سورية: المدنيون يدفعون ثمن احتدام المعركة على حلب

Article  •  Publié sur Souria Houria le 24 août 2012

إن المدنيين يكابدون مستوى مرعباً من العنف في المعركة الدائرة للسيطرة على حلب

إن المدنيين يكابدون مستوى مرعباً من العنف في المعركة الدائرة للسيطرة على حلب

© Amnesty International

استخدام الأسلحة غير الدقيقة، مثل القنابل غير الموجهة وقذائف المدفعية والهاونات، قد زاد على نحو هائل من حجم الأخطار التي يتعرض لها المدنيون

دوناتيلا روفيرا، كبيرة المستشارين لشؤون مواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية
Thu, 23/08/2012
 

تقول منظمة العفو الدولية في تقرير موجز جديد بشأن سورية إن المدنيين يكابدون مستوى مرعباً من العنف في المعركة الدائرة بين القوات الحكومية السورية ومقاتلي المعارضة للسيطرة على حلب- أكبر مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية.

ويستند التقرير، المؤلف من 11 صفحة، (وشريط الفيديو المرافق) إلى تحقيقات ميدانية مباشرة أجرتها منظمة العفو الدولية في النصف الأول من أغسطس/آب.

ويوثق التقرير لعمليات القصف المتزايدة بالطائرات والمدفعية للمناطق السكنية، التي كثيراً ما تتخذ شكل هجمات عشوائية تتهدد حياة المدنيين على نحو خطير.

وفي هذا السياق، تقول دوناتيلا روفيرا، كبيرة المستشارين لشؤون مواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية، إن « استخدام الأسلحة غير الدقيقة، مثل القنابل غير الموجهة وقذائف المدفعية والهاونات، قد زاد على نحو هائل من حجم الأخطار التي يتعرض لها المدنيون ».

فخلال زيارة استمرت 10 أيام للمدينة، قامت منظمة العفو الدولية بتقصي نحو 30 هجوماً قتل وأصيب خلالها عشرات من المدنيين غير المشاركين في الأعمال العدائية، العديد منهم من الأطفال، في بيوتهم، أو أثناء اصطفافهم لشراء الخبز، وحتى في الأماكن التي لجأ إليها من نزحوا بسبب النزاع نتيجة للهجمات العشوائية على الأحياء السكنية.

وكثيراً ما لم تميِّز الهجمات بين مقاتلي المعارضة والسكان المدنيين، وبدا أنها موجهة بصورة عشوائية نحو الأحياء الخاضعة بحكم الأمر الواقع لسيطرة مقاتلي المعارضة و/أو التي يتخذ منها مقاتلو المعارضة معاقل لهم أو يعملون منها، عوضاً عن استهداف مواقع عسكرية محددة.

وبين ضحايا مثل هذه الهجمات 10 أشخاص من عائلة الكيالي، بينهم سبعة أطفال، قتلوا عندما تحولت بيوتهم إلى أنقاض نتيجة غارتين جويتين شنتا على المنطقة بعد ظهر 6 أغسطس/آب.

وتوفي بعض الضحايا في الأماكن نفسها التي اتخذوا منها ملجأ عقب اضطرارهم إلى الفرار من بيوتهم بسبب القتال. وكانت بين هؤلاء أمينة الهندي، التي قتلت مع زوجها ووالدتها وابنة أخيها البالغة من العمر ثلاثة أشهر. وكانت وزوجها قد هربا من بيتهما بسبب القتال وأقاما في بيت أخيها، الذي تعرض لنيران المدفعية في 8 أغسطس/آب.

ويوثِّق التقرير الموجز كذلك كيف قتل مدنيون وجرحوا أثناء اصطفافهم لشراء الخبز- حيث تعاني حلب حالياً من شح في الخبز وتشهد المخابز صفوفاً طويلة ممن ينتظرون شراء الخبز ليلاً ونهاراً. ففي 12 أغسطس/آب، قتلت، في الساعة 3 صباحاً، كفاح سمرة البالغة من العمر 13 سنة، وأخوها زكريا، البالغ من العمر 11 سنة، وجارة لهم، وهي أم لأحد عشر طفلاً، أثناء وقوفهم في الصف لشراء الخبز بالقرب من بيتهم.

وتقول روفيرا: « يواجه المدنيون كل يوم سلسلة من أعمال القصف بالمدفعية من جانب القوات الحكومية في مختلف أجزاء المدنية. وبالنسبة لكثيرين، ليس ثمة مكان آمن، وتعيش العائلات في حالة خوف من عملية القصف التالية ».

إن عدم الأخذ في الحسبان سلامة المدنيين البادي للعيان يضاعف من المخاطر التي تنطوي عليها حرب المدن.

وتمضي روفيرا إلى القول: « مع استمرار تصاعد الإصابات في صفوف المدنيين، من واجب جميع الأطراف- سواء القوات الحكومية أم مقاتلي المعارضة- التقيد بالقانون الإنساني الدولي، الذي يقتضي منها اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتلافي الخسائر بين المدنيين ».

« وينبغي أن يتوقع المسؤولون عن الهجمات العشوائية ضد المدنيين وغيرها من جرائم الحرب أنهم سيحاسبون. »

وقتلت الأغلبية الكاسحة من ضحايا القصف الجوي والهجمات بالمدفعية على أيدي القوات الحكومية، بينما لم يكن بالإمكان تحديد مصدر الهجمات في بعض الحالات.

وبينما يستخدم مقاتلو المعارضة في معظم الأحيان أسلحة خفيفة قصيرة المدى، فقد استخدموا كذلك أسلحة غير دقيقة التصويب وعشوائية (كمدافع الهاون والصواريخ المصنوعة محلياً)، التي تشكل خطراً على حياة المدنيين بالمثل.

ويسلط التقرير الضوء كذلك على تطور مثير للقلق البالغ، وهو الزيادة الحادة في عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام دون محاكمة لمدنيين لا صلة لهم بالنزاع على أيدي القوات الحكومية. فكثيراً ما عثر على جثث أشخاص طمرت جثثهم بالقرب من المقر الرئيسي لمخابرات سلاح الجو في منطقة تسيطر عليها القوات الحكومية بالكامل، وكان معظم هؤلاء من الفتيان، بينما كانت أيديهم مكبلة في العادة واستقرت رصاصات في رؤوسهم.

ومع استمرار النزاع المسلح، ثمة بواعث قلق متنامية بشأن زيادة الانتهاكات، بما في ذلك القتل غير القانوني وإساءة معاملة الأسرى، من قبل مقاتلين ينتسبون إلى مجموعة متنوعة من جماعات المعارضة المسلحة، بما في ذلك « الجيش السوري الحر »، التي تنتشر في المدينة.

وقد دعت منظمة العفو الدولية على نحو متكرر قيادة « الجيش السوري الحر » إلى اتخاذ خطوات لوضع حد فوري لمثل هذه الانتهاكات، وضمان فتح تحقيقات محايدة في أعمال قتل الأسرى هذه، وفي أي عمليات قتل أخرى.

واختتمت روفيرا بالقول: « إنه لمما يبعث على الخجل أن يظل المجتمع الدولي منقسماً حول سورية، بغض النظر عن حجم الأدلة على مدى اتساع نطاق انتهاكات حقوق الإنسان وجسامتها، بينما يشيح الجميع بوجوههم عما يحدث، ويدفع المدنيون الثمن الأكبر للقتال المحتدم في سورية ».

المصدر: http://www.amnesty.org/ar/news/syria-civilians-bear-brunt-battle-aleppo-rages-2012-08-23