤسس نظاما بديلا يحقق هذه المصالح لهؤلاء المفقرين، هذا يفترض إعادة بناء التصور النظري ورفض كثير من الأفكار التي طرحت في الماضي وإعادة بناء الرؤية العملية، أي كيف يمكن لهذا اليسار أن يكون جزءاً من الناس المفقرين وكيف يلعب دوره الطبيعي في تطوير آليات الصراع التي يقودها هؤلاء وتطوير الخطاب الفكري السياسي الذي يُقدم ويطور وعي الناس لكي يقودوا صراعاً أفضل وأعمق.

العرب الثقافي: أنت متهم بأنك منشغل بالثورة السورية أكثر من انشغالك بالقضية الفلسطينية. كيف تفسر هذا الأمر.

سلامة كيلة: هناك اتهام في هذا الموضوع لماذا أنا منشغل بالثورة السورية وليس بالقضية الفلسطينية من قبل بعض السوريين الشوفينيين، أما الفلسطينيون فيتهمونني بأنني تخليت عن القضية الفلسطينية أو نسيتها، ولكني أعتقد أني بالأساس أخوض صراعاً عربياً لأنني أعتبر ذاتي مواطنا عربيا، لهذا اعتبرت أنني معني بنهوض الثورات في المنطقة العربية. بالنسبة إلى فلسطين تابعت وكتبت وأعرف أن واقع الثورة الفلسطينية انتهى، وبالتالي أنا أنطلق أصلاً من أن الصراع مع الدولة الصهيونية هو صراع عربي وليس صراعا فلسطينيا، والمسألة لا تتعلق بأن الامبريالية أرسلت عددا من اليهود لكي يستوطنوا فلسطين الأهم لماذا اأرسل هؤلاء؟ هذا ما لم يجيب عليه الكثير من اليساريين والقوميين، هؤلاء المستوطنون اليهود هم قاعدة عسكرية وعنصر الصد لمنع تقدم كل المنطقة العربية، وبالتالي المغربي معني بفلسطين كما المصري والسوري والعراقي وغيرهم وهذا واضح لدى الشعوب لكنه تائه لدى المعارضات والأحزاب السياسية، بالتالي نهوض المنطقة العربية من خلال الثورات سيقلب المعادلة في كل الأحوال بمعنى أن النظم الجديدة التي ستصل إلى السلطة وتفكر بحل حقيقي لمشكلات الشعوب ستكون نظما معادية للامبريالية لأنها يجب أن تبني الصناعة وتطور الزراعة وتبني مجتمعل حقيقيا، وكل ذلك يتناقض مع السياسة الامبريالية حتى لو لم تُرد هذه النظم الصدام. الامبريالية إذن ستتصادم مع هذه النظم وبالتالي ستكون عبر صدام طبيعي مع الكيان الصهيوني، لهذا سيكون واضحا أن الثورات العربية ستؤدي إلى تغيير جذري عميق يخل بمعادلة الصراع العربي الفلسطيني لمصلحة العرب والفلسطينيين. وهذا الأمر هو الذي جعلنا نطرح في سوريا شعار من « أجل تحرير فلسطين يجب إسقاط النظام ». ومن هنا أنا لم أتخل عن القضية الفلسطينية ولكنني عدت للأسس الطبيعية لفهم الصراع العربي الصهيوني وبدأت من النقطة الطبيعية التي بدأت أصلا مع هزيمة عام 48 حينما اكتشف العرب أن مواجهة إسرائيل تفترض تغيير النظم وهذا ما طرحه كل من جمال عبدالناصر وحزب البعث، وصحيح أنهم لم يستطيعوا فعل شيء جدّي ولكن الفكرة كانت واضحة بأننا لا نستطيع مواجهة الدولة الصهيونية والامبريالية العالمية دون تغيير الواقع العربي نفسه. إذن فنحن الآن في المسار الطبيعي من أجل القضية الفلسطينية لأنّ من كانوا ممسكين بها دمّروا وضعها، والآن ينهض واقع عربي سيعيد طرح القضية الفلسطينية بشكل جدّي ومن هنا أنا في قلب الصراع ولست خارجه.