سوريا بدها حريه – فداء حوراني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 10 janvier 2017

Fida Horani

السلام عليكم، السلام لكم ،والسلام لسوريا

لم تكن وحشية النظام التي شهدها العالم خلال الست سنوات الماضيه خارج سياق الخمسين عاما الذي حكم بها سوريا بل هي جزء من هذا السياق وتتويجا له و كلنا يعلم ما عاناه الشعب السوري من مظالم فظيعه من خمسين عاما، وعلى من لا يعلم ان يتخيل ذلك على ضوء  الست سنوات الماضيه .لكن في الحقيقه إن أخطر ما عانته سوريا كان سياسة النظام التفتيتيه المتعمدة لنسيج المجتمع السوري وعلى كل المستويات والتي كان أخطرها على الإطلاق سياسة التمييز الطائفي التي راهن عليها كضامن لاستمراره ووجوده .رغم ذلك لم يتم التعبير عن هذه المظالم المتراكمة لحد الانفجار باندفاعات طائفية معاكسه ذات صبغة متخلفه ،بل أطلقها السوريون ثورة حريه ضد الأبد الطائفي المتوحش .كانت هذه معجزة الثورة السوريه ، ومعجزة السوريين ، وربما كانت اخطر ما واجهه ويواجهه النظام .أرادها السوريون ثورة حريه، لأن الحرية هي الضامن للحق والعدل فهي أسمى القيم الإنسانية التي تعري النظام ووحشية استبداده، وقيمه المنحطة، فتحاصره وتصيبه في مقتله . وأرادها النظام ردة فعل طائفية عنيفه-حربا أهلية- لأنها الوسيلة الوحيدة التي تبرر جرائمه وتساوي بين الضحية والجلاد وتشوه وجه الثورة وتجردها من بعدها القيمي فتعزلهاعن محيطها الداخلي والإنساني .أرادها السوريون ثورة حريه لأن هذا الشعار « سوريا بدها حريه   » عابر لكل الطوائف يوقظ كل القلوب ويطمئنها لمستقبلها، فهو شعار وحدة سوريا والسوريين . بينما ارادهاالنظام عنفا طائفيا مفتتا للسوريين ومقسما للمجتمع لأن ذلك يزود محرقته الإجراميه بوقود بشري لا ينفذ .

في الوقت الذي كانت ملايين الحناجر تغني للحريه في سوريا من أقصى جنوبها الغربي إلى أقصى شمالها الشرقي  مرورا بكل المدن والارياف السورية ،و الكردية منهاوالتي استجابت بسرعة كبيره للثوره ، كانت رموز النظام منذ الأيام الأول للمظاهرات تصفها بالمؤامره الطائفيه الإرهابية، وترمي ببعض حقوق المواطنه الطبيعية  للمكون الكردي السوري في سياق محاولة النظام المستمرة لعزله عن ثورته واحتوائه . وعمل طابوره الخامس مبكرا جدا على لصق الشعارات الطائفيه المرعبة بالمظاهرات  لتفتيت جبهة الحريه ولإضفاء لون واحد على المحتجين ، واذكر ما اشيع عن مظاهرات حماه بأنها أطلقت شعار العلوي للتابوت والمسيحي عبيروت بينما كانت مظاهرات المدنيه في ساحة العاصي تهتف للمناضلة مي سكاف كل مساء وكانت  الساحه قد رددت من قبل  قسما للثوره مع  احد المعارضين من الجبل ،قسما على التوحد والاستمرار في طلب الحريه .كلنا ايضا يذكر تلك الفيديوهات لمناظر التعذيب المجنون بفظاعتها وبإيحاءاتها الطائفيه اللتي انتشرت كالنار بالهشيم والتي أراد النظام من تسريبها إشاعة الخوف واستفزاز المشاعر الطائفيه وقطع الطريق نهائيا أمام اي محاولة انفضاض قد تبدأ ممن راهن على ولائهم له ضمن عقود من سياسته التمييزية .تزامن ذلك مع استعمال مصطلح الحرب الأهلية مبكرا  في الإعلام الغربي في سياق من التواطئ الإعلامي -اكثر منه جهلا -لوصف ما يجري في سوريا بينما كانت المذابح المتنقلة تجري في المناطق الثائرة على قدم وساق وكل الاسلحه تستعمل لاقتحام بؤر التظاهر .ضمن هذا السياق  العنفي الطائفي للنظام لحصار الثوره وتحويلها  الى حرب أهلية  تمهيدا لوصمها بالإرهاب تدخل حزب الله  تحت شعارات طائفية واضحه و مقززة  ، وتدخل النظام الإيراني  الذي يعتمد نشر مذهب ولاية الفقيه مرتكزا لمشروعه التوسعي، بشكل مباشر، وانتهج الطرفان القصف والقتل والذبح والتجويع والتشريد سياسة للتغيير الديمغرافي في سوريابشكل عام ، وللتطهير العرقي في المناطق المهمة لمشروعها بشكل خاص، اعتمداه أسلوبا لكسر إرادة الحاضنة الشعبية للثوره التي لا تؤمن بولاية إلا ولاية الحرية والعدل والكرامة الانسانية .مراحل كثيره مرت على الثوره منذ انطلاقتها، وكثر من ساهموا في محاولة حرف مسارها. اليوم يشعر السوريون أن ثورتهم على أعتاب مرحلة جديده وخطيرة جدا، لا تستدعي تغيير الأساليب والتكتيك فقط ، بل تستدعي منهم الالتفاف والتوحد حول شعار الحريه ،وفي قمة الأهمية توحد  السلاح  حوله وتحت رايته وذلك لا بحق دم  الشهداء الأحرارالسلميين فقط ، بل بحق من استشهد في المعارك حاملا السلاح -تحت مختلف المسميات والرايات التي فرض اختلافها عليه-  وذلك دفاعا عن حلم  واحد في قلبه وهو حلم السوريين بالحريه والخلاص من النظام ،وأن يعود دوره كما بدأ حاميا لحاضنته واساليبها في مواجهتها للنظام  ولحلمها بالحريه.واذ كنا نطالبهم بالتوحد فالأولى والأسهل أن نقوم بها نحن هنا ،وان نتحد ونتقاسم وننسق  نشاطاتنا ،يمين يسار  قومي متدين غير متدين الخ ، تحت شعار سوريا بدها حريه -حرية الكلمه والراي  حرية الصحافه حرية الأحزاب حرية النقابات الحريه من الخوف بقانون يحمينا ويساوي بيننا الخ . اليوم يريدون ان يدخلوا في عقولنا أن ما يجري هو لعبة دوليه فقط لا وجود للسوريين فيها ، نظاما ومعارضة على السوء، وانا اقول : ربما استطاعوا تهميش او تجاهل المعارضة السياسيه ، وأقول ان النظام كان- ومن الأصل -يستمد بقاءه وسيادته من سياسة وموافقة داعميه، ولم  يستمدها من السوريين  في اي يوم على الإطلاق.  ولكنكم أنتم  اصحاب كل سيادة ومنبعها ولن يستطيع احد تجاوزكم اذا ما اسمعتم صوتكم . فرصوا الصفوف فإن سوريا بدها حريه .

 ودمتم

فداء حوراني

14/1/2016