سوريا: الإمام يرسل مبعوثاً – أمير طاهري

Article  •  Publié sur Souria Houria le 22 janvier 2012

بعد شهور من الترقب، وربما النزاع الداخلي، يبدو أن إيران قررت لعب دور مباشر في صياغة نتائج النزاع حول مستقبل سوريا. وهناك الكثير من المؤشرات التي تشير إلى تغير في السياسة.

على مدى ما يقرب من عام، حاول الإعلام الإيراني المملوك للدولة أن يبدو محايدا تجاه القضية السورية. فكانت الأنباء بشأن الثورة السورية إما محدودة أو تقدم بصورة شبه متوازنة تعكس وجهات نظر كل من النظام البعثي والمعارضة.

بيد أن الإعلام الخميني تبنى خلال الأسابيع القليلة الماضية موقفا عدائيا صريحا تجاه المعارضة السورية. فتبنت وسائل الإعلام رواية تؤيد مزاعم النظام السوري بأن الثورة «مؤامرة أجنبية» وأن العنف الذي تزعم أنه حصد ما يزيد على 5 آلاف شخص هو من صنيع مجموعات إرهابية. بيد أن وسائل الإعلام في طهران لم تتحرك لتغطية الأحداث السورية بصورة مباشرة. فلم توفد أي من وسائل الإعلام الإيرانية مراسلا واحدا إلى سوريا. وعلى الرغم من وجود مكاتب دائمة لاثنتين من وكالات الأنباء التابعة للدولة في دمشق، لكنهما لم يحاولا أيضا تغطية الثورة في جميع أنحاء سوريا. والسبب هو أنه حتى أكثر الصحافيين طمعا لم يتمكن من وضع اسمه على أكاذيب النظام الفجة.

كان من بين الإشارات الأخرى على رغبة إيران في رفع تمثيلها في دمشق تلك الزيادة في شحنات الأسلحة إلى سوريا. وزيادة في عدد رحلات شركة «آسمان للشحن الجوي» إلى دمشق بنسبة 50 في المائة. وعلى الرغم من أن جزءا من الجسر الجوي ربما يكون قد استخدم في الأغراض غير العسكرية، لكن يحتمل أن تكون الزيادة الكبيرة مرتبطة بتهريب السلاح لإنقاذ النظام السوري.

هناك أيضا زيادة في عمليات النقل البري إلى سوريا، فعلى الرغم من تراجع تدفق الحجيج من إيران إلى سوريا، فإن عدد الشاحنات التي تحمل الشحنات في ارتفاع، بما في ذلك السلاح، التي ارتفعت بشكل كبير. وقد صادرت السلطات التركية يوم الأحد الماضي أربع شاحنات إيرانية على خلفية الشكوك بتهريب الأسلحة إلى سوريا. وعلى الرغم من نفي طهران، أصرت تركيا على أن هذه هي المرة الثانية خلال ستة أشهر التي توقف فيها شاحنات إيرانية تنقل أسلحة إلى سوريا. بيد أن من بين المؤشرات الأبرز على التدخل الإيراني الكبير في سوريا كان زيارة الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، الوحدة المكلفة رسميا بمهمة تصدير الثورة. وبحسب مصادر في طهران فقد عقد سليماني في دمشق اجتماعا لمدة أربع ساعات مع الرئيس بشار الأسد لمناقشة «تنسيق الاستراتيجية لحماية سوريا من المؤامرات الخارجية».

ونقل سليماني تقريره بشكل مباشر إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، وهو ما يعتبر مؤشرا على أن المرشد الأعلى يمسك بخيوط السياسة تجاه سوريا متجاوزا الرئيس محمود أحمدي نجاد ووزير خارجيته علي أكبر صالحي.

وقد عبر أحمدي نجاد وصالحي في أكثر من مناسبة عن تحفظاتهما بشأن دعم النظام السوري. ويبدو حاليا أن خامنئي نحى جانبا كل هذه التحفظات. وقد أخبرتني بعض المصادر في طهران أن المرشد قرر منع سقوط سوريا في «معسكر الأعداء لتقع في معسكر الجمهورية الإسلامية».

لكن.. هل إيران قادرة على إنقاذ سوريا؟

بطبيعة الحال، يمكن لإيران أن تخفف من تأثير العقوبات على سوريا عبر تزويدها بالمال والسلاح. وتستطيع أيضا أن تلعب دورا في تعزيز سياسة النظام السوري بمحاولة سحق الثورة من خلال عمليات القتل والاختطاف.

كان للجنرال سليماني وجود بالفعل في سوريا مع بعثة عسكرية قوامها 600 رجل. فقد كان قادرا على جلب وحدات من حزب الله، الفرع اللبناني، لمساعدة القوات السورية الموالية للنظام. فقد قام فيلق القدس بتدريب المئات من مقاتلي حزب الله لعمليات خارج لبنان. وقد اختبر سليماني بعض هؤلاء المقاتلين في عمليات في العراق. ويستطيع سليماني أيضا الاعتماد على عناصر من جيش المهدي العراقي، والذي على الرغم من حله رسميا فإنه استعاد سلاحه ولا يزال يحتفظ بوجود غير رسمي تحت قيادة رجال سليماني.

الدعم القوي من إيران يمكن أن يرفع في الوقت ذاته من معنويات النخبة الحاكمة في سوريا الذين بدأوا يفقدون رباطة جأشهم خلال الأسابيع الأخيرة.

بعض الفارين المحتملين من القوات الأمنية السورية ربما يقررون انتظار رؤية نتائج التدخل الإيراني قبل القيام بحركتهم.

التدخل الإيراني قد يقنع أيضا روسيا والصين بالاستمرار في رفض تدخل الأمم المتحدة المحتمل لوقف المذابح في سوريا.

الأهم من ذلك، كما تشير بعض الدوائر في طهران، أن بمقدور الجمهورية الإسلامية أن تروج لحل يمكن من خلاله أن يطلب من الرئيس الأسد التنحي حتى يتمكن النظام البعثي من الاستمرار في صورة جديدة.

على الرغم من كل هذا فإن فرص طهران في النجاح محدودة للغاية. فبداية، لم تشعر القوات المسلحة السورية يوما بالطمأنينة تجاه المحور السوري –

الإيراني. وعلى الرغم من توقيع الدولتين ميثاق دفاع مشترك، فإن التعاون المشترك بين الجيشين الإيراني والسوري لا يزال محدودا، فإيران ترتبط بتعاون أوسع نطاقا مع كوريا الشمالية وفنزويلا منها مع سوريا. فيما تبدو النخبة السورية متحفظة تجاه التحالف مع الإمامية الإيرانية.

يزعم حزب البعث أنه يؤيد الدولة العلمانية غير الطائفية ذات التوجه الاشتراكي، في الوقت الذي يقوم فيه النظام الإيراني على طلاسم دينية وخرافات طائفية وكراهية للتوجه الاشتراكي. ولذا فإن سوريا التي ستدار بشريعة ولاية الفقيه، قد لا تغري الكثير من أفراد النخبة السورية.

 وإذا ما نجحت طهران في جعل سليماني رجلها الفعلي في سوريا، ربما تثبت الثورة السورية قدرة أكبر على المقاومة أكثر مما يتخيل خامنئي. وقد فهم أحمدي نجاد وصالحي ذلك، ولهذا السبب، حاولا بشكل خفي، وضع حاجز بين إيران وسوريا.

ليس لإيران مصلحة في مساعدة تحطيم الثورة السورية. وتدخلها العسكري يمكن أن يفتح طريقا للدول الأولى لإرسال قوات إلى سوريا.

إن الحصافة تقتضي أن يضع واضعو السياسة الإيرانية في حسبانهم إمكانية نجاح الثورة السورية في تغيير النظام في دمشق.

ربما تجعل محاولات خامنئي وسليماني لمنع سوريا من التحول في معسكر الأعداء من ذلك أمرا محتوما.

الشرق الأوسط – ٢٠/١/٢٠١١

http://www.aawsat.com//leader.asp?section=3&article=659802&issueno=12106