سوريا في معتقل البعث/الأسد – قصة وطن (1) – خلود الزغير

Article  •  Publié sur Souria Houria le 18 mars 2012

 سوريا في معتقل البعث/الأسد – قصة وطن (2) – خلود الزغير

واحدية الخطاب وتلازم الحل

 1946

كانت حماة مدينة للحراك السياسي الشعبي منذ الاستعمار الفرنسي، وعرفت تكتلين سياسيين، اجتماعيين وانتخابيين بارزين تنافسا منذ الاستقلال هما: الأسرالإقطاعية والأسر التابعة لها في المدينة والريف، بينما ضمّ التكتل الثاني الاشتراكيين العرب منذ بدء حركة الشباب. وقد ظهر هذا جليّاً في الانتخابات البرلمانية لعام 1943

بعد الانفصال عن مصر انضم للتكتل الأول، الأسر الإقطاعية، الإخوان المسلمون وعدد قليل من بقايا وكلاء النظام المصري. خاض هذا التكتل الجديد الانتخابات التي جرت في عهد الانفصال 1961 بقيادة ما أسموه لجنة أحياء المدينة ولكن النجاح لم يكن من نصيبهم حيث فاز الاشتراكيون

في بدايات عام 1964، أي بعد سنة على استلام البعث السلطة، عرفت المدن السورية محاولات للقيام بإضراب ومظاهرات تمهيداً للثورة من قبل الناصريين والإخوان المسلمين ولكنّها باءت بالفشل. فكان أن عرضت لجنة أحياء المدينة في بداية شهر نيسان 1964 على الاشتراكيين العرب التحالف معها للنضال في سبيل إسقاط حكم حزب البعث، فكان رد الاشتراكيين العرب عبر زعيمهم أكرم الحوراني: « إنني لا أوافق على التعاون مع هذه اللجنة إلاّ بشرط أن يقتصر اتفاقنا على المطالبة بإلغاء الأحكام العرفية وعودة الحياة البرلمانية الديمقراطية للبلاد، فإذا تمت الموافقة على هذا الشرط، فيمكن أن نبدأ هذا التعاون بتقديم مذكرة ترفع لحكومة البعث باسم مدينة حماة موقعة من جميع هيئاتها ورجالاتها على مختلف اتجاهاتهم السياسية » . هذا الرد لأكرم الحوارني لا يمكن تفسيره بموقف أقل راديكالية من لجنة أحياء المدينة أبداً، بل لمعرفتة وتجربته القريبة من مؤسسة الجيش والحزب وتوقعه النتائج المحتملة

تم الاتفاق بين لجنة أحياء المدينة والاشتراكيين العرب وتقدمت مدينة حماة لمحافظ المدينة آنذاك (عبد الحليم خدام) بتلك المذكرة الاحتجاجية ليرفعها للحكومة. لكن بعد إهمال المذكرة وعدم الاستجابة لها، عرضت لجنة أحياء المينة على الاشتراكيين العرب هذه المرة القيام بثورة مسلّحة لإسقاط الحكم، المحاصر حينذاك، من مصر والعراق الداعمين للثورة. لكنّ الاشتراكيين العرب نصحوا جماعة أحياء المدينة حينها التبصر بعواقب استعمال العنف وما سيجلبه للمدينة من انتقام وحشي. بقيت لجنة أحياء المدينة مصممة على خيار التسلّح وبقيت أجواء المدينة على عتبة الانفجار إلى أن بدأت الثورة المسلحة في 7 نيسان 1964

كيف بدأت؟

بحادث طلابي في مدرسة عثمان الحوارني، لكن السلطات البعثية عالجته بصورة استفزازية لا مبرر لها ففجّرت الأوضاع المحتقنة أصلاً. حيث كتب طالب على الحائط « لا حكم إلاّ لحزب البعث » فشتم طالب آخر هذا الحزب وكتب « لا حكم إلاّ لله ». اعتقل الطالب ولم تثمر كل المحاولات لإطلاق سراحه!! وقام وزير التربية والتعليم آنذاك (شبلي العيسمي) بإصدار قرار نقل عدد من مدرسي الدين من المدينة، فتبع ذلك إضراب لطلاب المدارس الرسمية والخاصة احتجاجاً، وفي صلاة الجمعة، بعد يومين من الحادثة، خرج المصلون بمظاهرة احتجاج قمعها الجيش بالقوة وسقط فيها قتيل وبعض الجرحى، فأضربت المدينة إضراباً عاماً شاركت فيه كل الفئات والشرائح الاجتماعية والسياسية. وعندما حاولت السلطات فتح المتاجر بالقوة عن طريق خلع الأقفال اصطدمت بمقاومة مسلحة مما أدى إلى دخول الجيش للمدينة وخاصة أحيائها القديمة للقضاء على الثورة المسلحة

بعد دخول الجيش حماة، تُعزل المدينة عن العالم الخارجي تماماً، فقط تصل أخبارٌ ممن استطاع التسلل هارباً، أن البيوت هُدّمت والجوامع قُصفت، كانت أول مرة تقصف فيها الجوامع بسوريا بعد أن كانت مكاناً لحماية المتظاهرين أيام الإستعمار الفرنسي. عندما اعتصم الشيخ (مروان حديد) مع بعض أنصاره في جامع السلطان حاصرت الدبابات الجامع وقصفته بالمدفعية، (مروان حديد) الذي شكّل بحماة جماعة دينية ذات اتجاه ديني مستقل عن مشايخ حماة وعن جماعة الإخوان المسلمين وكان يبشّر بالجهاد المسلح للإطاحة بحكم البعث الطائفي . توقف إطلاق النار بحماة في 16 نيسان نتيجة توسط بعض رجالاتها أمثال الشيخ محمد الحامد وابراهيم الشيشكلي ونتيجة لمساعي التهدئة التي بذلها أمين الحافظ، وهؤلاء أنفسهم توسطوا لإطلاق سراح مروان حديد من السجن بعد القبض عليه حيّاً في جامع السلطان، الذي قُصف بالمدفعية، والحكم عليه بالإعدام، وقد لام مروان حديد كلّ من الشيخ محمد المحاميد وأمين الحافظ على مساعيهم وحرمانه من الشهادة

كيف انتهت؟

صدرت قائمة بأسماء بعض الأشخاص الذين تقرر اعتقالهم وإحالتهم على المجلس العرفي بتهمة التآمر على سلامة الدولة ومناهضة المبادئ الإشتراكية والتعاون مع الاستعمار بالإضافة إلى مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة

إغلاق مدرسة عثمان الحوراني الثانوية الرسمية في حماة نهائياً ونقل مدرسيها وموظفيها وتوزيعهم من قبل وزارة التربية والتعليم

إصدار مجموعة أوامر عرفية من بينها أمر عرفي رقم 71 بوجوب فتح الأفران والمحلات مع تطبيق أقصى العقوبات بالمخالفين

التغطية على ما حدث

خرج وزير التربية ووزير الإعلام بالوكالة (شبلي العيسمي) بتصريح ليغطي على ما جرى مدعياً أنه لم يسقط سوى قتيلين فقط! فصرّح:  » لقد بدأت حوادث حماة قبل أيام حين اعتقل أحد الطلاب ونقل بعض الأساتذة والمعلمين فحاولت إحدى المدارس القيام بمظاهرة في حي الحاضر، انطلقت أثناءها بعض الرصاصات مما أدى إلى مقتل أحد المواطنين وقد ثبت أن الرصاصة قد أتت من مكان عال يرجح أنه أحد السطوح مما يدل على أنها لم تصدر من رجال الأمن، وقد استغلت هذا الحادث العناصر الرجعية الحاقدة والاقطاعية التي لم تكتم حقدها منذ تطبيق الاصلاح الزراعي وتطبيق الخطوات الاشتراكية الأخيرة فأضرب عنئذ قسم كبير من المحلات التجارية … لهذا السبب اتخذت السلطة الإجراءات الحازمة فوضعت حدّاً للعبث والتخريب، وقد حدث أن انطلقت بعض الطلقات من بعض البيوت مما اعتبرته السلطة تحدّياً للثورة فوقفت منه موقفاً حازماً واعتقل المحرضون وسينظر المجلس العرفي بقضيتهم في الساعات القادمة ». كما وألقى العيسمي بالمسؤولية بازدياد نقمة الشعب على وزير الإصلاح الزراعي وقراره بالاستيلاء على أراضي 262 ملاكا زائدة عن الحد الأعلى للملكية الزراعية بموجب قانون الإصلاح الزراعي

في كلمته في دمشق بمناسبة ذكرى عيد الجلاء يتهم (أمين الحافظ) الأهالي بالتآمر ويهددهم: « نحن نقول للمتآمرين ومن خلفهم ما هي إلاّ أيام قليلة حتى نسحقهم ومن معهم ومن خلفهم وسيعلم المتآمرون أي منقلب ينقلبون ». وعندما عاد لحماة اجتمع بلجنة أحياء المدينة وتابع تهديداته قائلاً: « سنحكم بالموت على من يستحق الموت، ونعاقب بالسجن المشاغبين وسنسوقهم إلى تدمر مشياً على الأقدام حيث يبقون حتى يتحولوا إلى أناس طيبين ولسوف نمشط المدينة لمصادرة السلاح ولن نترك فيها غير سكاكين المطبخ »

كما وصف الإعلام بجرائده اليومية المشاركين بثورة 1964 بصفة : « المندسين »

رافقت أحداث حماة 1964 إضرابات في مدن سورية عدّة مثل حمص ودمشق وحلب واللاذقية وجبل العرب، وأصدرت بيانات احتجاج على الرد الهمجي للسلطة من نقابات المحامين والأطباء والمهندسين والصيادلة تطالب بالحرية والديمقراطية والكرامة للشعب السوري وتدعو للإضراب العام

1982

بعد خروج (مروان حديد) من السجن تابع دعوته الجهادية ضد النظام « الطائفي » مكفّراً غالبية الطوائف الدينية في سوريا مما أبقى دعوته محدودة حتى داخل مدينته ومستقلة عن التيارات الإسلامية الأخرى في حماة ومنها جماعة الإخوان المسلمين، فإعتقل بعام 1967 ثم أفرج عنه أثناء الحرب ليبدأ مرحلة إعداد وتدريب مجموعات مقاتلة من الشباب للمشاركة، بدايةً، بالعمل الفدائي، ثم لم يلبثوا أن تحولوا لتشكيل نواة العمل العسكري المسلح تجاه النظام « النصيري » كما يسميه مروان حديد. وعندما فاوضه حافظ الأسد على وقف العمل المسلح قَبِل بشرط أن يبايعه الأسد على إقامة إمارة إسلامية بسوريا. ألقي القبض عليه بشقته بدمشق بعد معركة صغيرة وبدل أن يقدم لمحاكمة مدنية عادلة على جرائمه بحق المواطنين السوريين المدنيين مات تحت التعذيب عام 1975 في معتقلات النظام. فكبرت جماعته أكثر وزاد مريدوه والمتعاطفون معه وتابع المسيرة بعده تلميذه (عدنان عقلة) الذي شكل مع بِضعِ مئات ما سمّي ب « الطليعة المقاتلة » قامت بعصيان مسلح ضد النظام بدأ بتفجير مدرسة المدفعية في يونيو 1979م في مدينة حلب، واغتيالات طالت علماء ومثقفين على أساس طائفي، وقد تبرّأت جماعة الإخوان المسلمين من هذه العمليات. ثم محاولة اغتيال حافظ الأسد عام 1980 أثناء مراسم استقباله لأحد الرؤساء مما أدى لإصداره المرسوم 49 من المستشفى القاضي بإعدام جميع المنتسبين لجماعة الإخوان المسلمين وقد نفذ المرسوم فوراً بمجزرة سجن تدمر

في ظل هذا الصراع بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين ممثلة لدى النظام بالطليعة المقاتلة ، تفجر الوضع بشهر شباط 1982 حيث استمرت الحملة بقيادة رفعت الأسد 27 يوماً والكل يعرف بعضاً مما حصل من حملة الإبادة الجماعية لثلث المدينة والمجازر التي ارتكبت بحق الأطفال والنساء والشيوخ والرجال المنتمين وغير المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، المسيّسين والذين لم يعرفوا السياسة، مجازر تم بها تصفية أولئك الجهاديين في الطليعة المقاتلة ومعهم (فقط) ما يقارب الثلاثين ألفاً من المدنيين

في خطابه بين الجماهير الغفيرة يصرخ حافظ الأسد أمام حشدٍ من الشعب المصفق: « أيها الأخوة المواطنون (تصفيق هتافات) أيها الأبناء لا شيء أخطر على الإسلام من أن تُشوِّه معانِيهُ ومضامينه وأنت تلبس رداء الإسلام، وهذا ما يفعله الإخوان المجرمون. هذا ما يفعله الإخوان المجرمون يقتلون باسم الإسلام، يغتالون باسم الإسلام، يذبحون الأطفال والنساء والشيوخ باسم الإسلام، يقتلون عائلات بكاملها باسم الإسلام. يمدّون يدهم إلى الأجنبي وإلى عملاء الأجنبي وإلى الأنظمة الأمريكية العميلة على حدودنا، يمدون إلى هؤلاء أيديهم ليقبضوا المال وليأخذوا السلاح ليغدروا بهذا الوطن، ليقتلوا المواطنين الذين عاشوا معهم في وطنٍ واحد في مدينةٍ واحدة في حيِّ واحد وأحياناً في بيتٍ واحد (تصفيق وهتافات). هذا ما يفعله المجرمون من الإخوان المسلمين، يمدون يدهم إلى الأجنبي مباشرةً، ويمدون أياديهم إلى وكلاء أمريكا على حدودنا يقبضون المال ويأخذون السلاح ليغتالوا هذا الوطن، ليقتلوا هذا الوطن، ليضعفوا هذا الوطن في وقتٍ تقفون فيه وحدكم في مواجهة أشرس عدوٍّ وأشرسِ عدوان (تصفيق وهتافات) »

إن أحداً من هذه الجماهير الغفيرة لم يستطع أن يسأل القائد المفدى من قتل باسم الوطن الأطفال والنساء والشيوخ؟ من قتل عائلات بأكملها باسم الدفاع عن الوطن؟ من مدّ يده للأجنبي والأنظمة الأمريكية العميلة حين سلم عميلتها « اسرائيل » الجولان قبل دخول جيشها. إن أحداً لم يستطع أن يرفع صوته ليقول للقائد البطل من يقتل المواطنين السوريين أيام الثمانينات في المدن والسجون السورية ومن يقف على الجبهة أمام العدو « الشرس »

بعد عام 1982 اختُزلَ الشعب السوري في حماه بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابيين وتم تعميم هذه الصورة في الوعي الشعبي الاجتماعي والسياسي السوري لثلاثة عقودٍ دون استثناءات واضحة تذكر. وعمل النظام بشكل منهجي، عبر ممارسة العقوبات الجماعية، على ترسيخ الانطباعات المعمّمة لدى الرأي العام من قبيل كل حموي = اخواني وكل إخواني « طليع مقاتل ». تحت ثقل رعب الدولة الأمنية وتحكّم إعلامها في ذلك الوقت كانت عملية تعميم هذا الاختزال على أهل حماه في باقي المدن السورية أمراً ليس بالصعب، حتى أنّ بعضهم لم يعرف حقيقة ما جرى إلاّ متأخراً وبعض من عرف أيّد القائد التقدمي في حربه على أهل حماة « السفاحين المجرمين الطائفيين »

عوقب كل من وقع بياناً في نقابات المحامين والمهندسين والأطباء والصيادلة، وفرض الدعم الخارجي الكبير للأسد يومها تعتيماً إعلامياً عالمياً على المجزرة التي مرت بغفلة عن سمع وبصر بعض السوريين أيضاً

2011

مضى ثلاثون عاماً من الصمت، تخللها مرة أو اثنتين صوت من هنا أو هناك ما لبث أن خفت في معتقلٍ أو منفى أو قبر. شمسٌ ما بدأت تخرج من بلدانٍ مجاورة أشعلها شابٌ نبتَ من أرض الشعب وأبعد ما يكون عن السياسة وأحزابها. رويداً بدأ الجليد يذوب شيئاً فشيئاً عن أزهار نبتت أيضاً في أعوام الدم والخوف الثلاثين

كيف بدأت؟

حادثٌ طلابيٌّ أيضاً يحصل بكل مدارس العالم، أطفال درعا هذه المرة كتبوا عبارات على الحائط سمعوها في ثورة تونس ومصر: « الشعب يريد إسقاط النظام » « ارحل » « اجاك الدور يا دكتور ». اعتقل الطلاب ال15 وفشلت كل المحاولات لإطلاق سراحهم، قيل لآبائهم « انسوهم وأنجبوا غيرهم وإن لم تستطيعوا أحضروا لنا نساءكم! »

قام مجموعة من المثقفين والنشطاء باعتصام أمام وزارة الداخلية بدمشق للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بسوريا وما أكثرهم، ضربوا وسحلوا واعتقل 32 امرأة وشاب بينهم أطفال

خرجت مظاهرات الكرامة بدرعا تطالب بأطفالها وكرامتها وبعض الإصلاحات سقط من اليوم الأول أربعة شهداء وعدد كبير من الجرحى على أيدي قوات الأمن التي ردت فوراً بالرصاص الحي، وبدأ عداد الشهداء يسجل وخيط الدم يجتاز المدن والبلدات السورية ليرسم شكلاً جديداً للوطن. درعا .. حمص .. بانياس.. اللاذقية .. حماة ..السلميّة .. دير الزور .. ادلب.. قامشلو .. الحسكة .. الرقة.. السويداء.. حلب.. سوريا أصبحت خارطة دمٍ

التعليق على الأحداث والتغطية عليها

منذ الأسبوع الأول وحتى الآن خطاب واحد يتردد على لسان « سيد الوطن » وعملائه الإعلاميين والسياسيين والمسؤولين على ندرة خروجهم الإعلامي، سوريا بخير وهؤلاء ليسوا إلاّ ثلّة من المندسين، المخربين، السلفيين، الإرهابيين، الرعاع، الحثالة، العملاء، العصابات المسلحة…الخ.

الآن

هي الثورة الثالثة للشعب السوري على حكم البعث والثانية على عائلة الأسد، التاريخ لا يكرر نفسه استنساخاً لكنه يعاد غالباً استذكاراً، يتقاطع حيناً ويتنافى بعض الحين لتغتني تجربة شعبٍ بأكمله

في التاريخين السابقين اضطرت الأيديولوجية الدينية أن تلبس ثوباً سياسياً لتصل للسلطة آنذاك ولم تصل. لضيق الثوب والأيديولوجية على المجتمع السوري أولاً ولأنها كانت ثورة تيار سوري واحد وليست ثورة شعبية شاملة ثانياً ولأنها رفعت السلاح بوجه جيش نظامي بكامل عداده وهمجيته ثالثاً وقبل كل شيء

اليوم يُخشى على الثورة الشعبية التي يشارك بها مجمل التيارات السياسية والشرائح الشعبية والمدن والطوائف والقوميات والتي بدأت « سياسيّة » المطالب والأهداف، أن تقع بفخ النظام وجهل المعارضة ومُغامريها. بأن تضطر أيديولوجيتها السياسية بشعاراتها المدنية والوطنية التعددية الديمقراطية أن تدخل عميقاً بالثوب الديني الثمانيني، وبدعوات التسلح « الكيفية » دون خططٍ تنظيمية تساعد الجيش السوري الحر كجيش « وطني » على حماية الثورة والدفاع عنها وعن نفسه أيضاً كي تستمر الثورة داخل أرض تتوفر فيها الحد الأدنى لشروط المعركة ودون تجاهلٍ لموازين القوى

نذكّر فقط أنه ببدايات الثورة كانت سيارات الأمن والشبيحة تترك الأسلحة في وسط الشوارع للمتظاهرين كي يأخذوها. نذكّر أيضاً أنه بالحروب الأهلية، وحدها، تكون الخسائر من صفوف الشعب بينما تخرج القيادات سليمة معافاة إلى المنفى أو تترفع لمنصب قادة وأبطال ورؤساء

باحثة في جامعة السوربون الجديدة – باريس

 الأحد 18 آذار 2012

http://www.alsabahsyria.com/index.php/opinion/200–1

 سوريا في معتقل البعث/الأسد – قصة وطن (2) – خلود الزغير